ذكرى أليمة قبل مئات السنين، تحوّلت إلى رقصة تراثيّة لدى الآشوريين، ومع مرور الزمن تناقلتها الأجيال، وباتت الرقصة إرثاً لدى أهالي المنطقة عامة، التي تتميز بحركات ونغمات جميلة.

مدوّنة وطن "eSyria" بتاريخ 14 أيار 2018، تعرّفت إلى رقصة "كوله" من خلال إحدى مدرّبات الرقصات التراثية والشعبية في "القامشلي" الفنانة "رمثا شمعون"، حيث قالت: «هي إحدى أهم الرقصات في ربوع الجزيرة السورية، وإحدى أقدم الرقصات على مستوى المنطقة، للشباب اهتمام واضح وكبير بها، والأهم أن الحفاظ عليها من الاندثار رسالتهم وغايتهم».

هي إحدى أهم الرقصات في ربوع الجزيرة السورية، وإحدى أقدم الرقصات على مستوى المنطقة، للشباب اهتمام واضح وكبير بها، والأهم أن الحفاظ عليها من الاندثار رسالتهم وغايتهم

وأضافت: «"الكوله" تعني الربيع بالنسبة لمصطلحات الآشوريين، لكونها رقصة انطلقت من عندهم. أمّا القصّة التاريخيّة لها، فهي قديمة جداً، تعود إلى سنوات بعيدة، حيث تمّ زفاف ثلاث فتيات في يوم واحد، وأثناء مراسم الاحتفال، تنقل الحضور والعرائس من قرية إلى أخرى، صادفهم جبلين وكانا مكتظين بالثلوج، سقطت تلك الثلوج على المحتفلين من شدة قرع الطبول، ولم يستطع الأهالي العثور على بعض الجثث، إلا بعد ذوبان الثلوج في فصل الربيع، في ذلك الفصل، تم العثور عليهم، منذ ذلك الوقت، يحتفل في كل فصل ربيع بالرقصة التراثية، وقد عدّها الآشوريون واجباً لتأدية مراسمها كل عام وضمن طقوس معينة، سواء في الرقصة التي تشبه كثيراً رقصة "الباكية" من حيث الحركات والعزف، وهي عبارة عن ثلاث حركات إلى الأمام ومثلها إلى اليمين، وبينهما توقف بسيط، مع هز اليدين والكتفين، إلى جانب الرقصة، يحافظ الآشوري على اللباس الشعبي الفلكلوري أثناء تأدية الاحتفال في الفصل المذكور».

يختلف اللباس وتبقى الرقصة

عن الملابس الفلكلورية الخاصة برقصة "الكوله"، تضيف "رمثا": «يختلف زيّ النساء عن الرجال، وأغلب الأحيان يكون هناك أربعة رجال ومثلهم من النساء في الرقصة، ويتألف زي النساء من فستان طويل مُطعّم بألوان زاهية، تتحزم بحزام من الفضّة، ولباس الرأس قبّعة دائرية ملفوفة بقطعة طويلة من القماش الأسود، مع ريش ملوّن. أمّا لباس الرجال، فيتألف من غطاء للرأس مصنوع من صوف أسود، وقطعة قاسية مصنوعة من الصوف تكون بمنزلة الترس الذي يحمي الجسم، ويرتدي الرجل قميصاً أبيض اللون يناسب لون السروال، ومنهم من يضع خنجراً للدلالة على القوة. وحافظ المحتفلون على ذلك الطقس الفني سواء بالرقصة أو اللباس لسنوات طويلة، مع إحياء ذلك كل سنة في فصل الربيع بين أحضان الطبيعة، وأمام حشد الحضور، وكانوا يعدون لاستقبال تلك المناسبة قبل شهر وربما أكثر، من قبل أهل الفن والتراث، ونحن بدورنا نقوم بتعليم الشباب واليافعين رقصة "كوله"؛ لكونها إرثاً وأمانة فنية».

بدوره "نعيم دنحو" من فناني المنطقة، تحدّث عن رقصة "كوله" أثناء الحفلات الفنية التي يؤديها من خلال حديثه التالي: «لم يعد الاهتمام كبيراً بارتداء الملابس الفلكلورية الخاصة بتلك الرقصة منذ عدّة سنوات، لعدم توفر موادها، وعدم قدرة الكثيرين من الخياطين على تفصيل تلك الملابس كما هو مطلوب. أمّا الرقصة والحفاظ عليها في جميع المناسبات والحفلات، فهي قائمة، وفي كل حفلة، فالشباب يطالبوننا بإعطاء حصة واسعة لرقصة "كوله"، ليتفننوا فيها بالحركات الجميلة والحماسة الواضحة، يمارسها حتى كبار السن، ومنهم من يظنّ أن الرقصة وتأديتها واجب فني واجتماعي».

رمثا شمعون

"رودي خير الدين" من شباب المنطقة أشار إلى انتشار الرقصة ضمن الأعراس العربية والكردية، عن ذلك تحدّث قائلاً: «أجمل ما في أعراس المنطقة، أن رقصات كل الطوائف والألوان تُؤدى، هناك رغبة من فئة الشباب عامة بتعلم كل أنواع الرقصات الخاصة بمنطقتنا، خاصة التراثية منها، فالأكراد في مناسباتهم يطالبون الفنان بإحياء "الكوله"، حتى إن لم يتقنها، ويجب أن تُعزف بآلة "الأورغ"، وهو ما حصل كثيراً، إضافة إلى أنها رقصة سلسة وممتعة، تحتاج إلى المهارة والحيوية».

"كوله" في حفلات الأعراس