قدّمت خدمات جليلة في مختلف مجالات الحياة لأبناء منطقتها، وأهمها في الجانب الطبي. أعمالها باقية في ذاكرة أبناء المنطقة، وتقديراً لمكانتها وما قامت به من أعمال خالدة في ذاكرة كل من عرفها، وُصفت بأم "عين ديوار".

مدوّنة وطن "eSyria" بتاريخ 29 أيلول 2017، فتحت صفحة الراحلة "فضيلة نصري سيروب" ابنة قرية "عين ديوار" الواقعة في منطقة "المالكية"، وهي المرأة الاستثنائية حسب وصف أهالي القرية والمناطق الأخرى، حيث لقبوها بأم "عين ديوار"، لما لها من فضل كبير على أبناء منطقتها والقرى المجاورة. وتحدّث عن مسيرتها ابن القرية والباحث "عمر إسماعيل" بالقول: «نعدّها أمّنا الكبيرة، وبعد رحيلها بسنوات طويلة، نبين أفعالها وأعمالها، فقد تصدت طوعاً وحباً لإنجاز أمور كثيرة كانت المنطقة بأمس الحاجة إليها. أتقنت مهنة "الداية"، وعملت بها على مدى عقود طويلة، وباتت أمّاً لجميع نساء القرية بأسلوبها الذي صنعته بالخبرة والدقة والأناقة، كما هي شخصيتها بعيداً عن العبثية، بل بأسلوب أقرب إلى الأساليب الطبية الحديثة. كما كانت مرجعاً لجميع نساء القرية في الأمور النسائية. أمّا في الطب الشعبي، فلها أيضاً دور مهم، حيث كانت تقوم بسحب الدم من بعض المرضى وخاصة في فصل الربيع، تشبه إلى حد كبير الحجامة عند العرب، إلا أن طريقتها في سحب الدم كانت تعتمد العلق، وتحتفظ به في عبوة خاصة، وعندما كنتُ طفلاً شاهدت الكثير من هذه الحالات، ولأنّ أهلها وأبناء منطقتها كانوا بحاجة إلى أمور كثيرة، والنقاط الطبية كانت مفقودة في القرى؛ حملت على عاتقها أغلب الأمور الطبية الضرورية. ومن ذلك أيضاً علاج الجروح والحروق باختيارها أفضل المراهم والأدوية والأعشاب الطبية، التي كانت تحضّرها بنفسها باجتهاد ذاتي بعد إقامة تجارب عملية عليها».

بيتها كان يستقبل العشرات يومياً من مرضى وحالات ولادة واستشارات طبية وغيرها، أحياناً كثيرة في وقت النوم والطعام كان الناس يتوافدون إليها، فتستقبلهم بالحب والابتسامة، الكثيرون قطعوا مسافات طويلة من أجل خبرتها، أمّا نساء "عين ديوار"، فكنّ لا يفارقنها على مدار ساعات طويلة في اليوم، وكانت الداعم والسند للنساء، وبفضلها نساء المنطقة على وجه العموم وقريتها على وجه الخصوص، كن يسعين إلى التطور الدائم، واتباع العلم، بالمقارنة مع المناطق والقرى الأخرى

ويتابع الباحث عن رحلتها الطيبة الشعبية: «علاج "الدمل" قريب جداً من العمل الجراحي، وهو فتح الدملة بأسلوب دقيق، وتنظيف الجرح ووضع بعض الأدوية والأعشاب الطبية عليه وربطه جيداً، بجهدها الذاتي، وأيضاً كانت تنجز وتحضّر بعض الأدوية لعلاج بعض الأمراض، مثل: التسمم، والحمى، والكريب، والرضوض. وفي الجانب الاجتماعي لها قيم ما زالت مطبوعة وتمارس في عشيرتها، فقد كانت تعدّ القرية كلها عائلتها، تهتم بها من حيث التربية والتعليم، وعلى يديها نال الكثيرون أعلى المراتب والشهادات العلمية، ويومياً كانت تؤدي مهمّة طبية أو اجتماعية، ولم تكن تعرف الراحة.

قرية عين ديوار بجمال ناسها وطبيعتها

كانت بمنزلة المستشارة لحل مشكلات النساء وتهيئة أفضل السبل لحياتهن ومستقبلهن، حتّى إن الكثيرين من أبناء القرى المجاورة كانوا يترددون إلى قريتنا للاستفادة من خبرتها وتجربتها، لم تكن تتردد بتعليم أي شخص يريد التعلم. إضافة إلى ما ذكر، حتّى في موعد رحيلها كانت أنيقة الشكل والروح».

أمّا "أمينة سيد خليل" من أهالي منطقة "المالكية"، فتحدّثت عن علاقتها مع الراحلة بالقول: «بيتها كان يستقبل العشرات يومياً من مرضى وحالات ولادة واستشارات طبية وغيرها، أحياناً كثيرة في وقت النوم والطعام كان الناس يتوافدون إليها، فتستقبلهم بالحب والابتسامة، الكثيرون قطعوا مسافات طويلة من أجل خبرتها، أمّا نساء "عين ديوار"، فكنّ لا يفارقنها على مدار ساعات طويلة في اليوم، وكانت الداعم والسند للنساء، وبفضلها نساء المنطقة على وجه العموم وقريتها على وجه الخصوص، كن يسعين إلى التطور الدائم، واتباع العلم، بالمقارنة مع المناطق والقرى الأخرى».

السيد عمر إسماعيل

يذكر أن الراحلة "فضيلة سيروب" ولدت عام 1900، وتوفيت عام 1989.