تضرّر الكثيرون من الأطفال في مناطق عديدة بريف "القامشلي" وأصيبوا بحالات خاصة من الرهبة والخوف، جرّاء المناظر والأصوات المرعبة التي فُرضت على مناطقهم.

مدوّنة وطن "eSyria" بتاريخ 28 أيلول 2016، تناولت موضوع الأطفال في الحروب، خاصة أنّ مناطق عديدة من مدينة "القامشلي" تحديداً في مناطق الريف التي شهدت أجواء الحروب خلال المدة الماضية، لكنها تعيش بأمان تام حالياً، ولأن الطفولة بكل ما فيها من حب وفرح وأمان هي الغاية، فلا بدّ من الوقوف عندهم مطولاً ليعيشوا كما يجب أن يعيش الأطفال. الطفل "ربيع محمد الخالد" من قرى "تل حميس"، بيّن عن حالته في المدة الماضية قائلاً: «قبل عامين عانينا مشكلات كثيرة في منطقتنا، كنتُ أتألم وأنزعج كثيراً من الأصوات التي كانت قوية جداً في أكثر الأحيان، ومرّات عدّة كانت لدي رغبة في أن أخرج من المنزل لأشاهد ما يجري، وأقف عند الصوت مباشرة من دون وعي بأن تلك الأصوات قد تودي بحياتي؛ لأنني كطفل كنت أتوقّع أنّ لنا كل ما هو جميل ومفيد، فكان العكس، في هذه الأوقات نريد العودة إلى طفولتنا من خلال مدارسنا أولاً، وبيتنا، والأطفال الذين يعيشون معي».

قبل عامين عانينا مشكلات كثيرة في منطقتنا، كنتُ أتألم وأنزعج كثيراً من الأصوات التي كانت قوية جداً في أكثر الأحيان، ومرّات عدّة كانت لدي رغبة في أن أخرج من المنزل لأشاهد ما يجري، وأقف عند الصوت مباشرة من دون وعي بأن تلك الأصوات قد تودي بحياتي؛ لأنني كطفل كنت أتوقّع أنّ لنا كل ما هو جميل ومفيد، فكان العكس، في هذه الأوقات نريد العودة إلى طفولتنا من خلال مدارسنا أولاً، وبيتنا، والأطفال الذين يعيشون معي

الحاجّة "خولة نصر علي" من أبناء قرى "اليعربية"، قامت بعدّة إجراءات في سبيل الحفاظ على الجوّ الهادئ والآمن لأطفالها، وأضافت: «في فترة ما توقعنا أن المشكلات ستستمر مدة طويلة في قرانا، فقمنا بإخراج الأطفال إلى المناطق الأكثر أماناً واستقراراً، وهي أهم خطوة يجب تنفيذها، لكن ما تأثرنا به، أن الأطفال بين الحين والآخر كانوا يطالبوننا بالعودة إلى قريتهم ومنازلهم وجيرانهم وأراضيهم، فهم -وحسب كلامهم- بأمسّ الحاجة إلى تلك الأجواء والشوق كبير لها، كانوا يشيرون إلينا بأن الحرب من الضروري أن تنتهي عندنا، ويضيفون بالأسئلة حول تأثر أراضيهم ومنازلهم وألعابهم بالأسلحة التي تُستخدم هناك، الآن نحن في منازلنا، نعمل ونهدف ونسعى ليعود الطفل إلى الهدوء والاستقرار، ونسيان الذكريات السيئة».

رضوان سيد علي يتناول مع طفل عانى من الحرب

"رضوان السيد علي" المحاضر في كلية التربية بـ"الحسكة"، تحدّث عن الموضوع المذكور من الناحية العلمية: «للحرب تأثير كبير وبنسبة عالية جداً في فئة الأطفال، فهم أكثر عرضةً للخوف من باقي الفئات؛ لأنهم من الفئات المكتسبة والتي تتعلّم أي شيء، ذلك الخوف يبدأ عند الطفل على هيئة فزع ويظهر في ملامح الوجه مباشرة، بعد ذلك تظهر الرعشة والصراخ، مع التغيرات العضوية الداخلية، ثمّ يظهر جلياً ارتجاف الشفتين وتلعثم الكلام، هذا يساهم في تشتت الطاقة العقلية، لذلك يجب الحرص على تجنيب الأطفال مظاهر ومشاهد وأصوات الحروب، فكلما زاد التوتر في منطقة الصراع تزداد حدّة التوتر لديهم، لأنّ الطفل ليس لديه الوعي الكافي، والتأثر كبير لديه بمجرد سماعه للصوت أو صداه، حتّى عندما يبتعد عن مصدر أصوات المناطق الساخنة، ويستقر في مكان آمن، بمجرد سماع أي صوت حتى من المنطقة الصناعية فإنه يتذمر ويخاف، هذا الأمر يسمّى "اضطرابات ما بعد الصدمة"، يكون دائم البحث عن الانعزالية والانغلاق على نفسه مهما ابتعد عن المكان المتوتر، وأكثر من هذه الأمور، فقد يتحول إلى شخص عنيف مع مرور الزمن إذا لم تعالج الأمور كما يجب».

ويختم بالقول: «ينصبّ اهتمام الطفل في حياته بالألعاب الخاصة به، وعلينا التعامل معه بعد استقرار وضعه والعودة إلى منطقته بإبعاده عن كل المناظر السلبية حتى لو كانت عبر المشاهدة والصور، واستبدال الألعاب العنيفة لديه بألعاب مفيدة وسلسة، واستخدام لغة الحوار التي تناسبه، كسرد القصص الطفولية، أو قراءة حكايات تفيد جوه العام، وتنسيه الصور القاسية، ولا بدّ أن يكون ملازماً للأطفال الذين بعمره ممن يعيشون الفرح والمرح واللعب من دون تأثير، ليتأقلم معهم، إضافة إلى ذلك التوجه إلى تكثيف الأنشطة والفعاليات الترفيهية لهم في مناطقهم، وهو ما نعمل عليه منذ أشهر بالتنقل من منطقة إلى أخرى، وتنفيذ وإشباع رغبات الطفولة، لكن يبقى للأسرة وخاصة الأم دور كبير في نشر الهدوء والأمان وراحة البال لطفلها».

أجواء الأطفال حالياً في مناطقهم