عندما يدخل العروسان في منطقة "القامشلي" القفص الذهبي، يبدأ المقرّبون والأصدقاء تجهيز الولائم لهما، وهي فرصة لبناء علاقات اجتماعيّة جديدة، والأهم أنه حفاظ لعرف قديم تم توارثه عن الأجداد.

مدوّنة وطن "eSyria" وبتاريخ 8 شباط 2015، رصدت هذه الظاهرة في أحد منازل مدينة "القامشلي"، وهي تواجد عدد كبير من المحبين والأصدقاء حول وليمة أبطالها عروسان جديدان، وقد تحدث صاحب الوليمة "حسين حاج محمود" عن دعوته هذه بالقول: «عمري يقارب الثمانين عاماً، وأنا ملتزم بعادة اجتماعية ورثتها وشاهدتها من جدي ومن والدي أيضاً، فعندما يتزوج أحد من أقاربنا سواء من الشباب أو الفتيات، فإنني كرب للأسرة أدعوهم لوليمة غداء يتشرف عليها أهل العروسين وأعمامهما وأخوالهما، وعدد من المقربين جداً سواء لنا أو من طرف العروسين، وبما أنني أعيش وطوال سنوات عمري في الريف، فإننا نفضّل أن تكون الوليمة في فصل الربيع، حتّى ولو حصل الزواج في فصل آخر، ولو فصلنا عن يوم زواجهما أشهر، خاصة إذا كانا من أهل المدينة، فتلك الوليمة وتحديداً في فصل الربيع هي فرصة لزيارة القرية والتمتع بجمالها وهدوئها، والزيارة تكون فرصة لقضاء أكثر من يوم ضمن أحضان الطبيعة الجميلة، ولذلك نعدها سياحة ممتعة لمن دخل القفص الذهبي، ويكون الاحتفال بهم في أوجه، و"المناسف" تكون عديدة والذبائح كثيرة، وكل ذلك تكريماً وتقديراً من شدّة فرحتنا بزواج من نحب».

كانت الدعوة من خالي في منزله بمدينة "القامشلي"، وكانت رائعة لأنني شاهدت عدداً من أقربائي لم أحظَ بمشاهدتهم منذ سنوات، وجلسنا لساعات طويلة كانت ممتعة لأنها تناولت العلاقة الاجتماعية التي تربط العائلة منذ عشرات السنين وحتّى اليوم، ومن خلالها نثرت علينا قصص لم نعرفها من قبل عن كبار أسرتنا الذين غادروا الحياة

أمّا السيد "صالح عبد الله" وهو من الذين يعززون هذه الظاهرة الاجتماعيّة، فيطالب بالحفاظ عليها حتّى اليوم، لأنها فرصة مهمّة لتعزيز ثقافة التواصل والتعارف خاصة بين المقرّبين، ويضيف: « ظاهرة دعوة العروسين من قبل أقربائهم هي فرصة للبقاء في جو من المحبة والألفة الاجتماعيّة، وتعزيز لهذه الظاهرة ونشر ثقافة الأجداد في نفوس الأجيال الحاضرة، فشباب اليوم هم من يتزوجون، وعندما ندعوهم لحفلة أسرية أو وليمة عائليّة، فإننا نركز على أنه عرف وتقليد مثالي، ورثناه من الآباء والأجداد، والوليمة التي تنجز ليس المعني بها صاحبها فقط، بل الجميع يتعاونون في رسم عناوين نجاحها، فالهدف كما هو واضح ليس تناول الوجبة والانصراف نحو المنازل من جديد، ولكن ضمنها أهدافاً أخرى؛ منها إذا كان العريس أو العروس من خارج الأسرة، فإننا نعمل ومن خلال الوليمة ليتعرف العنصر الجديد في الأسرة إلى جميع أفرادها، وبذلك يشعر وكأنه حقاً فرد حقيقي منها، وتكون لنا فرصة أيضاً باجتماع كبار السن في الوليمة لمناقشة القضايا المتعلقة بالأسرة وغيرها، فعادة كل كبار السن ضمن العائلة يتواجدون في الوليمة وهو عرف وتقدير، والوليمة عندما تكون في الريف يفضل الذهاب إليها عند ساعات الصباح الأولى والبقاء حتى الغروب، وقضاء أكثر من يوم إذا كانت أجواء الطبيعة مناسبة لذلك».

السيد صالح عبد الله

الشاب "علوان نوّاف عمي" خلال الأيّام القليلة الماضية كان في دعوة لوليمة أقيمت له بمناسبة زواجه، وقال عنها: «كانت الدعوة من خالي في منزله بمدينة "القامشلي"، وكانت رائعة لأنني شاهدت عدداً من أقربائي لم أحظَ بمشاهدتهم منذ سنوات، وجلسنا لساعات طويلة كانت ممتعة لأنها تناولت العلاقة الاجتماعية التي تربط العائلة منذ عشرات السنين وحتّى اليوم، ومن خلالها نثرت علينا قصص لم نعرفها من قبل عن كبار أسرتنا الذين غادروا الحياة».

للصغار مكانة في حضور مثل هذه الولائم