منذ صغرها اتسمت بالروح القيادية واستطاعت أن تجد لنفسها مكاناً قلما يصل إليه أحد إلا من وجدت فيه القدرة على التميز في كافة شؤون حياته، وبعد تسلمها المهام التي وضعتها بمسؤولياتها بين الشباب صارت الأم، والمربية، والمشرفة، والمرشدة فلها الفضل في تأهيل وتدريب الكوادر القيادية، والثقافية..

وساهمت في صنع العديد من القامات في "الحسكة"، وعندما اتصلت بها تفاجأت، وقالت لي وبكل تواضع: لماذا يكون هذا اللقاء معي أنا بالتحديد؟ وأنا من عشت حياة عادية جداً، كنت حريصة على أن أعيش بصدق مع ذاتي ومع الناس، ولا أجد في حياتي المميز لدرجة أن يكُتب عنها. عملت ما يجب أن يكون فقط، فأنا هكذا.

تعتبر "خنساء إبراهيم" موسوعة ثقافية متكاملة، وهي فخر ومثل لكل فتاة عربية متنورة، متزنة، لقد استطاعت أن توجد لنفسها مكاناً ليس بين الكبار في المحافظة فحسب بل في "سورية"؛ حيث نهلت من كافة العلوم والمعارف. وقد أطلقنا عليها المكتبة المتنقلة، والموسوعة الجاهزة، ومن خلال عملنا معاً ولمدة تزيد على عشر سنوات في المجال الإعلامي، والثقافي في فرع الشبيبة، سافرنا كثيراً خارج "الحسكة" للإشراف على الدورات الإعلامية للصحفيين الشباب على مستوى القطر، فكانت شعلة من النشاط، والحيوية، وهي الشقيقة، والأم، والرفيقة، والزميلة لكل الشباب، والشابات، وفي مجال الإعداد والتأهيل الإعلامي قدمنا للإعلام السوري عشرات الإعلاميين الشباب الذين صقلوا بطريقة ممتازة، وحالياً الكثيرون منهم يعملون في الصحف السورية والعربية وحققوا نجاحات كبيرة، ورغم الظروف الصعبة التي مرت بها في السنوات الأخيرة لكنها بالعلم، والمعرفة، والصبر استطاعت أن تتخطى كل الصعوبات والعراقيل التي تعرضت لها لتحقق النجاح تلو الآخر، ويكفينا فخراً أن كل من عاش معها يناديها ماما

وللاطلاع على جوانب حياتها منذ صغرها زارت مدونة وطن "eSyria" في اول ايلول 2014 المربية، والباحثة، "خنساء إبراهيم"؛ حيث حدثتنا قائلة: «تميزت طفولتي الأولى بالشقاوة، واللعب، دخلت المدرسة في سن مبكرة جداً حيث كنت أجيد القراءة، والكتابة بطلاقة. تميزت من بين أقراني كنت "عريفة" المدرسة الأسبوعية لأني كنت طليقة في اللفظ ومتمكنة من الأداء وأستطيع أن أنفذ ما يوكل إلي دون تكلف، استطعت حفظ المعلقات العشر، وأشارك في تعريف جميع الاحتفالات المدرسية، والاجتماعية، فكان الناس يستغربون مني كثيراً لحجمي الصغير، ولطلاقتي، ولحسن تصرفي، وكنت القيادية لمجموعتي المسرح المدرسية وفرقة الدبكة، وفي المرحلة الإعدادية استمرت الأنشطة، وكلفت بأمانة أول حلقة حزبية للبنات في المدرسة، كما شكلت أول فريق كرة قدم للبنات في عام 1980، وكانت ولادة أول نادٍ ثقافي في إعدادية "شجرة الدر"، ولم أكن مع كل هذا النشاط بعيدة عن القراءة والكتابة فتعلقت بالشعر الجاهلي كثيراً، كما قرأت كتباً مميزة في هذه المرحلة العمرية ومنها الراويات العالمية الشهيرة إضافة إلى عشرات الكتب لدرجة أن والدتي كانت تأخذني إلى طبيب العيون من فترة إلى أخرى مخافة إصابتي بمرض، وبدأ نشاطي السياسي على صغر وتلازم مع النشاط الثقافي، كما كتبت في هذه المرحلة العمرية كافة أنواع الأدب، ونشرت لي بعض المساهمات، وحصلت على عدة مراكز متقدمة من خلال مشاركاتي الأدبية، وخاصة في القصة القصيرة، وهنا اندرج اسمي عضواً دائماً في الفريق الثقافي المشارك في المباريات القطرية لـ"فرع شبيبة الحسكة"، كما حصلت على مراكز متقدمة أيضاً في الشعر.

