سار في حياته على أسس اجتماعية راقية ورّثها لأبنائه وأحفاده، وأعطى من خلالها دروساً بالكرم والعدالة والحكمة لكل أبناء منطقته، خلدته السطور، ولم ينقطع الناس عن ذكر محاسنه.

مدوّنة وطن "eSyria" وبتاريخ 13 كانون الأوّل 2014، وقفت عند شخصية المرحوم "ميزر مدلول العواصي" الذي يتباهى به كل أبناء محافظة "الحسكة" بكافة أطيافها وألوانها، وعلى الرغم من كثرة السنوات التي مرّت على رحيله، إلا أنّ النهج الذي رسمه مازال يسير عليه أبناؤه وأسرته، والعديد من المواقف النبيلة التي سطرها خلال حياته لا تزال حديث الناس ويجني منها أهالي المنطقة ثمار الخير والمحبة، ولذلك كان ولا بدّ من التعرف إليها من خلال عدد ممن رصدوا مواقفه ودوّنوها في الذاكرة، وكانت البداية مع السيد "صالح حاج محمود" أحد وجهاء عشيرة "العبّاسيين" ويقول: «جمعتنا مع المرحوم "ميزر" لقاءات كثيرة، فهو الذي استنهض الهمم في وجه الظالم، وساند الفلاح في كسب حقوقه، فكانت الوفود تنهال عليه يومياً من أجل وضع عدالته في قضية ما، وتتعدد القصص والقضايا التي حلت بحكمته وعدالته، حتّى القضايا الشائكة والمعقدة لم تكن تصعب عليه، وجميع أبناء المنطقة كانوا يتجهون صوب داره، الذي كان يفتح منذ الصباح حتى المساء مستقبلاً المئات ويومياً، سواء من أجل حاجة أم لحل مشكلة أو للترفيه عن النفس، وكانت الولائم الكبيرة تقام لكل من في الدار، وزوّاره كانوا يأتون إليه من كل المناطق والمحافظات وحتى من البلدان العربية المجاورة، فقد نهج نهجاً في الحياة بات الجميع يعده أميراً من أمراء زمانه وعصره وحتى اليوم اسمه على كل لسان، فنحن نقول: ليت المنطقة أنجبت حكيماً وعادلاً وشخصاً كالمرحوم "ميزر"؛ علماً أن أسرته تعمل وبكل قوّة وجهد للحفاظ على رسالته الراقية والرائعة».

جمعتنا مع المرحوم "ميزر" لقاءات كثيرة، فهو الذي استنهض الهمم في وجه الظالم، وساند الفلاح في كسب حقوقه، فكانت الوفود تنهال عليه يومياً من أجل وضع عدالته في قضية ما، وتتعدد القصص والقضايا التي حلت بحكمته وعدالته، حتّى القضايا الشائكة والمعقدة لم تكن تصعب عليه، وجميع أبناء المنطقة كانوا يتجهون صوب داره، الذي كان يفتح منذ الصباح حتى المساء مستقبلاً المئات ويومياً، سواء من أجل حاجة أم لحل مشكلة أو للترفيه عن النفس، وكانت الولائم الكبيرة تقام لكل من في الدار، وزوّاره كانوا يأتون إليه من كل المناطق والمحافظات وحتى من البلدان العربية المجاورة، فقد نهج نهجاً في الحياة بات الجميع يعده أميراً من أمراء زمانه وعصره وحتى اليوم اسمه على كل لسان، فنحن نقول: ليت المنطقة أنجبت حكيماً وعادلاً وشخصاً كالمرحوم "ميزر"؛ علماً أن أسرته تعمل وبكل قوّة وجهد للحفاظ على رسالته الراقية والرائعة

