في حقول البطيخ أثناء موسم الجني تنشأ علاقات اجتماعية جديدة تتطور مع الأيام، وتتعزز أخرى كانت موجودة من خلال التعاون وحسن الضيافة والتسلية، خاصة برفقة الأطفال.

مدوّنة وطن "eSyria" وبتاريخ 15 آب 2015، وخلال زيارتها إلى قرية "دير غصن" التي تبعد عن مدينة "القامشلي" 70كم، وتشتهر بكثرة بساتينها المزروعة بالبطيخ، ولذلك باتت منتجعاً ترفيهياً للزوار من خارج القرية، ولأهل المنطقة والقرية ذاتها، فأجواء وطقوس تلك البساتين مميزة، وهو ما تحدّث عنها صاحب أحد البساتين الحاج "محمود علي"، ويقول: «منتصف شهر تموز يبدأ العمل في جني البطيخ، الذي يستمر حتى نهاية شهر آب، وتكون مهمة الجني محصورة بالشباب بدرجة كبيرة، حيث إنه بعد قطع البطيخ من الأغصان يتطلب حملها ونقلها إلى سيارة النقل فوراً.

الصورة الأجمل في تلك البساتين، منظر الأطفال مع البطيخ، فكل يأكلها بطريقته الخاصة، وأغلبهم لا يعرفون التعامل مع الحجم الكبير لتلك الفاكهة، فيأكلونها وتتسخ ملابسهم، لكن مع الكثير من الفرح والتسلية

ساعة التوجه إلى الحقل تكون في الخامسة صباحاً، ويستمر العمل لساعات طويلة حتّى الانتهاء من تأمين الكمية المطلوبة للبيع وللتجار الحاضرين، أما صاحب الحقل فيحمل بيده أداة حادة ليقطع بين الحين والآخر بطيخة للزوار أو الراغبين ممن يحضرون خصيصاً لتناولها في البستان، وخاصة الأطفال، الذين يصممون على تقديم المساعدة من شدة تعلقهم وحبّهم لهذه الفاكهة، ولأن جسمهم غير قادر على الحمل والتعاون في النقل؛ فمنهم من يتعثر وتسقط منه البطيخة وتنكسر ولا تعد صالحةً للأكل، وآخر يقوم بكسر بطيخة بنفسه ويبدأ تناولها، ويوزع منها على من هم في الحقل، كصورة معبّرة عن كرم أطفال القرى، وكل ذلك بإرادة صاحب البستان الذي يساهم في بناء علاقات اجتماعية في غاية الجمال والأهميّة، من خلال قضاء أجمل الأوقات في موسم البطيخ».

عفوية الأطفال

"نيروز حسن" من سكان قرية "دير غصن" تحدثت عن أجواء القرية في موسم البطيخ، وتقول: «نقوم جميعنا يومياً بزيارة حقول البطيخ، وتحديداً مع الساعات القليلة التي تسبق الغروب، ومن خلال تجمع أغلب بنات القرية وضيوفها من الفتيات، وقد نلتقي فتيات أخرى من قرى قريبة ومجاورة، فتكون فرصة لتعارف العشرات ورسم العلاقات الاجتماعية إلى أبعد درجاتها، وفي كثير من الأحيان يصل التعارف إلى تكوين صداقات وتبادل الزيارات في الدور السكنية.

في الحقل عادة ما نقوم بالغناء الجماعي أو الفردي في أحد جوانب الحقل، وفي طرف آخر تكون مجموعة من العمال قد أرهقهم العمل فيستريحون ويبادرون لتناول البطيخ، ويكون لنا نصيب في مشاركتهم متعة أكل البطيخ في الحقل، حتّى من يمر مرور الكرام على الطريق يأخذ حصته من دون أن يطلب».

صاحب الحقل محمود علي

وتضيف: «الصورة الأجمل في تلك البساتين، منظر الأطفال مع البطيخ، فكل يأكلها بطريقته الخاصة، وأغلبهم لا يعرفون التعامل مع الحجم الكبير لتلك الفاكهة، فيأكلونها وتتسخ ملابسهم، لكن مع الكثير من الفرح والتسلية».

"نسرين مرعي" من زوّار مدينة "القامشلي"، وعن الأجواء التي عاشتها في موسم البطيخ في قرية "دير غصن" تقول: «كانت زيارة حقل البطيخ ضمن البرنامج المخطط له في زيارتي إلى المدينة، استمتعت كثيراً برؤية ذلك المزيج بين أجواء العمل والتسلية، تبادل القصص والحكايات والأغاني، وإقامة علاقات اجتماعية جديدة، والكرم كان عنوان كل التفاصيل».