مع هذا الكم من الأنشطة داخل المدرسة وخارجها لم تتأثر دراستي ولم تتراجع، ولقبت في بعض الأوساط بالطفلة المعجزة، ومن الطرائف أنني أول فتاة ركبت دراجة هوائية في البلدة لوضعها الريفي».

وعن المرحلة الثانوية قالت "أم اسكندر": «اتسمت هذه المرحلة بالنضج كثيراً، بل أصبحت هنا حتى أقرر مصير بعض الطلبة وأحدد مجريات الأمور السياسية في محيطي، كما كنت أشارك في الفعاليات المركزية القطرية من ندوات فكرية، التي كان يحضرها خيرة مفكري ومثقفي "سورية" مثل: "البوطي، والطيب التيزيني" ولي معهما مواقف طريفة، ومع كل ما كان يحمله المجتمع من انغلاق كنت حرة، وأفعل ما يعجز عنه الشباب، وأقوم بأفعالهم وكانت تصرفاتي تحظى بالقبول من الوسط الذي أعيشه في حين لم يكونوا يقبلونه على بناتهم، وكنا نقوم بجولات وحملات توعية على المنازل منها صحية وتربوية واجتماعية، وكنت أعامل من قبل الإدارة المدرسية كمعلمة، وكان اسمي الآنسة "خنساء".

ولم يكن المسرح بعيداً عني فشاركت مع السيد "غسان برو قدسو" الذي كان رائد الحركة المسرحية حينها، وكتبت عملاً مسرحياً وأخرجته وشارك في أحد المهرجانات بعنوان "سقراط يموت من جديد"، وأخذ صداه في المهرجان، وبعد انتهاء المرحلة الثانوية انتقلت إلى "الحسكة" لدراسة أهلية التعليم، وكانت هذه الفترة نوعية حيث فتحت أمامي الآفاق والمجالات، فتعرفت على أسماء كبيرة ولامعة في الحقل الثقافي، والعمل السياسي، ولم أترك نشاطاً ثقافياً إلا حضرته وكان الكرسي الأخير يلزمني المشاركة، ومن اللحظات الحلوة لاحقاً التي سعدت بها دعوتي لحضور افتتاح "المركز الثقافي العربي في الدرباسية" إيماناً من المدعوين بأنني ساهمت في ولادته، وتمكنت من تقوية جسور التواصل والمودة مع أصحاب الشأن الثقافي، وامتد الجسر بيني وبينهم، وكانت هناك أسماء رنانة في هذا الحقل ومنهم: "أركان قومي، حسن حمدان، معشوق حمزة، عبد الأحد قومي، أحمد الدريس، برصوم برصوم، خلف الجراد، عصام المانع، إسماعيل خلف، يزيد عاشور"، ومن خلال تواصلي مع كبار السياسيين في المحافظة ظهرت فكرة تقبل الآخر نتيجة اطلاعي على ثقافات وتوجهات مختلفة وخاصة أنها لم تكن عدائية، وتطورت العلاقة من مجرد القبول إلى التعامل والتواصل، وكنت أول مفرغ في المحافظة للعمل السياسي في بلدتي، واستطعنا أن نوجد وحدة شبيبية مستقلة وكنت نائبة فيها، ووجودي في هذه المهام سهل الكثير من القضايا حتى خارج حدود البلدة فتجاوزت المشاركة إلى التوجيه، وتشكيل المنتديات الثقافية، والفنية، والرياضية، وكانت ولادة النادي الرياضي وكنت عضواً فيه، وانتقلت إلى تقديم المحاضرات في اللقاءات السياسية على كافة المستويات والأماكن، دون أن تنقطع المشاركات المركزية الشبيبية وخاصة الندوات الفكرية القطرية، فأتاحت لي المجال الواسع للتعامل في عدة مجالات، وبعدها استطعت أن أواكب، وأشارك الكثيرين من الشباب الموهوبين الذين انتشت بذورهم بين يدي ليصبحوا اليوم قامات ثقافية، وقيادية على مساحة الوطن، وعملي الطويل ما بين الشباب كان له شقان: الأول مهني، والثاني شخصي، وهذا تطلب مني البحث الشخصي بكل ما يتعلق بهذه المرحلة، وفي مجالاتها النفسية، والفكرية والانفعالية، ونتيجة لتراكم هذا الاهتمام عبر مجموعة خبرات اكتسبتها بالبحث، والتأليف ومتابعة حالات إنسانية كثيرة، ولم أبخل على نفسي بالبحث الأكاديمي وخاصة في القضايا الاجتماعية، وكانت لي مئات المحاضرات والأبحاث الميدانية حول كافة قضايا الشباب والأسرة، حيث أعتبره مشروعي الشخصي، وهذا العمل مستمر حتى بعد تركي للشبيبة، أما فيما يخص الكتابات الأدبية فتعاملت معها كطقس خاص ولذاتي، وأسست مع مجموعة من الأصدقاء المثقفين قسم الشباب في جمعية تنظيم الأسرة، وهنا كلفت بلجنة الشباب في الجمعية، ولدينا مركز من أنشط المراكز في القطر، إضافة إلى تكليفي بأمانة سر لجنة العاديات الثقافية التراثية في المحافظة، وتكليفي بعضوية التعبئة المجتمعية بإشراف مديرية الشؤون الاجتماعية والعمل، وأنا رئيسة لجنة أصدقاء الثقافة في "الحسكة" وهي لجنة أهلية، وعضو في هيئة التدريس في مدرسة الإعداد الحزبي، التي بدأت منذ عام 1990، ومن الطريف في الموضوع أنني أصبحت محاضرة بعد مشاركتي الأولى في الدورة كدارسة، وأنا الآن مشرفة على السكن الجامعي في "الحسكة"، وسعدت به لأنه مع الشباب، ولي مشاركات خارج القطر منها المخيم الكشفي في "لبنان" لعام 1996، والمؤتمر العربي الإفريقي في "السودان" عام 2003، وأسبوع الباسل الثقافي لعام 2008، وندوة جامعة الدول العربية لعام 2003، وكنت مديرة أول دورة إعداد قيادات فروع بالمعهد العالي للعلوم السياسية بـ"دمشق"، كما لي جملة نشاطات في الواقع الاجتماعي من جمعيات خيرية ودينية وأخويات».

