هو ابن "الجزيرة السورية"؛ أي سليل الحضارات المتعاقبة، نبغ فيها وذاع صيته حتى بلغ عنان السماء، قيل عنه إنه إمام عصره وأريب زمانه، وهو صاحب كتاب "الكامل في التاريخ".

مدونة وطن "eSyria" وفي إطار مهمتها لإماطة اللّثام عن مبدعي الوطن والتعريف بهم، التقت بتاريخ 2 تشرين الثاني 2016، "رشاد العبيد" الباحث في التاريخ والمهتم بالتراث والأدب، ليحدثنا عن "ابن الأثير"، فقال: «هو "أبو الحسن عز الدين بن الأثير الجزري الشييباني"، الذي تعود أصوله إلى قبيلة "بني شيبان" في "الجزيرة العربية"، مؤرخ وعالم بالحديث وأنساب العرب، ولد في جزيرة "ابن عمر" السورية، والتحق بكتاتيب الجزيرة، حيث حفظ القرآن الكريم وتعلّم مبادئ القراءة، وأخذ في تحصيل العلم على يد شيوخ الجزيرة والموصل والشام. كما اهتم "ابن الأثير" بعلوم عدة، منها: الأصول والفرائض، والمنطق، والقراءات، والحساب، لكنه أتقن علم الحديث والتاريخ، فكان إماماً في حفظ الحديث، وحافظاً للتواريخ المتقدمة والمتأخرة، وخبيراً بأنساب العرب وأيامهم وأخبارهم، وقد عاش في زمن احتدمت فيه الصراعات بين شعوب المشرق المختلفة؛ كالسلاجقة والخوارزمية والغور والمغول».

إن لابن الأثير أعمالاً متعددة، وإن كان "الكامل في التاريخ" أشهرها، فله كتاب "أسد الغابة في معرفة الصحابة"، و"التاريخ الباهر في الدولة الأتابكية"، و"اللباب في تهذيب الأنساب"

ويضيف "رشاد العبيد" عن تميّز شخصية "ابن الأثير" ومكانته عند من عاصره: «لقد تمتّع "ابن الأثير" بمكانة رفيعة عند معاصريه، ولمع اسمه في "الشام" لتردده إليها، وقد كوّن صداقات مع علمائها ورجالها البارزين من أبناء الأسرة الأيوبية، كما خرج مع "صلاح الدين الأيوبي" في غزو الفرنجة. كتب في الموضوعات التاريخية المختلفة كالتاريخ العام وتاريخ الأسر الحاكمة والتراجم والأنساب، لكن أشهر مؤلفاته "الكامل في التاريخ"؛ وهو كتاب في التاريخ العام، ويعدّ قمّة في الكتابة التاريخية، فقد اعتمد في كتابه على كبار المؤرخين الذين سبقوه، وعلى رأسهم "الطبري" و"ابن الكلبي" و"المسعودي"، حيث رتب في الكتاب الأخبار والحوادث حسب السنين، ولم يفرّق بين أخبار ملوك الشرق والغرب وما بينهما من أول الزمان حتى سنة 628 هجري، 1230 ميلادي، كما ذكر علاقة العرب بالشعوب الأخرى كالهنود والصينيين، كما اهتمّ بالحوادث المحلية في كل إقليم، إلى جانب اهتمامه بالظواهر الجوية والأرضية وأثرها في الحياة المعيشية».

الباحث رشاد العبيدي

وختم بالقول: «إن لابن الأثير أعمالاً متعددة، وإن كان "الكامل في التاريخ" أشهرها، فله كتاب "أسد الغابة في معرفة الصحابة"، و"التاريخ الباهر في الدولة الأتابكية"، و"اللباب في تهذيب الأنساب"».

أما الباحث والمدرّس "معاذ الرحبي"، فقال: «مع أن التاريخ أنصف "ابن الأثير"، وجعله في مصاف كبار الأدباء والمؤرخين، إلا أنه ظلم أشقاءه، فالحقيقة إنهم ثلاثة إخوة، و"ابن الأثير أبو الحسن عز الدين" أوسطهم؛ فهم ثلاثة أشقاء وكلهم لقّبوا بابن الأثير؛ فالكبير "أبو السعادات مجد الدين بن الأثير الجزري"، علاّمة في التفسير والحديث والفقه واللغة، ولد سنة 544 للهجرة، وتوفي سنة 606 للهجرة، ومن أشهر أعماله: "الإنصاف في الجمع بين الكشف والكشاف"، و"جامع الأصول في أحاديث الرسول"، و"المختار في مناقب الأخيار". أما الأخ الأصغر، فهو "أبو الفتح ضياء الدين بن الأثير الجزري الشيباني" أديب ونحوي ووزير من وزراء الأيوبيين، ولد سنة 558 للهجرة، وتوفي سنة 637 للهجرة، درس على أيدي علماء الموصل والشام والقاهرة، وكان غزير الإنتاج، لكن لم يصلنا إلا بعض كتبه، أهمها: "تحفة العجائب وطرفة الغرائب"، و"المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر"، لكن إذا ما ذكر "ابن الأثير"، فلا يتبادر إلى الذهن إلا صاحب "الكامل في التاريخ" "أبو الحسن عز الدين بن الأثير الجزري الشيباني" الذي ولد سنة 555 للهجرة، وتوفي سنة 630 للهجرة.

المدرس معاذ الرحبي.