تزدهر موائد الشتاء في محافظة "الحسكة" بعدد من الوجبات الرئيسية التي اعتادها الناس، إلا أن أيام البرد الشديد تستوجب وجبة ترفع من طاقة الجسم، وتخفف من البرد القارس.

مدونة وطن "eSyria" تابعت طقوس صناعة هذه الوجبة الشتائية مع السيدة "سهام الخالد" حيث التقتها بتاريخ 21 كانون الأول 2013 في منزلها بحي "العزيزية" في مدينة "الحسكة" لتتحدث عن طقوس صناعة الوجبة وطريقة تحضيرها فقالت: «عندما يكون الجو شديد البرودة لا يخرج أهل البيت ومن يخرج يعود سريعاً، وهذه الوجبة تتطلب جواً معيناً مثل تجمع الأسرة، حيث يخلق المناخ الشتوي حالةً أسرية تساعد في القيام بأعمال هذه الوجبة، فهي تتطلب الكثير من الجهد والوقت، لذا تقوم ربة المنزل بالإعداد لها منذ الليل وفي الأغلب يتم تقطيع البصل إلى قطع ناعمة جداً وهذا يتطلب جهداً ووقتاً مضاعفاً».

بعد انتشار الأدوات المستخدمة في المطابخ بهدف تخفيف العبء على السيدات تم تصنيع قوالب لصناعة "الشمبرك"، وما على ربة المنزل إلا وضع العجينة المرقوقة على القالب ووضع الحشوة في داخلها ومن ثم إغلاق القالب لتخرج القطعة جاهزة للشي أو القلي

تتابع السيدة "الخالد": «في بداية النهار يتم صنع العجين المكون من الدقيق وملعقة من السكر وقليلاً من الزيت، ويضاف إليها الماء الفاتر بمقدار نصف كمية الطحين، وبعد أن تنتهي مرحلة العجن تغطى العجينة بغطاء سميك وتترك حوالي ساعة إلى ساعتين لتختمر، في المرحلة التالية يتم تقطيع العجين إلى قطع متساوية تقدرها ربة المنزل وتترك نحو ربع ساعة لترتاح، ثم يتم تجهيز الحشوة التي ستوضع داخل قطع "الشمبرك" التي تتكون من البصل المفروم واللحم الناعم والتوابل وهذه الأخيرة تكون حسب الرغبة، ويوضع على النار كل مكون على حدة، ففي البداية يتم وضع السمن أو الزيت وبعدها يضاف البصل ويتم تحريكه حتى يأخذ اللون الذهبي، ثم يضاف اللحم ليبقى على النار لمدة نصف ساعة مع التحريك المستمر حتى تنضج اللحمة بشكل نهائي، بعد ذلك تتم إضافة التوابل».

عملية الرق

وعن عملية صناعة "الشمبرك" النهائية تقول السيدة "سهام": «تبدأ ربة المنزل برق العجينة بشكل دائري ويجب أن تكون القطعة رقيقة، ثم توضع الحشوة في منتصف الرقاقة ليتم طيها في النهاية مشكلةً نصف دائرة، وبعدها يتم إغلاق القطعة بإحكام بواسطة ضغطها بالأصابع حتى تظهر لها حواف مثل الزكزاك الأمر الذي يضمن عدم تفككها أثناء الشوي أو القلي، وبعد أن يتم الانتهاء من كامل الوجبة، تتم تغطيها بقماشة بيضاء لمدة ربع ساعة حتى يتم تجهيز الصاج للشواء».

مرحلة الشواء حسب "الخالد": «بعد أن تصبح حرارة الصاج مرتفعة يتم وضع قطع "الشمبرك" عليه لتنضج، وكلما ينضج أحد الوجهين يتم قلب القطعة على الوجه الآخر وتستمر العملية حتى تنتهي ربة المنزل من عملية الشي نهائياً، تتم إسالة السمن البلدي وصبه فوق القطع ودهنها يدوياً لضمان وصول السمن إلى كل القطع، أما النوع الثاني من "الشمبرك" فطريقة تحضيره لا تختلف عن الأول باستثناء أن الأخير يقلى بالزيت فقط ويقدم بعد إخراجه مباشرةً، وخلال السنوات القليلة الماضية أدخلت بعض ربات المنازل تعديلات إلى نوع الحشوة، حيث يتم استخدام الجبنة الحلوة لتصبح القطعة أشبه بالقطايف أو تتم حشوتها بالمحمرة الحارة أو بالسبانخ وغيرها من المواد».

تجهيز القطعة

وأخيراً تقول السيدة "سهام": «بعد انتشار الأدوات المستخدمة في المطابخ بهدف تخفيف العبء على السيدات تم تصنيع قوالب لصناعة "الشمبرك"، وما على ربة المنزل إلا وضع العجينة المرقوقة على القالب ووضع الحشوة في داخلها ومن ثم إغلاق القالب لتخرج القطعة جاهزة للشي أو القلي».

من جهته قال معاون مدير الثقافة في "الحسكة" والباحث في التراث الشعبي "عبد الرحمن السيد": «تعدّ هذه الوجبة من الوجبات الرئيسية للمحافظة، وعلى الرغم من الجهد الذي تتطلبه إلا أن وجودها لا غنى عنه في أيام الشتاء، ولهذه الأكلة نكهة مميزة وطعم شهي، إضافةً إلى أنها لا تؤكل إلا إذا تجمعت العائلة، وغالباً ما تزدهر موائد بيت الجد بها خصوصاً أيام العطل عند زيارة الأولاد والأحفاد لبيت الجد، وأتوقع أن محافظة "الحسكة" هي من أكثر المحافظات التي تعتمد على عملية الشواء إن لم تكن الوحيدة، وهذا الأمر يعطيها تفرداً في هذه المجال».

صناعة القطعة