القصة لوحة أدبية تتحدث عن ماض فيه الكثير، وتقدم حاضراً مملوءاً بالأحداث والمواقف، وتتطلع لمستقبل جديد برؤية استشرافية، ولكل عصر وزمان نموذجه وتوجهه في لغة القصة وتراكيبها وسردها.

مدوّنة وطن "eSyria" وبتاريخ 12 شباط 2014 وقفت عند عدد من كتّاب القصّة ليقدّم كل واحد منهم اتجاهه وتصوره في حال وواقع القصة بين الماضي والحاضر، وكانت البداية مع القاص "إسكندر شمعون" وكانت مقارنته بالقول التالي: «هناك من الكتّاب وخاصة كتّاب القصّة من يميل إلى القصة بنمطه القديم، ومنهم من يتقيدون ويلتزمون النمط الحديث والجديد، فلكل عناصره وأسسه، فالقصة قديماً تتطلب الواقعية ويكون السرد فيها بشكل كبير وبمساحة واسعة، أمّا كتابة قصّة ما ضمن عناصر وضوابط العصر الحديث فتتطلب التركيز على الخيال بشكل واضح ومكشوف والعلم والفلسفة، ومما تتطلبه أيضاً العودة بالأحداث إلى الوراء أي إلى الماضي، فعلى سبيل المثال أنا من كتّاب القصة على النمط الحديث، والقاص "إبراهيم بادل" وهو أيضاً من مدينة "القامشلي" يميل إلى الكتابة على النمط القديم يحب التحليل كثيراً، ومن ضوابط نهجنا في كتابة القصة الوصول إلى أعماق البطل في علاج شخصيته، إضافة إلى استخدامنا نهاية القصة وهي مفتوحة لتعطي القارئ حكمه وتصوره، وهذه النهاية هي الأجمل ولكن في القديم كان الكتّاب يستخدمون (الأنا) وبذلك يشعر القارئ بأنه البطل تماماً عند القراءة».

القصّة مثلها مثل أي موضوع آخر، ونستطيع التأكيد أن لكل زمن لغته وثقافته وأسلوبه مع الضوابط والأسس، فكتاب القصة في الماضي لا بدّ من تفوقهم وتميزهم بكتابة القصة ضمن أدواتهم والثقافة التي كانت مفروضة حينها، ولكن أنا مع أن يتوجه القاص في وقتنا إلى كتابة قصة ضمن ضوابط عصره، فالتطور والتقنيات والثقافة الحالية كلها عوامل مؤثرة وضرورية، وهذا هو توجهي واتجاهي

أمّا الكاتب "جمعة جمعة" كاتب العديد من القصص القصيرة، فقال عن الموضوع المذكور: «القصة القصيرة عملية بناء وتركيب تصوري، وتخيلي وهي مثل التنظيم لعناصر الخبرة في تكوين فني يتضمن عناصر التشويق، وهي وثيقة الصلة بالشعر والمسرح، والقصة القصيرة فن سردي حكائي تخبرنا بقصة معينة، ولا بد من معرفة الحقيقة التالية وهي أن القصة أقدم من سجّل وأرّخ تاريخ الإنسان، وخلال القرن العشرين أصبحت القصة القصيرة والرواية من أكثر أشكال التعبير الأدبي سيطرةً، والقصة القصيرة من أكثر الفنون الأدبية تنظيماً لأنها تقدّم لمحة خاطفة، فالجانب الفني يأخذ القدر الأكبر من المساحة، ولذلك نقول عنها: إنها عمل فني نثري يتميز بالبساطة والتكثيف، ولأنها صوت الفرد فهي تلازم الإحساس بشكل دائم، وبذلك تتطلب القصة القصيرة أن تركز على حياة كاملة وببضع دقائق».

ويضيف السيّد "جمعة": «القصة القصيرة تقوم بمحاكاة نسيج الحياة العادية القريبة من جو الأسرة، صحيح أنها تقدم مشاهد بسيطة وأحداثاً تبدو لنا أنها عادية لكنها على المستوى الفني ترتقي بنا كثيراً وتفتح أمامنا طريق المشاعر الإنسانيّة، ففي القرن العشرين استمرت نفس الاهتمامات القديمة، لكن مع إعلاء خاص لقيم أو عناصر الزمان والمكان، واهتمام أكبر بالشخصية وأبعادها الأكثر عمقاً، فالقصص القديمة قُدّمت باعتبارها نماذج للقصة، التي مازالت تقوم بنفس الوظيفة القديمة وهي محاولة تفسير وفهم الإنسان والعالم بشكل مختلف، علماً أنّ نهضة التعليم وانتشار الطباعة ونمو الطبقة الوسطى من العوامل الأساسيّة لظهور القصة القصيرة الحديثة، فقد اعتمد انتشار هذا الفن على الجمهور العريض من القرّاء الذي توافر لديه الوقت والاهتمام بمتابعة أشكال مختلفة من الخبرة والتعبير، ونستطيع القول أيضاً: إنّ أنواعاً فرعية للقصة القصيرة خلال القرن العشرين ظهرت كالقصص البوليسيّة وقصص الجريمة».

أمّا الكاتب "أنيس مديواية" فله حديث عن ماضي القصة وحاضرها عندما قال: «القصّة مثلها مثل أي موضوع آخر، ونستطيع التأكيد أن لكل زمن لغته وثقافته وأسلوبه مع الضوابط والأسس، فكتاب القصة في الماضي لا بدّ من تفوقهم وتميزهم بكتابة القصة ضمن أدواتهم والثقافة التي كانت مفروضة حينها، ولكن أنا مع أن يتوجه القاص في وقتنا إلى كتابة قصة ضمن ضوابط عصره، فالتطور والتقنيات والثقافة الحالية كلها عوامل مؤثرة وضرورية، وهذا هو توجهي واتجاهي».