نوعٌ فريد من العلاقات الاجتماعية اختلف الكثيرون على رسم حدودها، وتحديد أبعادها، إذ إنها ليست صلة من صلات الرحم، ولاعلاقة يفرضه الَنسَب، أو العشيرة، بل رابط بين طرفين يقوم على أساس المحبّة والاحترام المتبادل بينهما، وتتخطى بقيمتها حاجز الدين، والعِرق، والانتماء، مشكّلة جسراً يربط بين سكان المنطقة بمختلف أطيافهم، وألوانهم.

موقع eHasakeh تقصَّى عن هذه العلاقة الفريدة، والتي تنتشر بشكل واسع في أرجاء "الجزيرة"، وأجرى اللقاءات التالية مع عدد من الباحثين والمثقفين، فكانت البداية مع "حسين زيدو" مهتم بمجال العلاقات العامة، تحدّث عن أهم ميِّزات هذه الظاهرة قائلاً: «تتميِّز علاقة "الكريفاتي" بعدَّة ميزات، إذ أنها رابط اختياري يتم الاتفاق على عقده مسبقاً بين عائلتين، أو حتى عشيرتين وقد دأب الكثيرون على إطلاق لقب "الكريف" على الشخص الذي يكنون له التقدير، والاحترام، كما أن بعض الأشخاص ينادون من تكون معرفتهم بهم حديثة العهد ب "كريف" كمبادرة حسن نية، واحترام مسبق، وتيمناً بعلاقة "الكريفاتي" التي تكون أصلاً بعد عملية الختان المذكورة».

تتميِّز علاقة "الكريفاتي" بعدَّة ميزات، إذ أنها رابط اختياري يتم الاتفاق على عقده مسبقاً بين عائلتين، أو حتى عشيرتين وقد دأب الكثيرون على إطلاق لقب "الكريف" على الشخص الذي يكنون له التقدير، والاحترام، كما أن بعض الأشخاص ينادون من تكون معرفتهم بهم حديثة العهد ب "كريف" كمبادرة حسن نية، واحترام مسبق، وتيمناً بعلاقة "الكريفاتي" التي تكون أصلاً بعد عملية الختان المذكورة

ويضيف "زيدو": «إن "الكريفاتي" علاقة ترتقي إلى أسمى المعاني الإنسانية، فهي تتضمن التكافل الاجتماعي، وتقديم كافة أشكال العون للطرف الذي يحتاج إليه، ولعلَّ أروع ما في هذه العلاقة هو روح الأخوة، والتسامح التي تنشأ بين طرفيها، كما أنها تتجاوز حواجز الدين، والعرق، وكافة التقسيمات الأخرى في المجتمع، ومع كل تلك المحاسن فإن الأمر لا يخلو من مآخذ عديدة عليها، حيث إن عدم وضوح حدودها كعلاقة بين طرفين يجعلها عرضة للفهم والتطبيق النسبي، فقد يتم المبالغة بها إلى درجة تحريم الزواج بين العائلتين طرفي العلاقة لأنها تعتبر "الكريف" بمثابة الأخ، وهذا قد يتسبب بمشكلات جديدة، كذلك إلزام الطرفين بتقديم الهدايا الغالية الثمن في العديد من المناسبات تكون فوق قدرة العائلات مما يثقل كاهلها بتلك الالتزامات، وعموماً يمكن القول بأن هذا النوع من العلاقات بدأ يفتر ويضمحل ككثير من العلاقات الاجتماعية الأخرى، حيث تدخلَّت المصلحة المادية، وأصبحت هي الوازع في تحديد العلاقات بين الناس ومساراتها».

الباحث "خلف شرو"

المهتم بتاريخ المنطقة السيِّد "خلف جمال شرو" الذي قال لنا: «لقد جرت العادة أثناء عملية "ختان" الذكور أن يقوم وضع الطفل الذي يراد ختنه في حضن شخص معيَّن، والذي بمجرَّد ملامسة "دم" الطفل لثيابه فانه يصبح "كريفاً"، ومصدر هذه العادة، أو العلاقة هو الديانة "الايزيدية" التي تنتشر في منطقة الجزيرة، ويعود تاريخها إلى الشيخ "عدي بن مسافر" حوالي العام 1100م، والذي كان يسكن في منطقة "شنكال" حيث أراد الشيخ أن يجعل من هذه العلاقة بوابة، وجسرا ًيمدّ الصلة بين سكان المنطقة ذات التنوِّع الكبير في الأعراق، والأديان، والانتماءات، أما الهدف الأخر من إنشائها فكان وأد قضايا الثأر، وإنهاء بعض الخلافات العشائرية التي كانت تمتد على مدى أجيال طويلة، فيتم عقد "الكريفاتي" بين هذه الأطراف المتنازعة، وبذلك يتم وضع حدّ لتلك النزاعات.

وجانب التسامح في هذه العلاقة بالتحديد هو الذي أدى إلى انتشارها بين المسلمين، وتقبّلهم لها، ما جعلها تنشر في كل أرجاء الجزيرة آنذاك».

السيّد "ادريس قاسو"

الأستاذ "إدريس محمد قاسو" تحدَّث عن طقوس عقد "الكريفاتي" سابقاً: «كانت العادة تجري أن يقوم الشخص الذي سوف يحتضن الطفل أثناء عملية الختان، بارتداء ثوب ابيض حتى يظهر لون الدم على ثيابه، وبمجرد ملامسة دم الطفل المختون لثياب ذلك الشخص تعلن "الكريفاتي" وسط الزغاريد وأهازيج الفرح، في جوٍ احتفالي كبير قد يستمر لعدّة أيام، وذلك بحضور جميع أقارب الطفل المختون، ومعارفهم وطبعاً مع عائلة "الكريف" التي لن تتخلف بعد اليوم عن أية مناسبة تخصُّ هذه العائلة، ويتبادل الطرفان بعد ذلك الهدايا الثمينة، والزيارات المستمرة، كما يتشاركون الأفراح، ويتقاسمون الأحزان».

أفراح عقد "الكريفاتي"