يتجمهر الأطفال مع بعضهم بعضاً للاستماع إلى قصة من الماضي البعيد، ولكبار السنّ أحاديث وذكريات لا تجمعهم إلا أيام فصل الشتاء.

مدوّنة وطن "eSyria" وبتاريخ 6 كانون الثاني 2016، وقفت عند أجواء فصل الشتاء في مدينة "القامشلي"، التي تحظى باهتمام كبير، خاصة لمن عاش قصصها وأجواءها منذ عشرات السنين وحتّى وقتنا الحاضر، ومن كبار السن من يعد طقوس الماضي التي تتزامن مع ذلك الفصل جزءاً منهم، وهو ما أكّده الحاج "صالح حاج عبد الله"، وأضاف: «لا نبالغ إذا قلنا إن الكثيرين منّا لا يجتمعون إلا في زمن محدد، وذلك الزمن نفضّل أن يكون في فصل الشتاء، والسبب الرئيس في ذلك أننا من أهل الريف، وعادة ما يكون الصمت والهدوء سمة فصل الشتاء في قرانا، ليكون هناك شبه استقرار في الدور السكنيّة، وتكون هناك اجتماعات يومية من قبل جميع رجال القرية في منزل معيّن، تخصص لقلب ذكريات الماضي بكل ما فيها من متعة وفائدة، إضافة إلى ذلك يكون هناك رجل متخصص في سرد قصص قديمة جداً والفائدة من ذلك العبرة والعظة، وذاك المختص في الحديث يقف مطوّلاً في الفكاهة و"النكت" والطرائف، لنعيش معاً أجواء المرح والفرح وتبقى قائمة لساعات طويلة، ولا أحد يغادر منزل الاجتماع إلا بعد منتصف الليل».

جميعنا نجتمع حول المدفأة التي تزين الجلسة، وأبدأ سرد قصة على الحاضرين، وأغلبهم من الأطفال، والكثيرات من النسوة الكبار أيضاً يفضلن الاستماع، وأغلب أيّام فصل الشتاء تمر بهذه الصورة الطيبة، لكن غايتي تكون من سرد القصص والحكايات أن أروي قصة فيها فائدة وتعليم وتربية وحكمة للأطفال، وبعد مدة من الزمن، هم يطرحون عليّ رواية قصة معيّنة سابقاً سمعوا عنها، لنستغل تلك الجلسات وذلك الفصل بتعليم الأطفال التربية السليمة بطريقتنا الخاصة

ويضيف "علي السيد الهليل" عن بعض أجواء وطقوس الرجال في فصل الشتاء: «هناك مدة من الزمن ضمن تلك الاجتماعات الليلية، تخصص لمناقشة واقع القرية، وصعوباتها وأوجاعها، وربما الحديث عن صلح ما بين متخاصمين، أو التطرق إلى موضوع مبادرة إنسانيّة واجتماعيّة، وهناك موضوع مهم يتم تداوله بيننا في تلك السهرات الشتوية الممتعة، هو ضرورة تحلي الشباب والأجيال الحالية بالأعراف والتقاليد التي ورثناها من الآباء والأجداد، يكون فيها الخير والصلاح، والمحبة والتآخي، وهناك تبادل للزيارات في فصل الشتاء تحديداً بين القرى، وخاصة المتجاورة فيما بينها، وفرصة مناسبة ومهمّة لتمتين وتعزيز الأواصر الاجتماعيّة، فهي فترة للاسترخاء من العمل والجهد الذي بذل في الأرض الزراعية، فعندما يحل هذا الفصل تحل النشوة في جميع القلوب، فالمنطقة زراعية ومع تساقط الأمطار والخيرات، تكون الفرحة مضاعفة، وليس لها أي تصوير نظري».

السيد صالح

الشاب "خليل صالح محمود" بيّن دور الشباب في فصل الشتاء بالقول: «أدوارنا شبيهة جداً بطقوس وأجواء كبار السنّ، والكثيرون منّا يتواجدون معهم بفترات زمنية كثيرة، إضافة إلى أخذ مساحة كافية للعب والترفيه فيما بيننا نحن الشباب، سواء أكان ذلك في منازلنا بالمدينة، أم بالتوجّه نحو الريف، والبقاء هناك لعدد من الأيام، حيث يتواجد أغلب الأهل والأحبة، وننسق ونتواصل مع بعضنا بهدف الوصول إلى مكان ما يلمنا ويجمعنا، وتكون مناسبة لتأدية الكثير من الواجبات الاجتماعيّة، وندوّن تلك الأيام في ذاكرتنا ونسردها مع مرور السنوات، لأنها أهم وأجمل وأغلى الأيام».

الحاجة "نوفة محمّد العلي" التي تكون حصتها من الأطفال الذين يتجمهرون حولها، من أجل الاستماع إلى قصة عمرها مئات السنين، فتقول عن ذلك: «جميعنا نجتمع حول المدفأة التي تزين الجلسة، وأبدأ سرد قصة على الحاضرين، وأغلبهم من الأطفال، والكثيرات من النسوة الكبار أيضاً يفضلن الاستماع، وأغلب أيّام فصل الشتاء تمر بهذه الصورة الطيبة، لكن غايتي تكون من سرد القصص والحكايات أن أروي قصة فيها فائدة وتعليم وتربية وحكمة للأطفال، وبعد مدة من الزمن، هم يطرحون عليّ رواية قصة معيّنة سابقاً سمعوا عنها، لنستغل تلك الجلسات وذلك الفصل بتعليم الأطفال التربية السليمة بطريقتنا الخاصة».