تجوال دائم ما بين المدن والمحافظات السورية، لنثر رسالته في الخير والإخاء، حيث سطرت مسيرته في الحياة الكثير من الصفحات المشرقة في سبيل ذلك.

مدونة وطن "eSyria" وبتاريخ 22 كانون الأول 2014، التقت أحد الوجوه الخيّرة في محافظة "الحسكة"؛ السيد "محمد عبد الله العاكوب" شيخ عسيرة "الحرب" ليحدثنا عن رحلته الطويلة والمثمرة في سبيل بتر الأحقاد ونثر المحبة والسلام بالقول: «كانت ولادتي في قرية "تل عودة" التي تبعد عن مدينة "القامشلي" مسافة 16كم، ووجدت جدي ومن بعده والدي شيوخاً للعشيرة، فمنذ الصغر كنت أحضر في مجلسهم، فأخذت من خبرتهم الكثير، ومنذ سنوات عمري الأولى زرعوا بداخلي حب الخير والسلام والمحبة، فقد ترسخت تلك العناوين في كياني وأنا طفل، وعلى الرغم من مرافقتي لوالدي خلال قيامه بالواجبات الاجتماعية التي كان يؤديها، إلا أنني تابعت مراحل دراستي ولم أتوقف إلا بعد نيل الشهادة الجامعية وشهادة الهندسة الزراعيّة، وتلك الرحلة الدراسيّة أضافت رونقاً جميلاً وطيباً إلى مشواري في الحياة، وعندما وصلت لمنصب المسؤولية وأصبحت شيخاً ووجيهاً للعشيرة؛ كان بداخلي رصيداً كبيراً للحفاظ على العهد والميثاق والأمانة لمتابعة مسيرة آبائي وأجدادي».

التاريخ يحفظ ويدوّن كل شيء، وهنيئاً لمن يُحفظ عنه تقديراً وتكريماً، وسيرة الشيخ "محمد" مدونة بحروف من إجلال واحترام، فهو في كل مجلس عزاء وضمن أي لوحة اجتماعية في المحافظة، رصدناه في أكثر من قضية وموقف يتصدى لها من أجل حل الإشكال، وفي الأفراح يكون أول المشاركين، وفي دعم الفقراء والمحتاجين والمساهمة بالفعاليات الخيرية رصيده كبير جداً، بابه كباب والده وجده حتّى اليوم مفتوح على مصراعيه مستقبلاً صاحب الحاجة مهما كانت نوعها، ولا بدّ من الإشارة إلى أن المذكور وأسرته لهم دور كبير في تطوير زراعة المحافظة

مشواره حافل بالصفحات المشرقة مما قدمه؛ قال عن ذلك: «الشيخ لا يجوز له استلام "ربعة" أو تصدر الجلسة، بل الواجب فرض علينا أن نؤدي كافة الواجبات الاجتماعية، خاصة أن منطقتنا متنوعة ومزركشة بألوان الطيف الرائعة، فلنا حصة ومكانة عند الجميع، ولم يبق واجب مهما كان نوعه وفي أي بقعة بالمحافظة إلا وكنّا ضمن الحدث، وهو دورنا لأنها فرصة لنوجه المجتمع نحو الخير والصلح والمحبة، ولذلك لا تحصى القضايا والمشكلات والأزمات التي حصلت بين العائلات والعشائر وتصديت لها ونثرنا ما بينهم المحبة من جديد، وفي سبيل ذلك أحياناً نخسر مادياً ونتعب جسدياً، ومع ذلك أكون في قمّة السعادة عندما نعلن الوئام من جديد بين المتخاصمين، فكثيرة هي المشكلات التي أخذت من وقتنا أسابيع عديدة، ويتطلب منّا التنسيق والتعاون بين أي طرف كان، في سبيل إزالة الخلاف والاختلاف، ومنذ عشرات السنين وحتّى اليوم أخرج من منزلي عند الصباح الباكر وأعود عند الليل، وكل ذلك للتجوال والزيارات وتأدية الواجبات، وعند العودة أكون منتشياً بالفرح والسعادة إذا كانت المهمة لتأدية واجب اجتماعي أو إنساني، والحالات كثيرة خاصة الشائكة منها، كالقتل خاصة عندما لا يكون مقصوداً فأنا ووجهاء معي نبادر على الفور لحله، والطلاق، والشجار القاسي، والأمور المالية وتعقيداتها، فلي حصة من إنجازها جميعها».

تطوير الزراعة نهجهم

أكّد الشيخ "محمد العاكوب" أن شيخ العشيرة يتطلب منه الحكمة والمساواة وعدم الانحياز، إضافة لصفات أخرى منها: «العدالة، الذكاء، معرفة الأسس والضوابط القانونية والسليمة لحل الخلافات والمشكلات، إضافة إلى الأمانة والصدق في الأقوال والأفعال فهو بالمحصلة قدوة والعيون تترقبه وتترصده، ولأنه مصلح اجتماعي، ومن أجل سيرتنا ومسيرتنا كانت العائلات والأهالي ينهجون نخوتنا من أجل الصلح من كافة أنحاء المحافظة، وحتى من خارجها فتوجهت إلى مدن "دير الزور، الرقة، حلب" في سبيل الخير والوئام، ووفقنا الله في مهمتنا، وفي هذا الوقت الراهن أصبح دورنا أكبر من الماضي، فالمصالحة الوطنية واجب فرضه الله والمجتمع علينا، فتجاوزنا حدود الوطن من أجل ذلك، وقبيل أيام كنّا في دولة أوروبية في سبيل ذلك، فالوطن أسمى من الجميع».

الباحث التاريخي "جوزيف أنطي" تحدّث تاريخياً عن مسيرة الشيخ "محمد العاكوب" قائلاً: «التاريخ يحفظ ويدوّن كل شيء، وهنيئاً لمن يُحفظ عنه تقديراً وتكريماً، وسيرة الشيخ "محمد" مدونة بحروف من إجلال واحترام، فهو في كل مجلس عزاء وضمن أي لوحة اجتماعية في المحافظة، رصدناه في أكثر من قضية وموقف يتصدى لها من أجل حل الإشكال، وفي الأفراح يكون أول المشاركين، وفي دعم الفقراء والمحتاجين والمساهمة بالفعاليات الخيرية رصيده كبير جداً، بابه كباب والده وجده حتّى اليوم مفتوح على مصراعيه مستقبلاً صاحب الحاجة مهما كانت نوعها، ولا بدّ من الإشارة إلى أن المذكور وأسرته لهم دور كبير في تطوير زراعة المحافظة».