أمّا السيد "حسين الحميّد" أحد وجهاء عشيرة "الجوّالة" فبيّن أنّ للمرحوم أسساً كانت في غاية الأهمية للتركيز عليها ومنها: «الأساس الأوّل له كان لتشجيع الطلبة على متابعة تحصيلهم الدراسي، وخاصة فئة شباب الجامعات، فعندما كان بعض الشباب يقفون عند حد معين في الدراسة من أجل المال، كان يبادر وبجهد فردي ويقدم لهم ما يلزم من أجل متابعة الدراسة، حتّى إنه وخلال إحدى زياراته لـ"دمشق" سمع بعض الشباب يتحدثون عن رغبتهم بالعودة إلى "القامشلي" لعدم قدرتهم على متابعة الدراسة من أجل المال، فبادر إليهم دون أن يعرفهم وقدّم لهم مبلغاً مالياً على الفور، وحدد لهم مكاناً ليراجعوه عند بداية كل عام دراسي لينالوا نصيبهم وما يحتاجونه من أموال حتى نهاية تخرجهم في الجامعة، ومن الشباب من قال هذا الكلام يوم وفاة المرحوم، وأكّد أن العشرات منهم حصل على الإجازة الجامعية، وهم الآن في وظائف الدولة ويعيلون أسرهم ويذكرون صاحب الفضل ورمزاً من رموز الخير الشيخ "ميزر"، أما أساسه الثاني في الحياة فكان تبني العديد من الأسر اليتيمة والفقيرة، فكان وعند بداية كل شهر يخصص مبلغاً ومواداً تموينية وغذائية وحسب حاجة كل أسرة وضمن برنامج وخطة مثاليّة، ولذلك كان من الطبيعي أن تنهال الألسن يومياً بذكر محاسنه أمام الحشود».

الباحث جوزيف أنطي

الباحث التاريخي "جوزيف أنطي"؛ الذي دوّن الكثير من مواقفه في سجلات التاريخ وسرد لنا عن بعض منها، يقول: «كان أحد أكبر شيوخ عشيرة "الشمر" وامتاز برجاحة العقل والحكمة والعدل، وكان مبدعاً في إدارة المشاريع الزراعيّة وبأسلوب اقتصادي ومنهجي، واعتمد على تطوير الأرض الزراعية واستثمارها بالطريقة المناسبة بنفسه، بيته الوحيد من بيوت المنطقة كان حاضناً لكل الفقراء والمحتاجين، لم يفرق في كرمه بين إنسان وآخر، وكل من طرق بابه أخذ حاجته، أمّا في العدالة فكان الحق نهجه وتوجهه مهما كانت القضيّة صعبة ومعقدة، ولم يقبل أي إعانة أو هبة أو دعم من أي طرف كان، حتّى إنه كان يربي عائلته للاقتداء بسيرته ومسيرته؛ وهذا ما يظهر في شخصية نجله الكبير الشيخ "عدي الميزر" حالياً، وكان مساهماً وفعّالاً في إضفاء جمالية راقية وحضارية على الطيف المتنوع بالجزيرة السورية، وكثيرة هي المناسبات والأعياد والاحتفالات التي كان يلم شمل الجميع ضمن مكان واحد، ولذلك الاقتداء بتلك الفكرة والوجهة باقية حتى اليوم، وقد كانت علاقته مع الفلاحين علاقة محبة وتعاون لخير المجتمع والأرض».

ويضيف الباحث: «حافظت أسر وعشائر وأقارب "مدلول" على تواصلهم وتوادهم ليومنا هذا من أجل مبادرة صلح قام بها المرحوم، والكثيرون منهم وفي هذه الأيام يقولون حفاظاً على روح المرحوم وتقديراً لاسمه نجل علاقتنا الاجتماعية والإنسانية، وقد كان رجلاً وطنياً بامتياز وكان من المقاومين والمناضلين عن أرضه وعرضه أثناء فترة الاحتلال، ولذلك ارتبط بعلاقات طيبة مع الزعماء الوطنيين على مستوى "سورية" كلّها، وكان منزله مضافة لجميع المطارنة ووجهاء العشائر العربية والكردية وللفقير والغني والكبير والصغير، وأثناء زيارة الزعيم الراحل "جمال عبد الناصر" إلى "القامشلي" ألقى خطابه من شرفة منزل المرحوم على الحشد الجماهيري، حتّى لحظة وفاته فهي إن دلت على شيء فهي تدل على مكانة هذا الرجل، وقد انتقل إلى رحمته تعالى وهو في المسجد وعلى الصلاة في حالة السجود، وتحديداً في شهر رمضان المبارك، وهي إشارة لطهارة ونقاوة قلبه ومسيرته الطيبة، وقد قصد مجلس عزائه وفود من كل أنحاء "سورية"، ومن دول: "الأردن"، "العراق"، "السعودية"، "الكويت"، "الإمارات"، وغيرها من الدول العربية، ومن أجل عزائه فتحت الحدود "السورية - العراقية" من أجل زيارة المعزين».

السيد صالح المحمود