عندما يقترب موسم الحصاد تبدأ الفتيات تجهيز أنفسهن لرحلة "العجاف" بهدف تنظيف الأراضي الزراعية التي نالت حاجتها من الأمطار؛ ضمن طقوس وأجواء اجتماعية مميزة.

مدوّنة وطن "eSyria" وبتاريخ 25 نيسان 2015، وخلال جولتها على عدد من قرى ريف "اليعربية" رصدت جميع الطقوس التي ترافق "العجاف"، فحصلت على عناوين اجتماعيّة تصدت بالحديث عن بعضها الشابة "وفاء الصالح" من قرية "قلعة الهادي الغربية"، وقالت عن "العجاف": «للأنثى حصة كبيرة من النشاط والحركة والحيوية في الأرض الزراعية، وبالنسبة للعجاف فالأيام الأخيرة من فصل الربيع موعده، وفترة التوجه نحو الأراضي الزراعية من أجل إزالة ونزع النباتات الضارة التي ظهرت ضمن القمح أو العدس أو الشعير وغيرها من المحاصيل الزراعية، وهناك قوانين ومبادئ لهذه الحملة، منها أن بنات القرية وخاصة العازبات يخرجن في هذه المهمة، فصاحب الأرض وعند المساء يتجول على جميع الدور السكنية ويطلب من الفتيات التحضير والتجهيز من أجل الذهاب إلى أرضه في الصباح الباكر لتنظيفها، ويكون هناك تنسيق مع أصحاب الأراضي في القرية، حيث لا تتم الدعوة من شخصين، بل يقوم الرجال بالتنسيق فيما بينهم، ويطلبون من الفتيات التوجه إلى المكان المطلوب تنظيفه، وعندما تكون الأرض قريبة فالذهاب يكون سيراً على الأقدام، وعندما تكون المسافة بعيدة يقوم صاحب الأرض بتأمين سيارة لأخذ الفتيات في الصباح الباكر وإعادتهن عند غروب الشمس».

بالنسبة للمصطلح فقد ورثناه منذ الأزل وهو يرمز إلى انتزاع الأوساخ والأعشاب غير اللازمة من الأراضي الزراعيّة، وبذلك عندما تنظف الأرض الزراعية فإن النتاج يكون أفضل، أمّا "الشاويش" فينظم العمل، ويشرف على العاملات، ويقوم بتأمين وصولهن وإعادتهن إلى منازلهن، ويكون في تجوال دائم بينهن على مساحة للأرض من أجل التشجيع والتحفيز على مضاعفة العمل، وعادة ما يحدد "الشاويش" ساعة الإفطار والغداء، وتحديد الفواصل للاستراحة، وكذلك ساعة الذهاب والمغادرة، لكن ضمن كل ذلك الفتيات يعرفن عملهن ويقمن به كما هو مطلوب وضمن طقوس اجتماعية مثالية

وكان لـ"نور السعيد" إضافات عن طقوس العجاف، قالت عن ذلك: «نحن بدورنا وعند المساء نقوم بتحضير أنفسنا من خلال تجهيز ملابس العمل، وتجهيز الطعام الذي سيرافقنا؛ فوجبة الإفطار والغداء نأخذهما معنا إلى الأرض الزراعيّة، ولا نأخذ أي أداة، فالتنظيف يكون من خلال اليد، وبالنسبة لتجمع الفتيات فيكون في نقطة وزاوية على أطراف القرية يحددها صاحب الأرض، بالنسبة لمن يؤدي "العجاف" فهن الفتيات حصراً وضمن أعمار الحيوية والنشاط يعني عمر الشباب، فالصغيرة لا تقدر والكبيرة بالعمر أيضاً والمتزوجة لها واجبات منزلية، وهناك من الشباب من يساعد ويتبرع بالعمل، وقد تكون هناك فتاة صغيرة أو متزوجة لا يمنع ذلك، ولكنها حالات شبه نادرة، وعندما نذهب إلى الأرض تقوم إحدانا بالغناء أو سرد قصة وحكاية ممتعة، ويكون التفاعل والتصفيق في أجواء طيبة، وطقوس وعملية "العجاف" قديماً وحتّى يومنا بذات الطريقة والأسلوب بالاعتماد على اليد في نظافة الأرض، ومن خلال الأنثى».

الأرض بعد التنظيف

أمّا "نيروز علي" فتابعت عن أجواء أخرى تحصل معهن خلال "العجاف": «عند الوصول إلى الأرض تقف الفتيات على نسق واحد وتكون هناك مسافة قصيرة بينهن، لتبدأ عملية نزع الأعشاب منذ بداية الأرض وحتى نهايتها بالتساوي، وتبدأن مع العمل الأهازيج والأغاني ويكون التفاعل وتبادل الأدوار بينهن، وبعد عدة ساعات من العمل نجلس في نقطة ما وتكون وجبة الإفطار، وكل واحدة تكون قد جلبت نوعاً من الطعام وجميعنا يضع ما جلبه على مائدة واحدة، ويتشارك الجميع في الأكل، وبعد الانتهاء من تناول وجبة الإفطار نتابع العمل، وعند الظهيرة نتناول وجبة الغداء، وليس هناك تقصير أو استرخاء في العمل، فالعمل يجب أن ينجز بيوم أو ربما أكثر، ولكن مع العودة في المساء إلى المنزل، يكون بعض التعب والإرهاق فلا نستطيع الغناء، لكن قد تتصدى واحدة منا للمهمة رغم الجهد خلال ساعات العمل، وعند استلام المزارع أو صاحب الأرض القيمة المالية لمحصوله الزراعي، يقدم لكل واحدة منّا مبلغاً مالياً يتفق عليه؛ وهو معروف على مستوى المنطقة كلها».

أما "علي عبد الله" صاحب صفة "الشاويش"، فحدثنا بالقول: «بالنسبة للمصطلح فقد ورثناه منذ الأزل وهو يرمز إلى انتزاع الأوساخ والأعشاب غير اللازمة من الأراضي الزراعيّة، وبذلك عندما تنظف الأرض الزراعية فإن النتاج يكون أفضل، أمّا "الشاويش" فينظم العمل، ويشرف على العاملات، ويقوم بتأمين وصولهن وإعادتهن إلى منازلهن، ويكون في تجوال دائم بينهن على مساحة للأرض من أجل التشجيع والتحفيز على مضاعفة العمل، وعادة ما يحدد "الشاويش" ساعة الإفطار والغداء، وتحديد الفواصل للاستراحة، وكذلك ساعة الذهاب والمغادرة، لكن ضمن كل ذلك الفتيات يعرفن عملهن ويقمن به كما هو مطلوب وضمن طقوس اجتماعية مثالية».

بدء العمل