تحمل صفحات حياته الكثير من الإضاءات والإشراقات لأبناء منطقته، وفي سيرته العديد من العناوين الرائعة لخير المجتمع وخاصة فيما يتعلق بحقوق الفلاح، إنه "عزيز لحدو" ابن "الشلوميّة".

مدوّنة وطن "eSyria" وبتاريخ 2 تشرين الثاني 2014، وقفت عند تلك السطور وغيرها الكثير من الخير والعطاء والسخاء المتعلقة بسيرة السيد "عزيز كورية لحدو"، وهو الذي نثرها على صفحاتنا من خلال حديثه، وبدأها بالكلمات التاليّة: «أنا من مواليد 1939 قرية "الشلوميّة" التابعة لناحية "القحطانيّة" التي تبعد عن مدينة "القامشلي" 34كم، وجدت من حولي والداً عاشقاً للخير والمحبة والسلام، وكان من حوله العشرات فقد كان من وجهاء القرية، لذلك -ومنذ الصغر- فرضتُ نفسي على المجتمع الكبير والمتنوع الذي كان يلتف حول والدي يومياً، ولأن العلم كان من أساسيات حياتي فقد أكّدت على العيش في ميادينه مهما كانت السبل والمشقّة، وفي السنوات الثلاث الأولى من دراستي كنت أقطع المسافات الطويلة من أجل الوصول إلى مدرستي في قرية مجاورة لقريتي، وبعد ذلك وفي الصف الرابع كنتُ مضطراً للذهاب إلى مدينة "القامشلي" من أجل الدراسة فقط، وحصلتُ على شهادة "السرتفيكة" وكانت شهادة معتبرة في ذلك الزمن أي نهاية الأربعينيات، وهي تجاوز مرحلة الصف الخامس، وحافظتُ على متابعة تحصيلي التعليمي حتّى نهاية الصف السابع، وبعد ذلك عدت إلى القرية لأني كنتُ وحيداً وبعيداً عن أسرتي في المدينة، وكنتُ الوحيد ممن حصلوا على الشهادة من منطقتي، وبعد عدة سنوات توجهتُ لخدمة العلم مع العشرات من أبناء منطقة "المالكيّة"، وضمن تلك الكوكبة كنّا شخصين فقط ممن يحملون شهادة "السرتفيكة"، وأثناء خدمة العلم قدّمت الكثير من الخدمات وخاصة لأصدقائي، مستفيداً من تعليمي ومن شهادتي».

لا تمر لوحة اجتماعية مثاليّة على المحافظة إلا وتكون له بصمة، وكل اجتماع يبنى على أساس الخير والسلام يكون أول الحاضرين، أفعاله النيّرة خالدة منذ الماضي وحتى اللحظة، وبصماته الطيبة واضحة في سبيل الفلاح ومستحقاته وحقوقه، وهو أوّل من تصدى لها في زمن كان الأغلبية يخشون الإقطاع وظلمهم، ويُشهد له أنه كان مطالباً وبقوّة بتوزيع الحصص من الأراضي على الفلاحين مهما كانت الأسباب والموانع، وكثيرة هي الحالات التي يتم طرق بابه وفي ساعات متأخرة من الليل من أجل موضوع للصلح أو حل خلاف، والأهم أنه نموذج مثالي للمحبة والأخوة والسلام

ويضيف السيّد "عزيز" عن مشواره في الحياة: «عام 1947 توجهنا إلى قرية "تل علو" التي تبعد عن "القامشلي" 60كم، وبما أنني ومنذ الصغر كنتُ أعمل مع والدي في الأرض الزراعيّة وبات الحب للأرض كالحب للجسد والروح، وقبل ظهور الآلات الزراعيّة كان الجميع يطلبون مني أن أفرض الحقوق الماليّة للعمال والمزارعين، وذلك بسبب العدالة التي كان يرتاح لها الجميع والأهم سنوات الدراسة التي خدمتني كثيراً، ولأنّ المنطقة زراعيّة منذ الأزل، ولكن في الماضي البعيد كان هناك ما يسمى "رجال الإقطاع" الذين كانوا يحتكرون قوت الفلاح، فقد وقفت في وجههم بكل ما أملك، وتعرضت للتهديد والوعيد من جراء المطالبة بتلك الحقوق، حتّى إنني وعائلتي وجميع من كان معي تم نفينا إلى مدينة "القامشلي"، فتابعت تقديم الشكاوى لجميع الجهات الرسميّة وكنتُ صوت الفلاح في كل مكان، وقد تم اختياري عام 1966 لأكون عضو رابطة الفلاحين فازداد الصوت قوّةً، وفي عام 1968 تمت دعوتي من قبل السيد محافظ "الحسكة" حول الشكاوى التي تقدمت بها حول تظلم الفلاح من ظلم الإقطاع وسلب خيراتهم وأراضيهم، وتمّ تأليف لجنة عالية المستوى لدراسة الموضوع، ونتيجة اللجنة كانت توزيع الأراضي على كل من هجّر من منطقته، وعدت أنا ومن هجروا معي من قرية "تل علو" للعودة إليها وإلى أراضينا، فشبهني المحافظ بأول مناضل من المحافظة».

السيد صالح المحمود

ومما قاله أيضاً: «كنتُ من بين لجنة الإشراف على توزيع الأراضي بالتساوي، وخلال وجودي ضمن اتحاد الفلاحين كنت ناطقاً باسم حقوق الفلاح في جميع المؤتمرات والندوات وعلى مستوى القطر، وبسبب المعرفة والعدالة التي كانت أساس معاملتي فقد كنت أحصل على كتب رسمية ومن جهات رسمية في سبيل أخذ رأيي بقضية أو إشكالية ما، وعندما أرد عليهم بكتاب رسمي كان رأيي يعتمد كقرار على الفور، ومنذ عشرات السنين وحتّى اليوم يزورني العشرات في منزلي من أجل حل قضية أو خلاف أو تسوية موضوع مهما كان نوعه أو صعوبته، ومن كل ألوان وأصناف الجزيرة السورية، وحتى من خارج المحافظة، ومن أجل صلح أو نشر سلام بين متخاصمين قدمت وسخرت الكثير من مالي وجهدي، والحالات أكثر من أن تحصى، وخلال السنوات القليلة الماضية تم اعتمادي من قبل السيد وزير العدل لأكون ضمن لجنة التحكيم في مركزي "الحسكة، والقامشلي"».

السيد "صالح الحاج محمود" أحد وجهاء عشيرة العبّاسيين تحدّث عن السيد "عزيز" قائلاً: «لا تمر لوحة اجتماعية مثاليّة على المحافظة إلا وتكون له بصمة، وكل اجتماع يبنى على أساس الخير والسلام يكون أول الحاضرين، أفعاله النيّرة خالدة منذ الماضي وحتى اللحظة، وبصماته الطيبة واضحة في سبيل الفلاح ومستحقاته وحقوقه، وهو أوّل من تصدى لها في زمن كان الأغلبية يخشون الإقطاع وظلمهم، ويُشهد له أنه كان مطالباً وبقوّة بتوزيع الحصص من الأراضي على الفلاحين مهما كانت الأسباب والموانع، وكثيرة هي الحالات التي يتم طرق بابه وفي ساعات متأخرة من الليل من أجل موضوع للصلح أو حل خلاف، والأهم أنه نموذج مثالي للمحبة والأخوة والسلام».

السيد عزيز لا يفارق الجماعة