فرضت تواجدها على شوارع وأحياء مدينة "القامشلي" لسنوات عديدة، ورسمت بحضورها لحظات جميلة وذكريات ممتعة، باتت صورها في ذاكرة من عاشها وعاصرها.

مدوّنة وطن "eSyria" وبتاريخ 8 شباط 2015، وقفت عند تلك الطقوس التي رافقت وتزامنت مع تواجد "باصات" كبيرة خصصت للنقل الداخلي بمدينة "القامشلي"، فقد كانت رابطاً اجتماعياً بين العديد من الأشخاص الذين كانوا يتواجدون ضمنها يومياً، وحتّى بعد غيابها بقيت تلك الروابط تحتفظ بتواجدها وبأهميتها، ويقول عن بعضها الحاج "حسين حاج محمود" من كبار السن، ويعيش في ريف "القامشلي": «نحن أبناء الريف كان لنا حضور ضمن تلك الحافلات خلال زياراتنا لمدينة "القامشلي" وكانت يومية لنا ولغيرنا، وكانت تستوعب أعداداً كبيرة من الركاب، فلذلك كانت وسيلة للتعارف والتقارب الاجتماعي، حتّى إن أبناء الريف ومن قرى مختلفة عندما يتواجدون معاً ضمن الحافلة يتبادلون الأسئلة فيما بينهم تمهيداً للتعارف مع بعضهم بعضاً، وكذلك الأمر بين أبناء المدينة والريف والعكس أيضاً، وهناك علاقات اجتماعية قائمة ومتينة حتّى اليوم سببها المباشر لحظات الصعود في هذه الحافلات التي لا تزال صورها في ذاكرتنا، وكان لهذه الحافلات دور مهم لتأدية واجب العزاء أو للمشاركة في فرح أو مناسبة وطنية أو دينية، كما كانت تقوم بعض العائلات باستئجارها للذهاب في رحلة ترفيهية إلى منطقة بعيدة مخصصة للتنزه».

نحن أبناء الريف كان لنا حضور ضمن تلك الحافلات خلال زياراتنا لمدينة "القامشلي" وكانت يومية لنا ولغيرنا، وكانت تستوعب أعداداً كبيرة من الركاب، فلذلك كانت وسيلة للتعارف والتقارب الاجتماعي، حتّى إن أبناء الريف ومن قرى مختلفة عندما يتواجدون معاً ضمن الحافلة يتبادلون الأسئلة فيما بينهم تمهيداً للتعارف مع بعضهم بعضاً، وكذلك الأمر بين أبناء المدينة والريف والعكس أيضاً، وهناك علاقات اجتماعية قائمة ومتينة حتّى اليوم سببها المباشر لحظات الصعود في هذه الحافلات التي لا تزال صورها في ذاكرتنا، وكان لهذه الحافلات دور مهم لتأدية واجب العزاء أو للمشاركة في فرح أو مناسبة وطنية أو دينية، كما كانت تقوم بعض العائلات باستئجارها للذهاب في رحلة ترفيهية إلى منطقة بعيدة مخصصة للتنزه

وكان للحاجة "سعدة محمد نور الدين" حديث عن لحظات تختزنها الذاكرة مع تلك الوسائط، ومما قالته: «عندما نتحدث عنها فلا بدّ من التحدث عن القيم العليا والنبيلة التي وجدت فيها، ومنها يستحيل أن تصعد امرأة مهما كان عمرها، ولا يفسح لها المجال بالجلوس، وهذا بخلاف الرجل الضرير أو العليل أو كبير السن، وكثير من المرات كانت تحمل الواحدة منّا كميات كبيرة من الأمتعة والمواد معها ضمن الحافلة، فكان الشباب يتصدون وعلى الفور وبكل نخوة لمساعدتها بإنزال تلك البضائع، وهذه المساعدات كانت تتزامن مع صبر وتحمل سائق الحافلة، ولم يكن ينزعج من التأخير أو الهدوء في الصعود والنزول، وأعداد هذه الحافلات كانت مناسبة فهي موزعة على أغلب الأحياء وخاصة تلك التي تحتوي كثافة سكانية، والسعر كان زهيداً جداً، ولسعة الحافلة كانت تغني عن استئجار سيارة خاصة لنقل البضائع، أمّا التعارف الاجتماعي فكان مثالياً بين العائلات الذي قد يكون سببه رحلة قصيرة في تلك الحافلات».

الباحث التاريخي "جوزيف آنطي" يتحدث عن سنوات تواجد تلك الحافلات في المدينة من خلال حديثه التالي: «كانت لها خطوط ومراكز محددة وهي "الهلالية"، و"العنترية"، و"الكورنيش"، و"حارة طي"، وجميعها تصل إلى نقطة في مركز المدينة، ومن خلالها تمّ ربط جميع أحياء المدينة بالمركز والسوق الرئيس تحديداً، وتلك الحافلات بدأت العمل في بداية الثمانينيات، وكان عددها عشرة "باصات" ومع بداية العمل كان سعر التعرفة للراكب الواحد عشرة قروش، وبعد عدة سنوات أصبحت 25 قرشاً، وبعد سنوات طويلة 5 ليرات سورية، علماً أن بعض الخطوط التي كانت تسير عليها تتجاوز الـ5كم، ومع ذلك كان سعرها زهيداً جدّاً، وتوقفت تلك الحافلات عن الخدمة تدريجياً حتّى وصلنا إلى العام 2000 ولم نجد أياً منها قد بقي على خط من الخطوط، فقد توقفت عن العمل بسبب استهلاكها وحاجتها إلى قطع تبديل تكلف الكثير من الأموال وعدم توافرها في المنطقة، إضافة إلى دخول سيارات وسرافيس حديثة لتكون وسائط للنقل، ومع ذلك يبقى لهذه الحافلات الكبيرة خلال سنوات خدمتها أحاديث وذكريات جميلة، والأهم أن العامل والموظف والطالب كان يصل إلى المكان المطلوب بمدة زمنية وجيزة، وبسعر لم يكن يستحق الذكر حينها».

يذكر أن تلك الحافلات كانت تابعة إلى مجلس بلدية "القامشلي".

الباحث جوزيف آنطي