أسست جيلاً تربوياً راقياً، ومنهم روّاد، وبنت علاقات اجتماعية مثالية، لم تبخل بالتدريس والتعليم المجاني وخاصة لذوي الاحتياجات الخاصة، فأخذت مكانة مهمة، ونالت تكريماً مستحقاً.

مدوّنة وطن "eSyria" زارت بتاريخ 19 نيسان 2015، المعلمة "ستيلورات ملكونيان" في مدرستها "عكاظ" بمدينة "القامشلي" للتعرف إلى مسيرتها التربوية، وتقول: «بدأت التدريس منذ عام 1980 انطلاقاً من مدارس الريف، عندما كانت تلك المدارس مصنوعة من اللبن والطين، وأعداد تلاميذ الصف الأول كانت كبيرة، وجميعهم كانوا تحت إشرافي، علماً أنه في ذلك الوقت كانت المدارس وخاصة الريف خالية من الوسائل والوسائط الخاصة بالتعليم، فكنت أخرج إلى البرية بعد الدوام المدرسي وأقوم بجمع بقايا وتوالف البيئة، وأصنع وسائل توضيحية في المنزل، فصنعت العشرات من تلك الوسائل لخدمة المدرسة لسنوات طويلة.

رسمت منافسة بين التلاميذ في حب العلم والنظافة والبيئة، وعلمتهم أننا أسرة واحدة نشترك في كثير من اللوحات الاجتماعية، وتربطني بهم علاقة حميمة رائعة

اعتمد على تعليم تلاميذ الصف الأول التحدث باللغة العربية الفصحى، حتّى إنهم باتوا حديث الناس، وكنتُ أخصص لهم وضمن برنامج ثابت زيارات علمية وأدبية وترفيهية وإقامة مسابقات وأنشطة عديدة، لم تكن موجودة على مستوى الريف كلّه، فزرت مع تلاميذي في ذلك الزمن أكثر من منشأة ومؤسسة خدمية تعرف إليها التلاميذ وكانت ضمن مناهجنا التعليمية، ومن خلال هذه النشاطات بنيت في الريف علاقات اجتماعية متينة مع أسر وأهالي التلاميذ مازالت مستمرة حتّى اليوم».

في يوم تكريمها

وتعتز المعلمة "ستيلورات" بسيرتها التربوية، وتقول: «منذ دخولي سلك التربية، وأنا في عطاء على مدار اليوم الكامل، ففي الفترة الصباحيّة ضمن المدارس، وبعد الظهر عند تلاميذ آخرين لديهم تقصير دراسي أو إعاقة تمنعهم من التعلم الكامل، فكانت هناك طفلة ضريرة، كنت أذهب إليها يومياً أعلمها شتى مواد المرحلة الابتدائية، وسعادتي أنها وصلت إلى المرحلة الجامعية، وذات الحال مع تلميذ آخر كانت لديه إعاقة ذهنية، علماً أنني بذلت الكثير من الجهد معه في الفترة الأولى حتّى بات اليوم من متفوقي مدرسته، والحالات كثيرة سواء تلميذ مقصر أو فقير أو مريض فأذهب إلى منازلهم وأعلمهم من دون أي مقابل.

أغلب التلاميذ الذين أدرسهم يشاركون في مسابقات الرواد، والكثيرون منهم نال الريادة على مستوى القطر، وأكثرهم نالوا الريادة على مستوى المحافظة».

مديرة التربية إلهام صورخان

وتضيف: «رسمت منافسة بين التلاميذ في حب العلم والنظافة والبيئة، وعلمتهم أننا أسرة واحدة نشترك في كثير من اللوحات الاجتماعية، وتربطني بهم علاقة حميمة رائعة».

وفي لقاء "أحمد العبد الله" مدير مدرسة "عكاظ" تحديث عن المعلمة "ستيلورات"، ويقول: «هي نموذج رائع من التضحية والسخاء في العمل، ترافق تلاميذها في أي نشاط يقومون به، وتتعامل معهم كأم بكل ما تستطيع من الحنان والتعليم والتربية والحرص.

تعلم تلاميذها العمل الجماعي وتستغل حصص الفراغ بإعطاء دروس إضافية لمن هو بحاجة حتى لو استمر الإضافي لأيام عديدة ومن دون أي تعويض مادي».

التلميذ "حسون شيخ علي" من تلاميذ المدرسة عبر عن شعور تجاه مربيته فقال: «هي أم حنون من خلال تعاملها معنا، تعلمنا وتسير معنا يومياً لإنجاز أعمال مفيدة، سواء حملة تنظيف أو سقاية أو أداء واجب لمريض من تلاميذ شعبتنا، وفي هذه الأوقات تسخر جهدها من أجل أن تلعب وتمرح معنا لننسى ما حولنا من مشكلات وحروب».

أما "حسين الحميد" أحد أولياء التلاميذ فيقول: «هي أنقى وأرقى معلمة سمعت عنها على مدار سنوات عمري الخمسين، كل أهل الحي يرغبون بأن يكون أبناؤهم في الشعبة التي تدرس فيها، لأنها لا تعلم فقط بل تربي اجتماعياً وإنسانياً وتنمي الطفل التنمية المثالية السليمة، واليوم يقدرها كل أبناء المنطقة كباراً وصغاراً».

"إلهام صورخان" مديرة تربية "الحسكة" تقول: «المعلمة "ستيلورات" قدوة لجميع زملائها، ولأنها تستحق التكريم بادرت المديرية وبوفد رسمي إلى تكريمها أمام تلاميذها وجميع الكادر الإداري والتدريسي في المدرسة».