لمع نجمه في كل المحافل الكروية، وارتفع طالعه بين الجمهور، لكن الحظ بقي بعيداً عنه على الرغم من اعتماده على إمكاناته النوعية، إلا أنه لم يقنط؛ فاكتفى بمحبة الناس التي رافقته بين المحافل و"الفلافل".

فعلى الرغم من صناعته للأهداف، ودفع عجلة التقدم لفريقه، لم يتمكن من صناعة هدفه الحياتي، فبقي على ما كان عليه، وخرج من الملاعب كما دخلها.

أن "دعبول" لاعب متميز بكل ما للكلمة من معنى، لكنه لم يأخذ فرصته الحقيقية، ولو أنه وجد في زمن الاحتراف لكان من أفضل اللاعبين في "سورية"، ويتمتع بأخلاق وأدب عاليين في الملعب وخارجه، لذا يعد لاعباً من الطراز النادر، وهو بجدارة من أفضل صانعي الألعاب، وقد ترك بصمته الكروية في كل مكان لعب فيه، لكن ما كان يحد من قدرته الخارقة؛ قصر القامة التي لم تساعده للتعامل مع الكرات الرئيسة، ومع ذلك يبقى اللاعب المراوغ الذي يسعى لصناعة الهدف حتى في حالات الانفراد بمرمى الخصم، وهذه الخاصة يفتقدها أغلب اللاعبين

"عبد القادر شيخ صالح" أو "دعبول" الاسم الذي عرفه به عشاقه وحمله إلى تاريخ اليوم؛ حتى طغى على اسمه الأصلي، تحدث لمدونة وطن "eSyria" عن مسيرته عندما التقته بتاريخ 1 حزيران 2015، قائلاً: «انطلقت من فرق المدارس القاعدية مع مدربي "سمير فاعور"، إلى أشبال نادي "الجزيرة" عام 1982، ليتسلّم زمام أموري المدرب "جان عبدو"، فكنت أترك عربة "الفلافل" لألعب المباريات، وأتقاضى عن كل مباراة 500 ليرة سورية، إلا أنني لم أعمّر مع الأشبال، بعد شهرين فقط انتقلت لألعب مع الناشئين، ومكثت بينهم 7 سنوات خضرٍ، لأرتقي بعدها إلى الشباب وهنا كانت النقلة، كان ذلك عام 1985 وقتها تم اختياري كأفضل لاعب ناشئين على مستوى "سورية"، وقد انتُخبت لألعب ضمن تشكيلة المنتخب الوطني، لكن هذا القرار لم يتعدَّ حدود الورقة التي كتب عليها، لعبت بعدها 3 سنوات مع الرجال، وأذكر أن الدكتور "عمر شيخي" أحد المشجعين للنادي أطلق علي اسم "المكوك"، بسبب أدائي في منطقة الوسط».

دعبول

يتابع: «في دوري الرجال صعدنا إلى الدرجة الأولى؛ عندما لعبنا مع نادي "اليرموك"، وكنت صانع الهدفين اللذين هزا مرمى الخصم، لكن لا يخلو الأمر من هزيمة ما زال طعمها تحت لساني، وهي التي لعبناها مع "الفتوة"، وكانت الخسارة بفارق هدفين لهدف؛ كنت وقتها كابتن الفريق، لكن ما أود قوله إن ما حققناه يعجز عن تحقيقه أقوى الفرق الرياضية، فقد كنا نلعب من دون أدنى المقومات، كان الأغنياء والميسورون من عشاق النادي يتكفلون بشراء التجهيزات، كما كانت فرق الناشئين والأشبال والشباب والرجال، تنتظر أن ينتهي الفريق الذي يلعب لنأخذ منه الأحذية وتنزل إلى الملعب، مع العلم أنها كانت أحذية بلاستيكية أي إنها من أرخص الأنواع، وفي عام 1993 ذهبت إلى "لبنان" لألعب ضمن أنديته، لكن نادي "الجزيرة" لم يستغنِ عني، فتركت الملاعب في ذروة عطائي، وعدت إلى السنين العجاف التي لم تفارق مخيلتي، لألحق بلقمة العيش فانتقلت إلى "حلب" وعملت فيها بين عامي 2004 و2007، ثم عدت إلى عربة "الفلافل" التي لم تنكر عشرتي وبقيت في انتظاري طوال تلك السنين، ولسان حالها يقول "من هنا خرجت وإلى هنا تعود"، لكن مع فارق وحيد أنني جلبت معي هذه المرة حب جمهوري الواسع، واقتصر لعبي على الكرة ضمن فريق متقاعدي نادي "الجزيرة"، وتمسكي بالكرة لهذا التاريخ عدا حبي لها، هو ولائي للقميص الأحمر».

وأكد الكابتن "خليل الزوبع": «أن "دعبول" لاعب متميز بكل ما للكلمة من معنى، لكنه لم يأخذ فرصته الحقيقية، ولو أنه وجد في زمن الاحتراف لكان من أفضل اللاعبين في "سورية"، ويتمتع بأخلاق وأدب عاليين في الملعب وخارجه، لذا يعد لاعباً من الطراز النادر، وهو بجدارة من أفضل صانعي الألعاب، وقد ترك بصمته الكروية في كل مكان لعب فيه، لكن ما كان يحد من قدرته الخارقة؛ قصر القامة التي لم تساعده للتعامل مع الكرات الرئيسة، ومع ذلك يبقى اللاعب المراوغ الذي يسعى لصناعة الهدف حتى في حالات الانفراد بمرمى الخصم، وهذه الخاصة يفتقدها أغلب اللاعبين».

يغازل الكرة

من جهته بيّن الصحفي الرياضي "دحام السلطان": «أن "دعبول" صانع ألعاب الجزيرة في عقدي الثمانينيات ومطلع التسعينيات، ومن أفضل الظواهر الكروية النادرة التي مرت على النادي، والتي لن تتكرر بسهولة في الملاعب على مستوى القطر، وهذا ما برهنه خلال مسيرته الكروية مع فرق النادي الثلاثة "ناشئين، شباب، رجال"، بدليل دعوته لمنتخباتنا الوطنية خلال وجوده في الملاعب، فقد كان رجل كل المباريات والقادر على تحقيق النتيجة؛ وقلبها لمصلحة فريقه بحلوله الفردية وبجهود المهاجمين، الذين كانوا يلعبون أمامه، هو متميز بالمراوغة وقطع الكرات، والتمرير البيني القصير على الأطراف ومن العمق، ويستحق لقب اللاعب البارع والذكي، الذي يجيد حسن التوقع والتعامل مع ظروف كل مباراة، وأعتقد أنه "الجزرية الفريدة"، لكن الظروف القاهرة التي يعيشها وضعت حداً، لغزله الراقي مع الكرة، إلا أنها لم تحل بينه وبين الشهرة، والدليل على ذلك أن النقاد الكرويين ما زالوا يطلقون على اللاعبين صفات مما كان يمتلكه "دعبول" يوماً ما».

ما بعد النجومية