يعدّ من أقدم المحال في المدينة، تميّز بطريقة تصميمه الجميلة والنادرة، خصّص في الصباح لبيع صغار المدارس، وفي المساء لجلسات الكبار والرجال.

مدوّنة وطن "eSyria" بتاريخ 7 أيلول 2017، وقفت عند قصة أحد أقدم المحال في مدينة "القامشلي"، مع صغره وتواضعه، لكنه احتضن الكثير من القصص الجميلة والذكريات الطيبة، يرويها من عاصر تلك المرحلة، ومنهم المؤرخ "أنيس حنا مديوايه" وأحد كبار السن في المنطقة، حيث قال: «إضافة إلى الدور الرئيس الذي كان يقوم به صاحب المحل من بيع وشراء، إلا أنه أدّى مهام وواجبات كثيرة، منها اجتماع عشرات الأطفال يومياً للشراء والاستمتاع وقضاء وقت للراحة بعد ساعات التعب في المدرسة، والمحل كان مخصصاً للتلاميذ بنسبة كبيرة، فقد كان الوحيد على طريق المدارس في تلك الحقبة، أمّا اللحظات الأخرى والأجمل بالنسبة لنا، فكانت عند اجتماع رجالها في المحل أو خارجه لمناقشة قضايا الحي والمدينة، ومناقشة متطلبات الناس، إضافة إلى الاجتماع في أغلب الأحيان للانطلاق منه إلى تأدية واجب للفرح أو الحزن، وأحياناً كثيرة كان الرجال يقضون ساعات كثيرة فيه، ولا يتركونه حتّى موعد إغلاقه، ثم يتوجه كل شخص إلى منزله. تلك اللحظات باقية في الذاكرة بكل طقوسها عند شرب الشاي والقهوة، ومرات كثيرة تناول الطعام، وفي فصل الشتاء كان الجلوس أمام مدفأة صغيرة نتجمهر حولها لنبعد عن أنفسنا برد الشتاء القارس، ومع ذلك نبقى في المحل الذي وجدنا فيه دفء الأهل والجيران والأصدقاء».

إضافة إلى الدور الرئيس الذي كان يقوم به صاحب المحل من بيع وشراء، إلا أنه أدّى مهام وواجبات كثيرة، منها اجتماع عشرات الأطفال يومياً للشراء والاستمتاع وقضاء وقت للراحة بعد ساعات التعب في المدرسة، والمحل كان مخصصاً للتلاميذ بنسبة كبيرة، فقد كان الوحيد على طريق المدارس في تلك الحقبة، أمّا اللحظات الأخرى والأجمل بالنسبة لنا، فكانت عند اجتماع رجالها في المحل أو خارجه لمناقشة قضايا الحي والمدينة، ومناقشة متطلبات الناس، إضافة إلى الاجتماع في أغلب الأحيان للانطلاق منه إلى تأدية واجب للفرح أو الحزن، وأحياناً كثيرة كان الرجال يقضون ساعات كثيرة فيه، ولا يتركونه حتّى موعد إغلاقه، ثم يتوجه كل شخص إلى منزله. تلك اللحظات باقية في الذاكرة بكل طقوسها عند شرب الشاي والقهوة، ومرات كثيرة تناول الطعام، وفي فصل الشتاء كان الجلوس أمام مدفأة صغيرة نتجمهر حولها لنبعد عن أنفسنا برد الشتاء القارس، ومع ذلك نبقى في المحل الذي وجدنا فيه دفء الأهل والجيران والأصدقاء

أمّا الكاتب "ملكون ملكون" صاحب الذكريات الجميلة أيضاً، فتحدّث عن تفاصيل أخرى متعلقة بالمحل، بالقول: «قبل أن نصل إلى شارع "القوتلي" ونحن في طريقنا إلى المدرسة أو في طريق عودتنا منها، كان لا بدّ للطفولة أن تكتمل فرحتها وغايتها اليومية بالوقوف أمام واجهة محل خشبية زرقاء، مقسمة إلى مربعات ومستطيلات بلورية، أغلب الوقت كان يبدو ذلك المحل مغلقاً، لكنه الطقس اليومي الذي لا بد منه أن نطرق بقطعة نقد معدنية على البللور ليأتي "جان"، أو "ميشيل" متثاقلين في مشيتهما، وقد يتأخران في فتح النافذة الصغيرة لبيع الأطفال "سكر براغي، أو قمردين غامق، أو آيس مثلج، أو كرز مجفف". يعدّ المحل الأشهر في مدينة "القامشلي" وريفها القريب والبعيد، ويعود إلى صاحبه الراحل "صبري قليونجي"، وأجمل ما في هذا الرجل أنه كان يداعب الأطفال ويلاطفهم، وقد أدركنا طفولتنا الجميلة على عتبة واجهته الخشبية، واعتدنا وجودنا هناك يومياً حتى لو لم نأتِ لشراء أي شيء، وكان خلفه ولداه "ميشيل وجان"، وكان الوالد يفضل البيع للصغار. المحل لم يتطور وحافظ على تفاصيله وصغره وبساطته على الرغم من سنوات عمره الكثيرة في العمل والحياة. ولا بدّ من الإشارة إلى أن النظرة الأولى إلى محتوياته تشي بأنه لا يحوي إلا القليل من البضاعة، لكن في داخل البيت الملتصق بالمحل كانت البضاعة الكثيرة تتوضع والأسعار المنافسة كانت حاضرة. حتّى عندما كبر الأطفال بقيت علاقتهم الحميمة مع هذا المكان قائمة حتى توفي "ميشيل"، وهاجر "جان"، وأسدل الستار عام 2006 على جزء من تاريخ "القامشلي"، بعد أن اندثر المحل نهائياً، ولم يبقَ له أثر إلا الشارع الذي يقع فيه، وذكريات كبار السن، التي بقيت مع أصوات قطعهم النقدية المعدنية تذكرهم عندما كانوا أطفالاً».

أنيس مديوايه
ملكون ملكون