«للهدية موقعها الخاص لدى سائر شعوب الأرض منذ بدء الخليقة وهي شكل من أشكال التلاحم الاجتماعي بين الناس». الكلام للأديب "عبد الباقي يوسف" لموقع eSyria بتاريخ 10/5/2009 حول مكانة ومدلولات الهدية.

وتابع قائلاً: «هناك ألوان من الهدايا تأتي وفق المراحل التي ندخلها ففي زحمة هذه المناسبات التي تتفاقم مع توسع روابط العلاقات الأسرية والاجتماعية يمكن أن تنوب عن مراسلها في بعض الحالات فيمكن لباقة ورد تحمل اسمك مع عائلتك أن تنوب عن حضورك مناسبة، بيد أن الأميركيين مختلفاً في حالات المرض فلا بد لك أن ترى المريض وجها لوجه وتقدم له هدية متمنياً له الشفاء ففي هذه الحالة لا شيء ينوب عنك إلا إذا كنت خارج البلاد عند ذاك وفي هذا الظرف الاستثنائي يمكن إرسال هدية مع اتصال هاتفي يكون بمثابة حضور.

الهدية هي تعبير عن حالة الصفاء بين شخصين فعندما تدخل بيتاً سواء بمناسبة أو دون مناسبة حاملاً بيدك هدية مهما كانت قيمتها فإنها تعبر عن حالة من الصفاء بينك وبين الشخص الذي يمثل هذا البيت، وتؤدي الهدية وظيفة بالغة الأهمية في التعاضد الاجتماعي إلى درجة أنها يمكن أن تزيل تاريخاً من الخلافات وتؤسس لصفحة جديدة بين شخصين أو بين عائلتين أو حتى بين دولتين، فيمكن أن تصاب دولة بأذى أو تمر بمحنة فتأتي دولة على خلاف معها وتقدم هدية كتعبير للوقوف إلى جانبها وكتعبير عن تحملها لجزء من الأذى الذي أصابها فتكون ذلك بمثابة صفحة جديدة بين الدولتين.. ويمكن أن تصاب عائلة بمكروه فيتقدم أشخاص من عائلة على خلاف معها يقدمون هدية كتعبير عن مشاركتهم للتخفيف من المكروه فيكون ذلك بمثابة لبنة أولى للصلح بينهما وإعادة المياه إلى مجاريها، ويحدث أن ينشب خلاف بين صديقين لمدة طويلة ويصاب أحدهما بداء فيذهب الآخر لعيادته حاملاً بيده هدية رمزية حتى لو كانت باقة ورد متواضعة فتزيل هذه الورود ذاك الخلاف وتعيد المودة إلى قلبيهما

في جميع الأحوال فإن الهدية هي يد محبة ممدودة لمصافحتك ومجرد قبولك للهدية فهو استقبال لمحبة هذا الشخص نحوك وإذا حمل فضل الإرسال فإنك تحمل فضل الاستقبال ثم تفضل عليه مرة ثانية بأن تردها بأحسن منها أو بمثلها وفي اعتقادي أنه لا يرفض الهدية إلا من كان به لؤم، فاللئيم يمكن له أن يرفض الهدية وعند ذاك يعبر عن مساحة لؤمه في حين أن الكريم يقبل الهدية حتى لو أتت من شخص لئيم وهو بذلك يعبر عن مساحة حسن الظن لديه عند القبول ويعبر عن سماحة كرمه عندما يرد بأحسن منها سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة».‏

الأديب عبد الباقي يوسف

وعن مكانة الهدية بالإسلام تابع "يوسف" حديثه: «تتمتع الهدية بمكانة بالغة في الإسلام فهي تكون عنوان السلام وعنوان التصالح وعنوان المحبة بين الناس.‏ يقول "الله" في القرآن الكريم: (وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها).‏ رأى بعض المفسرين أن التحية يمكن لها أن تشمل الهدية فأنت يمكن أن تهدي الشخص سلاماً كما يمكن أن تهديه شيئاً مادياً. وقد وجه النبي صلى الله عليه وسلم إلى تبادل الهدايا التي من شأنها أن تولد المحبة..‏ قال صلى الله عليه وسلم: (تهادوا تحابوا فإنها تجلب المحبة وتذهب الشحناء).‏

وكذلك قال: (الهدية مشتركة)، وكان صلى الله عليه وسلم يقبل الهدية لكنه يرد بأحسن منها. ‏قال "سفيان الثوري": (إذا أردت أن تتزوج فأهد للأم)، وكان "سفيان" يروي عن "ابن عباس" رضي الله عنهما: من أهدي إليه هدية وعنده قوم فهم شركاؤه فيها فأهدى إليه صديق له ثياباً من ثياب "مصر" وعنده قوم فذكروا الخبر فقال:‏ إنما ذلك فيما يؤكل ويشرب أما في ثياب مصر فلا..!!.‏

بلغ "الحسن بن عمارة" أن "الأعمش" يقع فيه ويقول: ظالم ولي المظالم فأهدى إليه هدية فمدحه "الأعمش" بعد ذلك وقال: الحمد لله الذي ولى علينا من يعرف حقوقنا.. فقيل له: كنت تذمه ثم الآن تمدحه..‏ فقال: حدثني خيشمة عن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : جبلت القلوب على حب من أحسن إليها وبغض من أساء إليها.. وعندما أتى فتح الموصلي بهدية وهي خمسون ديناراً فقال: حدثنا عطاء عن النبي صلى الله وسلم أنه قال: من آتاه الله رزقاً من غير مسألة ورده فكأنما رده على الله تعالى.‏ وقد أهدى رسول الله صلى الله عليه وسلم هدية إلى عمر فردها فقال: يا عمر لم رددت هديتي؟‏ فقال عمر: رضي الله عنه: إني سمعتك تقول: خيركم من لم يقبل شيئاً من الناس فقال:‏ يا عمر إنما كان ذاك ما كان عن ظهر مسألة فأما إذا أتاك من غير مسألة فإنما هو رزق ساقه الله إليك».

ثم ختم الأديب "عبد الباقي يوسف" حديثه قائلاً: «الهدية هي تعبير عن حالة الصفاء بين شخصين فعندما تدخل بيتاً سواء بمناسبة أو دون مناسبة حاملاً بيدك هدية مهما كانت قيمتها فإنها تعبر عن حالة من الصفاء بينك وبين الشخص الذي يمثل هذا البيت، وتؤدي الهدية وظيفة بالغة الأهمية في التعاضد الاجتماعي إلى درجة أنها يمكن أن تزيل تاريخاً من الخلافات وتؤسس لصفحة جديدة بين شخصين أو بين عائلتين أو حتى بين دولتين، فيمكن أن تصاب دولة بأذى أو تمر بمحنة فتأتي دولة على خلاف معها وتقدم هدية كتعبير للوقوف إلى جانبها وكتعبير عن تحملها لجزء من الأذى الذي أصابها فتكون ذلك بمثابة صفحة جديدة بين الدولتين.. ويمكن أن تصاب عائلة بمكروه فيتقدم أشخاص من عائلة على خلاف معها يقدمون هدية كتعبير عن مشاركتهم للتخفيف من المكروه فيكون ذلك بمثابة لبنة أولى للصلح بينهما وإعادة المياه إلى مجاريها، ويحدث أن ينشب خلاف بين صديقين لمدة طويلة ويصاب أحدهما بداء فيذهب الآخر لعيادته حاملاً بيده هدية رمزية حتى لو كانت باقة ورد متواضعة فتزيل هذه الورود ذاك الخلاف وتعيد المودة إلى قلبيهما».‏