أخذ من محيطه الكبير ومن عائلته منذ الطفولة حب الخير ونشر التسامح والكفاح من أجلهما، وأضاف إلى ذلك إضافات أدبية واجتماعية وإنسانية خلال مسيرته في الحياة.

مدوّنة وطن "eSyria" وبتاريخ 5 تموز 2015، زارت الكاتب "عبد المسيح قرياقس" في منزله بمدينة "القامشلي" ليضيء لنا في حديث خاص على أبرز المحطات والصفحات المهمة في حياته، يقول: «ولدت في "عين ديوار" عام 1941، وبعد عدّة سنوات انتقلت وعائلتي إلى قرية "كاسان" قرب "المالكية"، وهناك عشت أجمل سنوات حياتي مع مجتمعٍ متنوع الأعراق، منح الزمان جمالاً دعاني إلى تدوين هذه المحطة ومجرياتها في سجلاتي الأدبية، في العام 1960 دخلت كلية طب الأسنان طالباً».

ولدت في "عين ديوار" عام 1941، وبعد عدّة سنوات انتقلت وعائلتي إلى قرية "كاسان" قرب "المالكية"، وهناك عشت أجمل سنوات حياتي مع مجتمعٍ متنوع الأعراق، منح الزمان جمالاً دعاني إلى تدوين هذه المحطة ومجرياتها في سجلاتي الأدبية، في العام 1960 دخلت كلية طب الأسنان طالباً

ويضيف عن سيرته في الجانب الأدبي: «رسائل الحب والمراسلة بيني وبين حبيبتي -زوجة اليوم- هي التي أسست لي لأكون كاتباً من كتاب المنطقة، وحب الأدب قادني لأعين مديراً للمركز الثقافي بـ"المالكية"، وبعد فترة لذات المنصب لثقافي "الرقة".

االسيد فؤاد القس

جعلتُ من تلك المراكز ساحات من العمل الأدبي والتواصل الفكري، وتحديداً في "الرقة" حيث الغِنى برواد الأدب، وتلك العلاقة التي جمعتني مع الدكتور "عبد السلام عجيلي" كانت محطة مهمة من حياتي الأدبيّة، فكانت تجربتي الأولى عام 1966؛ بعد إنهاء قراءة كل كتب "ميخائيل نعيمة"، والتواصل الدوري بيني وبينه كان عاملاً مهماً من عوامل تألقي، ومع نهاية الستينيات بدأت إصداراتي الأدبية الظهور، ومنها: "رأس المال، عبد الناصر والبعث"، وفي عام 1981 أصدرت رواية بعنوان: "مجد المهزومين" مؤلفة من 900 صفحة، تصور الحب والتآخي بين الأديان في منطقتنا هذه، وبالأمثلة المنطقية الواقعية، وقمت بترجمة عملين مهمين لكاتبين فرنسيين الأول بعنوان: "السيمفونية الرعوية" للكاتب الفرنسي "أندريه جيد"، والثاني بعنوان: "عثرة الثوار" للكاتب "هنري ترويا"، ولدي عمل آخر بعنوان: "المسألة الكردية في سورية"».

وللجانب الاجتماعي صفحة مهمة في حياته؛ يطلعنا على فحوى سطورها قائلاً: «بدأ النشاط الاجتماعي الفاعل منذ العام 1962، عندما عيّنت مدرساً للغة الإنكليزيّة في ثانوية "المالكية" وكوّنت مع طلابي تجمعاً شبابياً منظماً، يهدف إلى مساعدة الطلاب الفقراء القادمين من الريف للدراسة في المدينة، فمنهم من كان يترك الدراسة لبعد الريف وبسبب الظروف المادية، لذا افتتحنا صندوق مساعدة مالية مخصص لطلاب الريف وللفقراء، وخلال مدة زمنية وصل عدد المشتركين في الصندوق إلى أكثر من 200 طالباً، وتباعاً وبعد جهد ومتابعات انضم إلى الصندوق بعض الحرفيين والتجار وأثرياء المنطقة، وتطور العمل لتكون المساعدة للأسر الفقيرة في المنطقة، كانت التجربة نادرة وحققت صدى رائعاً، نتيجة المبادرات الإنسانية التي أثرت بالمجتمع.

من أعماله الأدبيّة

وأذكر جيداً أحد الأيام الشتوية، حين انهار أحد المنازل على أصحابه فجأة، وصادف وجودي باجتماع مع 50 من طلابي، فقمنا بكل ما يمليه علينا واجبنا الإنساني، وقررنا إعادة الحياة إلى ذلك البيت المهدم، وفعلاً حققنا ما نصبو إليه.

تطوّر عملنا من الجانب الإنساني إلى المشاركة في الفعاليات الرياضية والفنية والخيرية، وكل ذلك إيماناً منا بقدسية هذا التراب الذي يجمعنا.

بعد عدة سنوات عيّنت مديراً لثانوية "عربستان" بمدينة "القامشلي"، تلك الثانوية التي تضم أكثر من 1500 طالب، ولم يتم فيها أي إصلاح أو ترميم منذ سنوات طويلة، فبدأت مع الطلاب تكوين ورشات عمل من الدهان والنجارة والنظافة، وتحولت المدرسة إلى عروس بعد مدة وجيزة من العمل اليومي، وأيضاً تواصلت مع أغنياء المدينة للمساعدة، وكنت أقوم باستئجار دور سكنية لطلاب الريف، وأزور الفقراء منهم بوجه دائم للوقوف عند احتياجاتهم، ممثِلاً عن كل الجهات والأفراد المشاركين في نهج المبادرات».

أمّا "فؤاد القس" أحد رجالات "القامشلي"، وصديق "قرياقس"؛ فقد تحدث عنه قائلاً: «حضرت أكثر من منتدى أدبي واجتماعي له، فوجدت في رسائله إنسانيةً وأخلاقاً وطنية عميقة، ولديه غيرة كبيرة على سلامة الناس والمجتمع، وقد سخّر نفسه لخدمتهما، يحمل بين جوارحه قلباً نقياً وحكمة كبيرة، وصبراً هائلاً، وهو مبادر من الدرجة الممتازة، وقد شهدت له الكثير من الفعاليات التي حققت إنجازات لا يستهان بها، منها على سبيل المثال دوره الاجتماعي الإصلاحي في أي مشكلة ألمّت أو تلمّ بالمنطقة والبلدة التي يقطن، أما جرأته في الكتابة والنقد فهو سبب من أسباب نجاحاته وإعجابي به كقارئ».