تعدّ منطقة "الجزيرة السورية" من أكثر المناطق التزاماً بعُرف زواج الأقارب، قد يقبل الشباب عليه لقناعته بأهميته، ومنهم من يُجبر عليه تنفيذاً لرغبة كبير الأسرة.

مدوّنة وطن "eSyria" بتاريخ 16 آب 2016، وقفت عند موضوع زواج الأقارب، الذي يلتزم به الكثيرون منذ عشرات السنين حتّى تاريخه، خاصة في مناطق الريف، والتقت "شام العمر" التي التزمت بزواج الأقارب في منطقتها بريف "تلّ حميس"، مع تحفّظها على طريقة وأسلوب الزواج، وتقول: «تزوّجت من ابن عمي بناء على رغبة الأهل، وعلى الرغم من أنّ التفاهم قائم بيني وبينه، إلا أننا أنجبنا طفلاً غير سويّ، يقال إنّ السبب زواج الأقارب.

أيّ شاب يتقدم لزواج فتاة في المنطقة، أهلها يباشرون السؤال عنه وعن أسرته وعشيرته، ونحن اختصاراً لكل ذلك، نفضّل ابن العمّ تحديداً ليكون صهرنا، لكوننا على دراية تامة بالعرق والنسب والحسب، والتجارب في الحالتين تتفاوت بين نجاح الزواج من عدمه، سواء كان الزوج قريباً أم غريباً

هناك نسبة كبيرة جداً من الفتيات تلتزم بزواج من يقرّره الأب لها، حرص الأب يكمن في موضوع القريب فقط، فهو يفضّله على الغريب، مهما كانت الأسباب والظروف، وهذا العرف ورثه الأب من الجد، والجد ورثه ممّن سبقه، وهكذا توالت الفكرة في الرأس، ونحن نتقيد بها كثيراً، ربما عن قناعة، وقد يكون التزاماً من أجل العرف فقط، لذلك تكون الفرحة عند نسبة معينة من الفتيات ناقصة من بدايتها.

رضوان سيد علي

والأهم من كل هذا وذاك، لا يتم التقيد بما يلزم من إجراءات ما قبل الزواج، مع أنها ضرورية خاصة بالنسبة لزواج الأقارب، سواء بالتحاليل المخبرية، أو الفحوصات الطبية الخاصة به».

الحاج "سعدون الخالد" من أبناء ريف "اليعربية"، تحدّث من وجهة نظره عن زواج الأقارب، ويقول: «أيّ شاب يتقدم لزواج فتاة في المنطقة، أهلها يباشرون السؤال عنه وعن أسرته وعشيرته، ونحن اختصاراً لكل ذلك، نفضّل ابن العمّ تحديداً ليكون صهرنا، لكوننا على دراية تامة بالعرق والنسب والحسب، والتجارب في الحالتين تتفاوت بين نجاح الزواج من عدمه، سواء كان الزوج قريباً أم غريباً».

المحاضر في جامعة "الفرات" "رضوان سيد علي"، بيّن الرأي العلمي بزواج الأقارب، ويقول: «هو زواج بين اثنين تربطهما رابطة الدم، من أهدافه التي تسعى إليها الأسرتان، الحفاظ على بقاء الجماعة، وعدم اختلاطهما بغيرهما من الجماعات الأخرى، وتشير الإحصاءات والأرقام إلى أن منطقتنا هي الأكثر إقبالاً على هذا النوع من الزواج، بسبب الاعتقاد القائم أن ذلك الزواج يحافظ على ثروة الأسرة، نتيجة عادات وتقاليد متوارثة بأنّ ابن العم له الحق في ابنة عمّه من دون الرجوع إلى العاطفة والعقل، وهذا الزواج ظهرت من خلاله أمراض وراثية، لكن لابدّ لنا من الإشارة إلى الجانب الإيجابي في زواج الأقارب؛ وهو بروز صفات وراثية جيدة في المواليد، خاصة فيما يتعلق بالجمال والذكاء».

يضيف "رضوان" عن هذا النوع من الزواج: «أكثر المناطق التي تشهد هذا الزواج هي الأرياف، لاعتقادهم الجازم بالأفكار والعادات الموروثة، وظهر من خلال دراسات محلية أن المشكلات الاجتماعية في زواج الأقارب أكثر من الزواج التقليدي، ومؤخراً قمنا بالعديد من الجولات الميدانية للوقوف عند حالات من هذا الزواج، وبيان دراسة كاملة عنه، تحديداً في قرى "ريف تلّ حميس"، فكانت النتيجة أنّه في كل قرية من قرى تلك المنطقة، هناك حالة من حالات زواج الأقارب، ومعظم أجوبة الأزواج عن ذلك، أنهم يلتزمون بالعادات والتقاليد، وتمّ رصد حالات كثيرة من الأمراض ممن يتزوج من قريبته، خاصة الأمراض التالية: "البهاق، البرص"؛ لذلك بدأنا العمل نفسياً واجتماعياً مع أهالي القرى للحدّ من هذه الظاهرة، ضمن حملات توعية لكبار السنّ بالدرجة الأولى، لأنهم المعنيون باتخاذ القرار، ونعمل على توجيه الشباب لاستشارات طبية وإجراء فحوصات مخبرية، وهذا أقلّ ما يمكن عمله في زواج الأقارب».