لعل البيئة المحيطة بالطفل في مجتمعه ومدرسته وجيرانه ودائرته الضيقة تشكل عوامل مؤثرة بميوله، يساعدها في ذلك النضج، والجو الانفعالي من مديح وتشجيع أفراد الأسرة والمعلمين والمحيطين به، ما يجعله يميل لموهبة محددة لديه.

مدوّنة وطن "eSyria"، وبتاريخ 3 شباط 2014، وقفت عند هذا الموضوع الاجتماعي "الميول عند الأطفال" وذلك مع المعنيين والمختصين، وتعرفت الآراء المتعددة بمختلف اتجاهاتها، وكانت البداية مع الطفلة "سيما عبد الله" التي تحدّثت عن ميولها وتوجهها، وعشقها لهوايتها فقالت: «وجدت تشجيعاً كبيراً من قبل الأهل ودعماً معنوياً وإشرافاً مميزاً من قبل معلمي مدرستي، لديّ عشق منذ الصغر لعالم الرسم الشاسع والواسع، فيه المتعة والهدوء والجمال، ولذلك قررتُ أن يكون كلّ ميلي وتوجهي نحو إتقانه والتألق في ميدانه، وهناك حرص من الأهل أن أصل إلى درجة كبيرة من الإبداع فيه، ولكن حرصهم على التفوق في دراستي قبل أي شيء، أمّا المدرسة فهي الراعي الأهم، لأن المعلمين وخاصة مدرس التربية الفنية يأخذ دوره الكامل ويقدّم لي ولعدد من زملائي في الشعبة اهتماماً خاصاً لتوجهنا وهوايتنا».

وجدت تشجيعاً كبيراً من قبل الأهل ودعماً معنوياً وإشرافاً مميزاً من قبل معلمي مدرستي، لديّ عشق منذ الصغر لعالم الرسم الشاسع والواسع، فيه المتعة والهدوء والجمال، ولذلك قررتُ أن يكون كلّ ميلي وتوجهي نحو إتقانه والتألق في ميدانه، وهناك حرص من الأهل أن أصل إلى درجة كبيرة من الإبداع فيه، ولكن حرصهم على التفوق في دراستي قبل أي شيء، أمّا المدرسة فهي الراعي الأهم، لأن المعلمين وخاصة مدرس التربية الفنية يأخذ دوره الكامل ويقدّم لي ولعدد من زملائي في الشعبة اهتماماً خاصاً لتوجهنا وهوايتنا

المدرّس "عدنان حسين" المرشد النفسي في مدارس التربية، تحدّث عن تلك الحالة من الناحية النفسية والاجتماعية عندما قال: «إن معاملة الأطفال وتربيتهم وحماية المجتمع وأنفسنا من مشكلاتهم، وشعورهم بالسعادة وشعورنا بالسعادة معهم، كل هذا يتوقف على معرفتنا لميولهم وفهمنا لها، فإذا أردنا لأبنائنا تربية سليمة فلنتعرّف ميولهم وكيف ننميها عندهم، فربما يحب تلميذ ما الموسيقا ويعطيها الكثير من الوقت والاهتمام، وقد يكون هناك تلميذ إلى جانبه يكره ذاك الميل ولا يريد التقرب من الموسيقا نهائياً، وهنا لا بدّ من الوقوف عند رأي الوالد وتصرفاته مع ابنه الذي لا يقترب من الموسيقا، فمن المؤكد أنه أثّر في ابنه، فالميل والقدرة يسيران جنباً إلى جنب في أكثر الأحيان، غير أن هناك بعض الحالات التي لا يظهران فيها معاً، فربما يحدث مثلاً أن الذي لديه ميل شديد إلى الرسم العملي تكون قدرته فيه ضعيفة، وقد تكون عند تلميذ آخر قدرة كبيرة على الرسم ولكنه لا يميل إليه كثيراً، ومن هذا نرى أن الميل والقدرة عاملان يختلف كل منهما عن الآخر وينفصل عنه، فالميل إلى الرسم وحده لا يخلق فناناً من غير أن تتوافر عنده القدرة الكافية، ويمكن أن يساعده الميل ليستغل ما عنده من قدرات إلى أقصى حد».

الطفلة سيما

أمّا المرشدة الاجتماعيّة "حنين علي" فتحدثت عن الميل بقولها: «تتميز حياة الأطفال بين سن الثانية والخامسة بالميول التي يتضح فيها الخيال الواسع وحب الجري واللعب، ويميل الطفل في سن الثانية والثالثة إلى اللعب وحده ومع نفسه، ثم يتدرج في الميل إلى اللعب مع زميل آخر أو زميلين إلى أن يصبح بين سن الثامنة والثانية عشرة فيميل إلى الاندماج في الجماعات والنوادي، ولكن هذا لا يمنع من أن نلاحظ تخيلاتهم ومواهبهم ومطامحهم، ونلاحظ أيضاً البيئة التي يستمد منها الطفل خبراته، إذ إن هذه البيئة هي التي ستحدد ميوله من خلال الخبرات التي يكتسبها منها، ونحن نقوم باختبار ما يمارسه من هوايات».

المهندس "كادار شيخي" المتخصص في مواهب الأطفال وميولهم، تحدّث عن بعض الجوانب قائلاً: «هناك عوامل كثيرة تؤثّر في الميل، منها النضج، فلا يمكن لأي طفل أن يمارس نشاطه وهوايته إلا إذا وصل إلى مستوى النضج، والعامل الآخر هو الجو الانفعالي والمقصود به المديح والتشجيع من خلال أفراد الأسرة، فالأطفال يتأثرون كثيراً بالميول السائدة في الأسرة، وللبيئة العامل المؤثر أيضاً فكل ما يحيط بالطفل في مجتمعه ومدرسته وجيرانه ودائرته الضيقة كلها عوامل مؤثرة وبشكل كبير، حقيقة يتم اكتشاف الميول من خلال ملاحظة ومراقبة الطفل في كل ما يمارسه ويعمله وقت فراغه، وتحليل إجاباته التي توجه إليه في صورة استفتاء».