حظي بمحبة أهالي بلدة "عامودا" وريفها، وقدّم لهم الكثير من الأعمال الإنسانية، حيث اتسم بالتواضع ومعالجة المرضى الفقراء والمحتاجين مجاناً، فلُقب بطبيب الفقراء، دام ذكره واستمرت مآثره حتى بعد رحيله عن الحياة.

مدوّنة وطن "eSyria" بتاريخ 18 تشرين الأول 2020 تعرفت على شخصية "هرانت قرنفليان" خلال حديث الدكتور "ريبر مسوّر" أحد الأطباء في مدينة "القامشلي"، فقال: «امتاز بخبرة طبية واسعة وشاملة، وثقافة كبيرة سخّرها لأهله وأبناء منطقته، ينتمي إلى أسرة فيها كل المعاني الراقية، وكان جلّ اهتمامه مساعدة زملائه وأصدقائه وأبناء منطقته، وسبب ذلك يعود للمنزل الذي انطلق منه.

خصص راتباً شهرياً لصيدلية كانت مجاورة لعيادته، وفوض الصيدلي بإعطاء الدواء بشكل مجاني لمرضى لا يملكون ثمنه، وأكثر من مرّة سمعنا أنه يدفع 40 و50 ألف ليرة شهرياً لأدوية صرفت لمرضاه، لم يكن الربح المادي هدفه، وزوّار عيادته توافدوا إليه من كافة مناطق الجزيرة السوريّة، والجميع يعلم أنه كان ينسق مع الصيدلية للحصول على أدوية مفيدة وبسعر مقبول، وقد خرج الكثيرون في تشييعه، وهو ما يدل على محبة الناس له، وعرفاناً لجميله، ورغم مرور سبع سنوات على رحيله، لكن سيرته دائماً حاضرة

أثناء الدراسة الجامعيّة، كان نموذجاً للطالب المثالي، يسعى ويعمل الخير دوماً، يحب المساعدة مهما كان نوعها، بالإضافة إلى حرصه الكبير على إنجاز دراسته بالشكل المطلوب، وسعيه لكسب أي معلومة من مدرسيه الجامعيين، وخلال تلك الفترة وأثناء تخصصه في مشافي التعليم العالي، كان يساعد أهالي منطقة الجزيرة السورية، ولا يرتاح إلا إذا وفّر لهم ما يحتاجونه من تشخيص طبي، والاطمئنان على إقامتهم واستقرارهم، فبذرة الخير زُرعت فيه منذ الصغر، واستمرت معه حتى آخر يوم في حياته».

أهالي عامودا يخسرون طبيب الفقراء

"قدري حاج صبري" أحد كبار السن في بلدة "عامودا" تحدّث عن تعامله كمريض مع الراحل الدكتور "هرانت" بالقول: «أجمع أهالي منطقتنا على تسميته بطبيب الفقراء، كان مميزاً بكل شيء، حتى بلغة التواصل مع الأهالي، حديثه بلغته الأم (الأرمنية)، لم يمنعه من تعلم الكردية والعربية، والتواصل بها مع أهلها، من شدة حرصه على إرضاء كل القلوب، وحتى يستطيع تقديم خدماته بلغات الناس كافة، وأكثر من 33 عاماً في عيادته ببلدة "عامودا" كان شعاره معاينة الفقراء والمحتاجين مجاناً، وبقية المرضى بسعر رمزي وزهيد جداً، وكثير من المرات، كنّا نشاهده وهو يعيد ثمن المعاينة لمريض، ويذكّر مساعده باستمرار بألّا يأخذ ثمن المعاينة من أي شخص لا يملك القدرة على الدفع، وتحول مع الوقت إلى شخصية عامة يلجأ إليها الناس كلما وقعوا بمشكلة، وبات بإنسانيته واحداً من أفراد الأسرة لأغلب الناس الذين عرفوه عن قرب».

أمّا "خولة محمد العلي" من أهالي ريف بلدة "عامودا" فقالت: «خصص راتباً شهرياً لصيدلية كانت مجاورة لعيادته، وفوض الصيدلي بإعطاء الدواء بشكل مجاني لمرضى لا يملكون ثمنه، وأكثر من مرّة سمعنا أنه يدفع 40 و50 ألف ليرة شهرياً لأدوية صرفت لمرضاه، لم يكن الربح المادي هدفه، وزوّار عيادته توافدوا إليه من كافة مناطق الجزيرة السوريّة، والجميع يعلم أنه كان ينسق مع الصيدلية للحصول على أدوية مفيدة وبسعر مقبول، وقد خرج الكثيرون في تشييعه، وهو ما يدل على محبة الناس له، وعرفاناً لجميله، ورغم مرور سبع سنوات على رحيله، لكن سيرته دائماً حاضرة».

يذكر أن الراحل "هرانت قرنفليان" من مواليد "القامشلي" عام 1953، تخرّج من كلية الطب البشري في "حلب" عام 1978، وفارق الحياة عام 2003 ودفن في مدينته التي ولد فيها.