لم يكن يعلم أنّه في ثنايا جرحه أختبأ الشعرُ، كلمته مرّت بمخاضٍ عسير حتى انبلجت، فملأت الدنيا حبّاً وحنيناً وبهجة.

مدوّنةُ وطن "eSyria" وبتاريخ 2 أيار 2020 تواصلت مع الشاعر "جاك ابراهيم" في مهجره ليحدثنا عن شعره ومعاناته وعشقه فقال: «لم أكُ أدري وأنا طفل صغير لماذا تعلًقت بالتفاصيل الصغيرة لكل ما تسقط عيني عليه، أبحث عن الجمال في كل قطعة أراها ولم أدرِ أنني كنت أنتظر الحصاة التي ستحرك المياه الراكدة لكنها تأخرت حتى الثلاثين من عمري، متاعب الدنيا شغلتني حتى عن القراءة التي كانت زادي وزوّادي، تابعت تحصيلي العلمي وحصلت على الثانوية العامة من مدارس "الحسكة" وقررت بعدها أن ألتحق بصفوف الشرف والعزة في الجيش العربي السوري لأداء الخدمة الإلزامية، وكانت خدمتي في "لبنان" لكنه القدر الذي أعدُّ أنّ ما أصابني به شرف ووسام أتشرف بحمله، فلقد تعرّضت لإصابة أثناء خدمتي أدت إلى كسر في الرقبة نتج عنها شلل كامل للأطراف الأربعة، كان ذلك عام 1977 وهنا بدأت رحلة العلاج والمعاناة، فقررت استغلال تلك الفترة العصيبة وعدت إلى القراءة وكانت أحد أسباب تخفيف أوجاعي، فهِمتُ بين كتب التاريخ والتراث والشعر، ولأنني ابن منطقة تعامدت بها الحضارات وأثرتها، بت مطّلعاً على تراث المنطقة وتأثرت بالشعر الشعبي وباللهجة المردلية فثمة تراث مشترك يمتد من "ماردين" إلى "الموصل" مروراً بـ "الجزيرة" الحبيبة وما الشعر الشعبي - والمردلي خاصة - إلا سفر توثيقي كبير.

الشاعر "جاك إبراهيم" ليس شاعراً فقط، بل فنان حقيقي وشريك لكل نجاحاتي الفنية ولكل من عمل معه، وهو الحارس الأمين للأغنية المردلية وهو من رفد مكتبة الموسيقا العربية والمردلية بأغنيات جميلة

باكورة إنتاجي من الشعر المردلي كانت عام 1988 وكانت أغنية المطرب الجزراوي الكبير "طوني مرشو" بعنوان "قربان تسير للغاوي" وبعدها فرط العقد وتناثرت أحجاره قصائد مغناة في "الجزيرة السورية" وفي كل بقاع الأرض، 1990 كان العام الذي حققت به نجاحاً مع المطرب الجزراوي الأرمني "آرسين كريكوريان" من خلال ألبوم "صبية جزراوية" والذي نجح في الجزيرة وعند الجزراويين في بقاع الأرض، تقول الأغنية:

المطرب ثائر ملكو

إمي قومي طلبيلي

صبية جزراوية

من لمة هوك البنات

ردتولي الحنطاوية

جدلو شعرا الدهب

حبكة ورا حبكة

مزين في شال القصب

على الظهر سمكة».

وبعد نجاح الألبوم تعاملت مع كل مطربي "الجزيرة السورية" عندما كنت بالوطن وفي عام 2000 استنفذت كل فرص العلاج، فقررت الهجرة إلى "أوروبا" لاستكمال العلاج وأنا الآن أعيش في "هولندا" لكنني لم أترك الكتابة بل تعاملت مع مطربي المهجر والمطربين السوريين، فقد غنى لي من المطربين "طوني مرشو" "ثائر ملكو" "كابي شهرستان" "ابراهيم كيفو" "الياس عبود" "رازق سعيد" المطربة "مريام عطاالله" "فؤاد يازجي" "سمارة السمارة".

ويبقى الشعر ملاذي الروحي والنفسي وأحد الأسباب في تطور علاجي، مخففاً لألم الغربة التي أقول فيها:

يا غربة هديتيني

ولبعيد وديتيني

حبابي جنبي منن سرقتيني

راضي بقسمتي ليش غدرتيني

طلب ياغربة

شوفتن لا تحرميني.

ومن غربتي أقول: "سورية" بلد عظيم لن تعرفوا قيمته إلا في الغربة فلنحافظ عليه ولنكن يداً واحدة في "سورية" واحدة موحدة ولنعش مع بعضنا، تاريخنا وحضارتنا يفرضان علينا ذلك ويحق لنا العيش بالعز والكرامة والسيادة الكاملة على كامل أراضيه نحن بلد الجمال والحب والثقافة.

ويبقى الشعر الشعبي والمردلي خاصة أمانة أرجو من الأجيال القادمة المحافظة عليه وتنمية المواهب والبحث والتقصي عن الموهوبين وتوفير الإمكانيات لهم لأن الشعر هو ذاكرة الشعوب وتوثيق ملاحمهم وتقوية الأواصر فيما بينهم».

يقول عنه المطرب "ثائر ملكو": «الشاعر "جاك إبراهيم" ليس شاعراً فقط، بل فنان حقيقي وشريك لكل نجاحاتي الفنية ولكل من عمل معه، وهو الحارس الأمين للأغنية المردلية وهو من رفد مكتبة الموسيقا العربية والمردلية بأغنيات جميلة».

أما المطرب "طوني مرشو" فيقول: «لقد تعاملت مع الشاعر "جاك إبراهيم" في أول قصيدة كتبها وبعد ذلك كرت السبحة وكان التعامل معه فيه كثير من المسؤولية والتقنية والنجاح، هو شاعر متميز ومتمكن من اللهجة المردلية وشراكتنا لن تنتهي».

يذكر أنّ الشاعر "جاك إبراهيم" من مواليد "الحسكة" عام 1956.