الطموح والتحدّي وعشق الحياة بكل ما فيها؛ عناوين رسمها الشاب "أحمد منجة" في صفحات مسيرته متحدياً إعاقته، ليكون مثالاً وشعلة من التألق والتفوّق الرياضي والدراسي.

مدوّنة وطن "eSyria" وبتاريخ 24 تشرين الثاني 2013 رصدت تلك الحالة والصورة الرائعة في إحدى ملاعب مدينة "القامشلي" وهي وجود "أحمد منجة" على مستطيلها الأخضر مبتور الرجلين يداعب ويغازل الملاعب وهو جالس على الأرض ومقدماً أكثر من لوحة مميّزة وجميلة، وعن ذلك حدّثنا اللاعب "أحمد إدريس منجة" بالقول التالي: «منذ ولادتي في الحياة وجدت رجليّ خارج الجسد نهائياً، ومع ذلك تعاملت مع الحياة وكأنني شخص طبيعي، وكأنني أملك كل الحواس والأطراف، فوجدت عندي الإرادة القوية والتصميم ومنذ المرحلة الابتدائيّة كانت رغبتي أن أكون في الملاعب بحالتي هذه، فلعبت على الملاعب الترابيّة وعلى ملاعب المدارس التي درستُ فيها، ولم أتردد يوماً بالمشاركة في المباريات الودية التي يقيمها الفريق الذي انتسبت إليه منذ عدّة سنوات، وتتزامن رحلتي في الملاعب بالحفاظ والجد على مقاعد الدراسة وتجاوزت ونلتُ الشهادة الإعداديّة والثانوية بدرجة التفوق».

كثيرة هي المرات التي أحضر فيها خصيصاً إلى الملعب الصناعي لمشاهدة حركاته وفنياته وعزيمته القوية، لا يشعر أي إنسان بأنه من ذوي الاحتياجات الخاصة، ويملك طاقة كبيرة في الحركة حتى لياقته البدنية في أبهى الصور، علماً أن مثلي الكثيرين من يحضرون لمتابعة هذا النموذج الكروي المتميّز في مدينة "القامشلي"، والكثير من الفرق الشعبية تطالب فريقه تحديداً لمباراة وديّة، نأخذ منه لغة المثابرة والنجاح

وتابع الشاب "أحمد" حول مسيرته الطيبة عندما قال: «لا أتوقف في الملعب أثناء المباريات بل أكون في حركة دائمة وأتنقل بين الملعب كله مهاجماً ومدافعاً وأحتك مع اللاعبين المنافسين، وأتصدى لتنفيذ الكرات الثابتة، وأداعب الكرة باستلامها على الصدر والضرب بالرأس وأصدها بكل أطرافي وذلك بحركات فنيّة تعجب المتابع وتذهله، وكثيرة هي المرات التي أحرزت أهدافاً لفريقي، وللأمانة إنني سعيد جداً بوجود هذا الملعب المعشب صناعياً في المدينة، لأننا ومع نهاية كل أسبوع لدينا مباراة ودية، وسابقاً كنتُ أعاني من الملاعب الترابية ومن الملاعب التي هي من الإسمنت، فالركض بالنسبة لي يعتمد على الضغط باليدين على الأرض والركض».

السيد إدريس منجة

وختم "أحمد" حديثه بالرسالة التالية: «إعاقتي كانت دافعاً لأكون نموذجاً طيباً في مدينتي ومنطقتي، فحتى عندما انتسبت إلى الجامعات الحكومية ودراستي في "دير الزور" ومتابعتي لهوايتي بلعب كرة القدم في مكان دراستي الجامعية، طلب المعنيون انضمامي إلى المنتخب الكروي لذوي الاحتياجات الخاصة، لكن حرصاً على البقاء متفوقاً في دراستي الجامعية تمّ تأجيل الموضوع حتى التخرج الجامعي، وهي رسالة لكل من يحب الحياة ويجد إعاقة عنده؛ ليمارس حياته وكأنه رجل طبيعي فسيجد الدعم والاحترام والتشجيع وسينال التفوق في جميع المجالات التي سينشدها».

أمّا السيّد "إدريس منجة" فقد تحدّث عن تجربة ولده الطيبة في مراحل الحياة بالقول التالي: «منذ ولادته وحتّى اليوم لم نبخل بتقديم كل ما من شأنه تشجيعه ودعمه بكل ما نملك، خاصة في مجال التدريس وفي الجانب الرياضي، فاليوم هو من الأوائل في جامعته فهو من طلاب السنة الثالثة لهندسة الصناعات البتروكيميائية، وفي الشهادة الثانوية كان من العشرة الأوائل على مستوى القطر، يمارس بإتقان العمل على الحاسوب ويعزف على البزق، ويبدع في ملاعب كرة القدم، وأنا بهذا العمر ألعب إلى جانبه وضمن فريقه الكروي في أجواء رائعة، يملك روحاً عالية من حب الحياة».

في الملعب

الكابتن "جومرد موسى" مدرب نادي "الجهاد" الرياضي تحدّث عن "أحمد" بالقول التالي: «كثيرة هي المرات التي أحضر فيها خصيصاً إلى الملعب الصناعي لمشاهدة حركاته وفنياته وعزيمته القوية، لا يشعر أي إنسان بأنه من ذوي الاحتياجات الخاصة، ويملك طاقة كبيرة في الحركة حتى لياقته البدنية في أبهى الصور، علماً أن مثلي الكثيرين من يحضرون لمتابعة هذا النموذج الكروي المتميّز في مدينة "القامشلي"، والكثير من الفرق الشعبية تطالب فريقه تحديداً لمباراة وديّة، نأخذ منه لغة المثابرة والنجاح».