الإعلامي والكاتب الشيخ "مضر حماد الأسعد" قال عن "أم اسكندر": «تعتبر "خنساء إبراهيم" موسوعة ثقافية متكاملة، وهي فخر ومثل لكل فتاة عربية متنورة، متزنة، لقد استطاعت أن توجد لنفسها مكاناً ليس بين الكبار في المحافظة فحسب بل في "سورية"؛ حيث نهلت من كافة العلوم والمعارف. وقد أطلقنا عليها المكتبة المتنقلة، والموسوعة الجاهزة، ومن خلال عملنا معاً ولمدة تزيد على عشر سنوات في المجال الإعلامي، والثقافي في فرع الشبيبة، سافرنا كثيراً خارج "الحسكة" للإشراف على الدورات الإعلامية للصحفيين الشباب على مستوى القطر، فكانت شعلة من النشاط، والحيوية، وهي الشقيقة، والأم، والرفيقة، والزميلة لكل الشباب، والشابات، وفي مجال الإعداد والتأهيل الإعلامي قدمنا للإعلام السوري عشرات الإعلاميين الشباب الذين صقلوا بطريقة ممتازة، وحالياً الكثيرون منهم يعملون في الصحف السورية والعربية وحققوا نجاحات كبيرة، ورغم الظروف الصعبة التي مرت بها في السنوات الأخيرة لكنها بالعلم، والمعرفة، والصبر استطاعت أن تتخطى كل الصعوبات والعراقيل التي تعرضت لها لتحقق النجاح تلو الآخر، ويكفينا فخراً أن كل من عاش معها يناديها ماما».

يذكر أنه في عام 1990 تم تكليفها في قيادة فرع الشبيبة ولمدة 18 عاماً، وساهمت عبر عملها في عدة مكاتب، وتخصصت في إعداد الكوادر في مختلف المجالات.

وهي عضو مكتب إعداد فرعي لحزب البعث في "الحسكة"، ولها مساهمات كثيرة في أنشطة الفرع من ندوات، ومحاضرات، لقاءات، مهمات.. تتوجت بتكليفها بعضوية مجلس إدارة "منتدى البعث للحوار"، إضافة إلى المشاركة في "الملتقى القطري لتطوير المنطلقات النظرية للحزب".