وُلد بأحضان أب يعشق الابتكارات والاختراعات، فسار على نهجه وتفكيره، وسخّر وقته وجهده لإنجاز الوسائل المتعددة واختراع الأدوات التعليميّة، لتكون حصة مدارس "الحسكة" وفيرة من بصماته.

مدوّنة وطن "eSyria" وبتاريخ 2 أيار 2014 التقت أحد مخترعي مدينة "القامشلي" شبه المتخصص في الاختراعات الخاصة بالمدارس، إنه السيّد "حافظ أسد إبراهيم موسى" ليقلّب لنا عن تلك الصفحات التي فيها الألق والتألق، وبدأ منذ البدايات فقال عنها: «رسمتُ هذه الهواية في داخلي منذ الصغر، خاصة عندما وجدتُ والدي ينفذ وينجز الاختراعات العديدة وهو معتكف جلّ وقته في غرفة خاصة به، ولذلك في المراحل الأولى من حياتي باشرت على الفور ببعض الابتكارات الصغيرة كإنجاز طائرة شراعية، وتصنيع طبيعة خضراء من الأشجار والخيم والطيور البرية، إضافة إلى ألعاب عديدة وذلك من خلال القماش وأوراق الأشجار، ولذلك ترسخت فكرة الاختراعات في داخلي بقوّة أكبر من خلال البداية الجيدة وتقبل المجتمع من حولي بتلك الانطلاقة، ولذلك كان توجهي خلسة لغرفة والدي لأستعين ببعض الأدوات المساعدة لديه، فهو في بداية الأمر لم يكن يشجّعني على تلك الهواية خشية تأثيرها على دراستي، ولكنه وجد تنسيقاً كبيراً بين ممارسة الهواية والاستمرار المثالي في دور التربية».

عند تعيينه في مدرستنا بدأ يفتش ويسأل عن أي قطعة أو أداة تحتاجها المدرسة، فبادر وبشكل ذاتي لإنجاز جرس يدوي نحاسي ليكون مكملاً للجرس الكهربائي، وقدّم بعض اللوحات التي تساهم في إيضاح بعض رسومات مادة العلوم، ورصيده طيب في المدارس الخمس التي كان يعلم فيها قبل الوصول إلينا، وقدم لهم أيضاً من ابتكاراته

ويتابع عن مشواره: «غرفة والدي كنتُ أدخلها في أوقات صعبة جداً وتحت جنح الظلام حتى لا يراني أحد، وأبقى لساعات فيها مُنجزاً حصادة زراعيّة صغيرة أو حديقة توحي بأنها طبيعيّة من شدة الاهتمام بها، وأحياناً كثيرة صنعتُ ألعاباً كثيرة ومتعددة ومتنوعة خاصة بالأطفال، وكل ذلك التعليم بجهد ذاتي والاعتماد على نفسي، ولكن الجميع بمن فيهم والدي، عندما وجدوا تلك الموهبة عندي، بدؤوا تشجيعي، وعندما كنتُ تلميذاً في الصف الخامس صنعتُ (قرص نيوتن، وكاشف المحيط) ودخلا جميع معارض مدينة "القامشلي"، ووجدت دعماً معنوياً كبيراً من كوادر المدارس التي كنتُ أنهل العلم والتعلم منها، وحتّى يومنا هذا القرص والكاشف ضمن الوسائل التعليمية في مدرسة "سيحة" بريف "القامشلي"».

بعض أدواته في أحضان مدارس التربية

عاهد نفسه على المضي بثقة فيما ينجزه خلال متابعة تحصيله العلمي، وفي المرحلة الإعدادية بدأ ينهج نهجاً آخر من الابتكارات، فتحدّث عن ذلك: «أتذكر أنني في الصف الثامن صنعتُ الكثير من المجسّمات وجميعها كانت تهدى إلى المدارس التي تحتاجها وخاصة مدارس الريف، إضافة إلى ذلك في تلك الفترة صنعت العديد من المزهريات والطيور المختلفة وذلك بالاعتماد على الخشب فقط، وهناك طائر من الخشب حتّى الآن موجود في مدرسة ما عندما يسير يحرك جناحيه نحو الأعلى، أمّا أدوات الفلاح فعديدة جداً تلك التي صنعتها وبأشكال وأنواع مختلفة فمرة من الخشب وأحياناً من أوراق الأشجار، ومرات أخرى من الحديد، وصنعت العديد من القرى النموذجية بالطين ومن مخلفات الطبيعة وجميع تلك الأدوات كانت تقدم إلى مدارس التربية، وقبل ذلك عرضت جميعها في المعارض التي كانت تُقام على مستوى المدينة والمحافظة، علماً أن لدي معرضاً في المنزل من تلك الأدوات».

ابتكاراته وصلت إلى خارج حدود الوطن، فيقول عن ذلك والسعادة تغمر قلبه: «مع ممارسة تلك الهواية وبشكل يومي حافظت على مشوار دراستي وتخرجت في معهد إعداد المعلمين، وكل مدرسة كنتُ أتعين فيها سواء في الريف أم المدينة أنظر إلى وسائلهم التعليمية وعندما أجد الوسيلة الناقصة أباشر على الفور بإنجازها، فاللوحات العلمية التعليمة وخاصة المتعلقة برسومات مادة العلوم أكثر من أن تحصى، إضافة إلى الخرائط الخاصة بمادة الجغرافية وبأكثر من نوع وشكل، إضافة إلى ذلك أقراص نيوتن، وأجراس يدوية، وجهاز يشرح كيفية نقل الحرارة من خلال تأثر الحديد والنحاس بالحرارة، ورسم صور على قطع من الخشب وحرقها، مجسمات حيوانية "غزال، حصان، أرنب، سمكة" وغيرها، أشكال ومناظر طبيعية وجغرافية وعلمية من الخشب وبطريقة الزخرفة، وخلال زيارات أبناء البلد لبلدهم الأم "سورية" قادمين من بلاد الاغتراب كانوا يطلبون منّي إنجاز بعض مما ذكرته، وأخذ الكثيرون منهم العديد من تلك القطع إلى البلاد التي يقيمون فيها، ومنهم من وضع بعضاً منها في معارض هناك مؤكدين أنها من أياد وطنية، أمّا المعارض التي أقيمت وتقام على مستوى المحافظة فأدواتي دائماً موجودة فيها، وعلامة الريادة والتميز دائماً حاضرة».

يشجع تلاميذه على الإبداع

السيد "حماد فريح" مدير مدرسة "إبراهيم هنانو" في مدينة "القامشلي" تحدّث عن تميز زميله "حافظ": «عند تعيينه في مدرستنا بدأ يفتش ويسأل عن أي قطعة أو أداة تحتاجها المدرسة، فبادر وبشكل ذاتي لإنجاز جرس يدوي نحاسي ليكون مكملاً للجرس الكهربائي، وقدّم بعض اللوحات التي تساهم في إيضاح بعض رسومات مادة العلوم، ورصيده طيب في المدارس الخمس التي كان يعلم فيها قبل الوصول إلينا، وقدم لهم أيضاً من ابتكاراته».