هناك الكثير من القيم والعادات التي توارثها أبناء منطقة "القامشلي" عن أجدادهم وآبائهم، ومنها "النازل الجديد" الذي يتم استقباله بالترحيب وإعداد الولائم التي تليق به؛ بالتناوب ما بين أبناء الحي الواحد.

مدوّنة وطن "eSyria" وبتاريخ 5 كانون الثاني 2015، التقت "نوّاف خلف عمّي" ليحدثنا عن "النازل الجديد" بالقول: «عمري تجاوز الستين عاماً، وخلال جميع هذه السنوات، وأنا أرصد هذه الظاهرة الاجتماعية الرائعة في مدينتي ومنطقتي "القامشلي"، فمع سماعنا أن عائلة جديدة ستحل وتسكن في حيّنا، فعلى الفور يبادر المقربون من منزله بترتيب وتجهيز الأمور لمساعدة الضيف الجديد، والأهم وقبل أي شيء لا بدّ من التعاون والمؤازرة وخاصة من قبل شبابنا وذلك بمساعدته بحمل مواده وأدوات منزله، والنسوة أيضاً يرافقن ربة المنزل داخل البيت عند وصولها من أجل التنظيف وترتيب المنزل، ولا يغادر أي شخص العائلة القادمة حديثاً إلى الحي إلا عندما يجهّز ويرتّب البيت بالكامل، حيث يستطيع القادمون حديثاً التأقلم مع منزلهم الجديد دون أي إزعاج، أمّا الوليمة لليوم الأوّل فيبادر على إعلانها صاحب المنزل الأقرب للعائلة الجديدة، ويعلن ذلك في وقت مبكر وأمام أهل الحي ليحسم أمر وليمة اليوم الأول، وهي الأهم لأنّ الضيوف الجدد يكونوا مرهقين ومتعبين من نقل السكن وبحاجة للراحة والسكينة وخاصة عدم قدرتهم على تجهيز أي نوع من أنواع الأطعمة، لأنّ ترتيب الأوضاع يتطلب يوماً، ولذلك لا يمكن لهم مطلقاً تجهيز الطعام أيضاً، ونحن سعداء لأننا حافظنا على هذا الإرث وهذا العرف الاجتماعي الراقي ممن سبقونا».

الوليمة هي بالأساس تمهيد للتعارف، ومع ذلك وتقديراً للضيف فإننا نجهز لهم مائدة دسمة وبأكثر من نوع من الطبخات التي تشتهر بها أسرتنا أو حينا، واحتراماً للجار الجديد فإن رب الأسرة يدعو عدداً من أهله وجيرانه لتقوى العلاقة الاجتماعية مع أكثر من أسرة في جلسة واحدة، ولا نتردد في استفسارنا من جارتنا الجديدة عن أكلة محددة يفضلونها مع الوليمة ليتم تجهيزها أيضاً، فمنهم من يطلب لوناً معيناً من الطعام، وآخرون يتركون الخيار لنا

أمّا الحاج "صالح حجي محمود" فتحدّث عن ذلك الطقس الاجتماعي من خلال حديثه التالي: «الضيف والأسرة الجديدة لا بدّ لها أن تزور جميع المنازل والعائلات التي في الحي، ولكن بطريقة حضارية واجتماعية، فالواجب من أبناء الحي التوافد إلى منزل الضيف الجديد تباعاً خلال مدة من الزمن، وخلال الزيارة يقوم رب الأسرة بدعوة العائلة لوليمة غداء أو عشاء، وضمن أعرافنا وتقاليدنا لا يجوز للضيف رفض الدعوة، وعند حضوره الوليمة هذا يعني أنه أصبح جزءاً من المنزل الذي استضافه واستقبله، وهنا وبحكم العادات فإنه بات عنصراً من الحي، وقد تتطور العلاقات لأبعد درجة؛ فقد تبنى بين هذه العائلات روابط اجتماعية مثل التزاوج والمصاهرة، والأجمل من كل هذا وذاك إذا كان "النازل الجديد" من خارج المحافظة والمنطقة نهائياً، حيث يتم بناء علاقة اجتماعية جميلة وتبادلاً للثقافة».

المناسف هي ولائم أبناء الجزيرة

وكان للسيدة "فاطمة خليل المحمّد" حديث عن طريقة وتجهيز وليمة الضيف الجديد من خلال حديثها التالي: «الوليمة هي بالأساس تمهيد للتعارف، ومع ذلك وتقديراً للضيف فإننا نجهز لهم مائدة دسمة وبأكثر من نوع من الطبخات التي تشتهر بها أسرتنا أو حينا، واحتراماً للجار الجديد فإن رب الأسرة يدعو عدداً من أهله وجيرانه لتقوى العلاقة الاجتماعية مع أكثر من أسرة في جلسة واحدة، ولا نتردد في استفسارنا من جارتنا الجديدة عن أكلة محددة يفضلونها مع الوليمة ليتم تجهيزها أيضاً، فمنهم من يطلب لوناً معيناً من الطعام، وآخرون يتركون الخيار لنا».

السيد صالح المحمود