ملعقة صغيرة بلونها الذهبي، كانت تجمع العشرات من أبناء المنطقة لحضور حفلة زفاف أو خطبة، ومع أن زمن تلك البطاقة انتهى، إلا أنها باقية في الأذهان.

مدوّنة وطن "eSyria" بتاريخ 26 تموز 2017، فتحت صفحة من صفحات الماضي البعيد للجزيرة السورية، تخص تراثها وعاداتها، وتنال اهتماماً وإعجاباً من قبل فئة الشباب تحديداً، وهي "الملعقة الذهبية" الصغيرة، فهم يجهلون دورها في الماضي، خاصة أن تلك المعلقة لها قصة جميلة مع حفلات الأعراس، فتحدّث الشاب "حميد علي السعدون" عنها قائلاً: «هذه الأداة أدهشتنا، فهدفها ودورها في الماضي البعيد كان رائعاً وجميلاً، عرفنا أنها كانت تعوّض عن بطاقات الأفراح في الوقت الحالي، هذه المعلومة جديدة وفي الوقت نفسه غريبة بعض الشيء، لذلك نتداولها في جميع الجلسات الصغيرة والعامة، ليتعرف إليها كل أبناء المنطقة، فهي ذات قيمة كبيرة، وانتشار دورها مهم جداً، ولدى الشباب رغبة كبيرة في التعرّف إليها عن قرب، والاستعانة بها في أماكن مختلفة، لتكون شاهداً حياً لكل من يريد معرفة جزء مهم من تراث منطقته، وهناك شباب آخرون اقترحوا أن يتم إحياء هذه البطاقة، حيث يقدمون ملعقة أو أكثر للمقربين منهم في أعراسهم القادمة، ليشرحوا عنها، ويعيدوا أمجادها، وحتى لا تندثر من الأذهان، وتتعرّفها كل الأجيال».

عندما سمعت عنها وعن قصتها، بحثت عنها مطولاً في سبيل الحصول على أي قطعة منها في المنطقة، كان وجودها نادراً جداً، وبعد جهد كبير حصلت على ثلاث قطع فقط، فهي من النحاسيات ومتوسطة الحجم، وكانت تأتي من مدينة "حلب" بنسبة أكبر، خصصت لتجمع الناس في حفلات الأعراس والخطبة، هناك زوّار يأتون لزيارتي يومياً ليس من أجلي، بل في سبيل التعرف إليها، والسؤال عنها، من كل المناطق والأعمار والأجناس، وقد عرض علي الكثير في سبيل بيعها، لكنني رفضت، فهي قطعة ثمينة، والطلب عليها بعد معرفتها يعود إلى أنها كانت تجمع كل ألوان وأطياف مجتمعنا على الفرح تحديداً، ونحن اليوم نتذكر من خلالها تلك الأيام الجميلة

أحد كبار السنّ الحاج "نور الدين خليل دهام" من ريف "القامشلي"، قدّم عن تلك الملعقة بعض المعلومات التاريخية، وقال: «الدور الذي كانت تقوم به الملعقة النحاسية الذهبية كانت قبل سبعين عاماً أو أكثر بقليل، الجميع كانوا يجتمعون ويفرحون ويقضون ساعات من الرقص والغناء من خلال هذه القطعة المعدنية الصغيرة، كان الأهل يبحثون عن طريقة للاجتماع في الفرح بالعرس من خلال وسيلة معينة، ووصلوا إلى نتيجة من خلال ملعقة صغيرة جداً يوضع فيها عدد من السكاكر، وتقدم للأسرة، ومع تسليمهم لتلك الأداة، يعرفون أنها بطاقة دعوة لحضور الزفاف، والذي يقوم بإيصال البطاقة يقدم لهم التفاصيل عن مكان وموعد العرس بالكلام الشفهي، وصاحب الدعوة لم يكن يحتاج إلى ملاعق كثيرة، فالأشخاص الذين كانوا يقدمون الدعوات لهم، كانوا محددين جداً، إضافة إلى الاختصار في الدعوات، يعني الأسرة التي تتفرع منها بيوت إضافية، تتم دعوتهم جميعهم بمعلقة واحدة، ويتم إخبارهم بذلك، والاستعداد للفرح يبدأ مع وصول تلك البطاقة، بدءاً من المدعوين، وانتهاءً بعائلة العريس والعروس. كانت الملعقة تبقى في المنزل الذي أهديت له، ولا تتم إعادتها، لكن الأهالي كانوا يقومون بإعارتها أحياناً إذا دعت الحاجة، لأنّ الأعداد المتوفرة بالسوق في بعض الأحيان كانت قليلة».

أدمون صليبا

أمّا "آدمون صليبا" من أبناء مدينة "القامشلي" ومن المهتمين بجمع الأدوات التراثية، ويملك عدداً من القطع لتلك الملاعق، فإنه يعدّها ذكرى جميلة وكنزاً تراثياً ضمن مجموعته الكبيرة، وأضاف: «عندما سمعت عنها وعن قصتها، بحثت عنها مطولاً في سبيل الحصول على أي قطعة منها في المنطقة، كان وجودها نادراً جداً، وبعد جهد كبير حصلت على ثلاث قطع فقط، فهي من النحاسيات ومتوسطة الحجم، وكانت تأتي من مدينة "حلب" بنسبة أكبر، خصصت لتجمع الناس في حفلات الأعراس والخطبة، هناك زوّار يأتون لزيارتي يومياً ليس من أجلي، بل في سبيل التعرف إليها، والسؤال عنها، من كل المناطق والأعمار والأجناس، وقد عرض علي الكثير في سبيل بيعها، لكنني رفضت، فهي قطعة ثمينة، والطلب عليها بعد معرفتها يعود إلى أنها كانت تجمع كل ألوان وأطياف مجتمعنا على الفرح تحديداً، ونحن اليوم نتذكر من خلالها تلك الأيام الجميلة».

بطاقة الدعوات في المعرض