هو ابن "الشام" وتكنى بها، عالم أبهر بقاع الأرض بشرقها وغربها، ويعتبر فخر التقنية السورية، وصاحب "مرصد اسطنبول"، والعالم بكثير من تقنيات الحياة وعلومها المعقدة.

مدوّنةُ وطن "eSyria" وبتاريخ 18 شباط 2020 التقت الباحث والمهتم بالتاريخ الدكتور "نوري مصطفى العباس" ليحدثنا عن "تقي الدين الشامي" فقال: «هو تقي الدين ابن معروف الشامي الراصد" الذي ولد نحو 932 - 993هـ - 1525 - 1585م، عالم دمشقيٌّ وأحد أهم العلماء الذين برعوا زمن الدولة العثمانية في القرن العاشر الهجري - السادس عشر الميلادي، وهو واحد من العلماء الموسوعيين، حيث كان عالماً، فلكياً ومنجماً، مهندساً ومخترعاً، صانع ساعات الحائط والساعات اليدوية، رياضيّاً وفيزيائياً، خبيراً زراعياً، طبيباً وصيدلياً، فيلسوفاً، صاحب علم الكلام، معلم مدرسة، وله مؤلفات كثيرة في ذلك كله.

ألّف أكثر من 90 كتاباً في شتى المواضيع المختلفة، والتي تشمل علم الفلك، التنجيم، صناعة الساعات، الهندسة، الرياضيات، الميكانيكا، البصريات، والفلسفة الطبيعية، وعلى الرغم من ذلك فإن 24 كتاباً فقط قد نجت من بين هذه الكتب

أما عن مولده، فقد أشارت معظم المراجع إلى أنه من مواليد مدينة "دمشق"، ثم انتقلت أسرته إلى "مصر"، حيث استقرت فيها، ونسبه كما تذكر المراجع هو "تقي الدين أبو بكر محمد بن قدحي معروف بن أحمد الشامي السعدي الرصَّاد"، وقد ورد اسمه كاملاً ومدوناً بخط يده على مخطوط له عنوانه "الطرق السنية في الآلات الروحانية"، يرجع في نسبه إلى الأمير "ناصر الدين منكويرس"، ابن الأمير "ناصح الدين خمارتكين"، وقد نشأ في بيت علم ودين، فقد كان والده قاضياً في "مصر" ودرس هو علوم عصره، وأصبح قاضياً مثل أبيه».

نوري مصطفى العباس

ويضيف "العباس": «كان "الشامي" لديه نهم واضح للعلم، وأحب الهندسة والرياضيات والفلك، فبدأ بمطالعة كتاب العالم الكبير "المجسطي" في الفلك، وتأثر به، وكذلك كتاب "أقليدس" في الرياضيات وكافة الأصول العربية في العلوم والفلك، عمل "تقي الدين بن معروف" لفترة بمنصب قاض ومدرس في "نابلس"، "دمشق"، و"القاهرة"، وخلال فترة إقامته في "مصر" أنتج بعض الأعمال الهامة في مجال علم الفلك والرياضيات، وقد عمل في خدمة الوالي "علي باشا"، الذي كان يحكم "مصر" من قبل السلطان "سليمان القانوني" (926 - 974هـ = 1520 - 1566م)، بدءاً من عام 956هـ =1549م، فأهداه كتابين من مؤلفاته وهما "الطرق السنية في الآلات الروحانية"، و"الكواكب الدرية في البنكامات الدورية".

وجاء في كتاب "كشف الظنون" أنه في عام 975هـ = 1568م ألّف "تقي الدين" كتاب "ريحانة الروح في رسم الساعات على مستوى السطوح" في قرية من قرى "نابلس"، ثم شرحها العلاّمة "عمر بن محمد الفارسكوري" شرحاً بسيطاً بإشارة من المصنف، وسماها "نفح الفيوح بشرح ريحانة الروح"، وفرغ منها في ربيع الأول 980هـ، ولها ترجمة إلى اللغة التركية موجودة نسخة منها في المكتبة "الظاهرية" بـ"دمشق"».

من مؤلفاته

أما عن رحلته إلى "اسطنبول" فيتابع: «رحل "تقي الدين" بعد ذلك إلى "اسطنبول" قادماً من "القاهرة"، حيث تقرّب من الخواجه "سعد الدين"، معلّم السلطان، وصار من خواصه الملازمين، ونظراً لبراعة "تقي الدين" في العلوم الفلكية دعمه الخواجه "سعد الدين" ليكون "منجم باشا" أي رئيس المنجمين أو الفلكيين، وذلك بعد وفاة سلفه "مصطفى بن علي المواقيتي"، زمن خلافة السلطان "سليم" الثاني، وشكل "تقي الدين" علاقاته الوثيقة مع عدد من رجال الدولة، بينهم "سعد الدين خوجا"، والصدر الأعظم "صوقوللو محمد" الذي جعله مقرباً من السلطان "مراد الثالث".

وكان "تقي الدين" يرغب في إنشاء مرصد في "اسطنبول"، وذلك بعد دراسة متعمقة للظواهر الفلكية والتطورات التي حصلت في علم الفلك، فالجداول الفلكية باتت لا تفي بالغرض، ولا تعطي معلومات صحيحة، ووافق السلطان "مراد" على بناء المرصد، وصار اسمه "دار الرصد الجديد"، مستخدماً فيها الاسطرلاب الكروي، والرباعية الجدارية، والسمت الرباعي، والمسطرة الموازية، والمسطرة الرباعية، ولقد نجح المرصد نجاحاً باهراً، لكن أعداء النجاح وأعداء "تقي الدين" أقنعوا السلطان بهدمه سنة 988هجري، ما أحزن العالم "تقي الدين"، وعجل بوفاته سنة 993هجري، ودفن في "اسطنبول"».

أيضاً من مؤلفاته

أما عن مؤلفاته، أضاف "العباس" بالقول: «ألّف أكثر من 90 كتاباً في شتى المواضيع المختلفة، والتي تشمل علم الفلك، التنجيم، صناعة الساعات، الهندسة، الرياضيات، الميكانيكا، البصريات، والفلسفة الطبيعية، وعلى الرغم من ذلك فإن 24 كتاباً فقط قد نجت من بين هذه الكتب».

الباحث "عروة عبد الحميد " يقول عنه: «من اهتمامات العالم "تقي الدين الدمشقي" كانت المواقيت والساعات، واستطاع من خلال علمه وفهمه بالميكانيكا والهندسة اختراع منبه للساعات، حيث كانت ساعته المنبهة قادرة على إصدار الصوت في الوقت المخصص، والذي كان يتحقق بواسطة وضع إسفين على عجلة القرص المدرج على الوقت الذي يرغب فيه المرء بسماع الساعة، وكذلك بواسطة إنتاج جهاز قرع الجرس الآلي الذي يبدأ بالرنين على الوقت المخصص».