أديبٌ سامق البناء، شعره عذبٌ رقيقٌ، ونثره ساحرٌ رشيقٌ، يعرض عليك الحقيقة مرصعة بالخيال، والخيال موشّى بجمال الحقيقة. عاش في عصر "المتنبي" و"سيف الدولة"، وحافظ طوال مسيرته على صدق الكلمة في الشعر والحياة.

مدونة وطن "eSyria" ومن خلال بحثها عن كنوز الوطن وشخصياته التي أثرت تاريخنا الأدبي، التقت بتاريخ 28 نيسان 2017، الباحث والإعلامي "عبد الرحمن السيد"، ليحدثنا عن الشاعر والأديب "أبو الفرج الببغاء"، فقال: «هو ابن بلدة "نصيبين"، وينحدر من أعرق القبائل العربية نسباً، فهو من بني "مخزوم" التابعة لقبيلة "قريش"، واسمه الكامل "عبد الواحد بن نصر بن محمد أبو الفرج المخزومي". كانت ولادته أوائل القرن الرابع الهجري؛ قرابة 313 للهجرة. شاعرٌ وأديبٌ فذّ، له من جميل الشعر الكثير، وله من الرسائل والنثر كذلك. أما لقبه "الببغاء"، فيقال إن لديه لثغة في لسانه، وفي رواية أخرى بسب فصاحته وقوة بيانه.

هو شاعر وأديب كبير نفتخر بانتمائه إلى الجزيرة السورية، فهو ابن "نصيبين" مدينة العلم والأدب على مر السنين، ولد فيها، إلا أنه توفي في "الموصل" عام 398 للهجرة، بعد أن هجر "حلب" إلى "بغداد"، ثم استقر في "الموصل". كان أديباً ذا قيمة عالية على صعيدي النثر والشعر، وله احترام للأصل والنسب الذي ينتمي إليه، حيث يقول عنه "الخطيب البغدادي": كان شاعراً مجوداً وكاتباً مترسلاً، مليح الألفاظ، جيد المعاني، حسن القول والمديح والغزل والتشبيه والأوصاف

اتصل "أبو الفرج" بأمير "حلب" "سيف الدولة علي بن حمدان" الذي كان كعبة رجاء كل أدباء وشعراء عصره، مثل: "أبو الطيب المتنبي"، و"أبو فراس الحمداني"، و"الصابي"، و"الموصللي"، وغيرهم، فقد كان "سيف الدولة" أديباً مجيداً وشاعراً رقيقاً، يهزه كل عمل جميل، ولأن دولة الأدب تساند دولة السياسة، كان يقرّب منه كل أديب وشاعر إلى مجلسه، ويجزل عليه العطايا، لكن "أبا الفرج" عاش طوال عمره وفياً لـ"سيف الدولة" وابنه من بعده؛ حبّاً بهما، لا رغبة في ولاية، أو خوفاً من وشاية، حيث يقول في قصيدة جميلة تتغنى بحب "سيف الدولة":

عبد الرحمن السيد

يــا من تشـابه منه الخلق والخلق... فمــا تســافر إلا نحوه الحدق

توريد دمعي من خدّيك مختلس... وسقم جسمي من جفنيك مسترق

إبراهيم عواد الخلف

لم يبقَ لي رمقٌ أشكو هواك به... وإنمــا يتشــكى من بــه رمـــق

كما يقول:

نحن بجود الأمير في حرم... نرتع بين الشعور والعدم».

ويتابع "السيد" تحليل شعر "الببغاء"، فيقول: «من خلال دراسة شعره نتبين أن "الببغاء" رقيق الحاشية، سجيع الخلق، نبيل المروءة، محبوب من علية القوم وعامتهم، وله مكانة ترفعه عن اللغو، وتسمو به عن الهجو، فيقول: تشابهت الطباع فلا دنيء يحن إلى الثناء ولا حسيب.. وشاع البخل في الأشياء حتى يكاد يشح بالريح الهبوب.

تتبع "أبو الفرج" خطوات شاعرين ملأ ذكرهما الآفاق، وذاع صيتهما في "الشام" و"العراق"، وهما: "أبو تمام"، و"البحتري"، فأولع بالبديع؛ وهذا ما أخذه عن "أبي تمام". أما عن "البحتري"، فقد أخذ الألفاظ العذبة والخيال الواسع، ومزج بين هاتين المدرستين، فكان شعره الذي قاربه مع فطاحل الشعراء، حتى غدا "متنبي الجزيرة السورية"».

الكاتب والأديب "إبراهيم عواد خلف" عضو اتحاد الكتاب العرب في "الحسكة"، يحدثنا عنه بالقول: «هو شاعر وأديب كبير نفتخر بانتمائه إلى الجزيرة السورية، فهو ابن "نصيبين" مدينة العلم والأدب على مر السنين، ولد فيها، إلا أنه توفي في "الموصل" عام 398 للهجرة، بعد أن هجر "حلب" إلى "بغداد"، ثم استقر في "الموصل".

كان أديباً ذا قيمة عالية على صعيدي النثر والشعر، وله احترام للأصل والنسب الذي ينتمي إليه، حيث يقول عنه "الخطيب البغدادي": كان شاعراً مجوداً وكاتباً مترسلاً، مليح الألفاظ، جيد المعاني، حسن القول والمديح والغزل والتشبيه والأوصاف».