نذر نفسه في فترة صباه ينادي بالسلام ولغة الإخاء، فأعطى لرسالته كلّ وقته وسنوات عمره، لينثرها بالشعر والنثر، في المهرجانات والمنظمات، فنال الكثير من الشقاء والعذاب في سبيل ذلك.

مدوّنة وطن "eSyria" وبتاريخ 16 كانون الثاني 2014 وقفت عند إحدى الشخصيات المهمّة في منطقة الجزيرة السوريّة وهو المرحوم "جكر خوين" وقلب عن صفحاته الكاتب "حسن جنكو" عندما استهل الحديث قائلاً: «كانت ولادته عام 1903 يتقلب بين الوديان ومتنقلاً من صخرة إلى أخرى بحثاً عن لغة الأمل والتفاؤل، منذ ولادته وجد عائلته محمّلة بالعذابات والقسوة والشقاء في "تركيا" وذاق جزءاً منها، فشدّ رحاله نحو "الجزيرة" السوريّة، علماً أن عينيه تفتحتا على أحداث كارثية بسبب الحربين العالميتين، وقد أحبّ ذلك الشاب الدراسة والعلم كثيراً، وكان جلّ اهتمامه الاعتكاف على التعليم والقراءة، وتعلم على يد نخبة من خيرة العلماء والمثقفين، وتنقل من مكان إلى آخر راغباً في تحقيق النجاح وتكملة مشوار الدراسة، علماً أنه وقبيل مغادرة "تركيا" دوّن كل مشاهد القهر والظلم التي كانت تنهال عليه وعلى أبناء قريته، ورغم صغر عمره تحمل كل العذابات والعقوبات ووقف في وجه الطغاة هناك، ومن ثمّ رحل عنها، ولذلك تنقل بين "القامشلي، عامودا، الموصل العراقية، المالكية" وغيرها من المدن كلها لنشر رسالته وللعلم».

من رحم المعاناة والألم تألق في ميادين الأدب وتحديداً كتابة الشعر، وكان ملازماً لكل الفعاليات الأدبية التي كانت تقام في "القامشلي" فكان عاشقاً للأدب بدرجة كبيرة، ولذلك أبدع وتألق في كتابة الشعر، والقصة الشعرية، كان صادقاً في ما سعى إليه ومن أجل المصلحة العامة، فنستطيع القول إن سنوات عمره كلها كانت شقاء وغربة واغتراب، وقد رحل عن الدنيا عام 1981، ولكنه خلف إرثاً مهماً وكتب عنه كثيراً بل كتبت عنه مؤلفات كاملة

ويتابع : «استقر مطولاً في قرية "تل شعير" التي تبعد 15كم عن "القامشلي"، ولأنه كان من أكثر المستهدفين من قبل الحكومة التركية، وكانت تأتيه التهديدات باستهدافه حتى وهو في "الجزيرة" السورية، ومع ذلك كان يتابع نهجه وبدأ كتابة الشعر وبقوّة، وبداياته في كتابة الشعر كانت تتحدث عن مدى حبه للعلم والتعلّم، ومما قاله عن دراسته: "خلص قلبي دفعة واحدة من الأحزان.. اسقني من جامك القرمزي.. ذاك الشراب الحلو من عصير الكروم.. قدمها لي حسب الأعراف.. كي أرتشفها وأسرد أماكن دراستي".

الكاتب أنيس مديواية

إضافة إلى العديد من الدواوين الشعرية التي كتبها، كتب قصة شعريّة أيضاً يتحدث فيها عن مشواره الحافل بالهموم والعذاب، واستقر لفترة طويلة في "عامودا" التي تبعد 20كم عن "القامشلي"، وتنقل في معظم القرى التي تجاورها للدراسة والعمل معاً، فعمل في الزراعة والأعمال الشاقة والصناعة فقط لتأمين لقمة العيش، علماً أنه أدخل الزنزانة عشرات المرّات من قبل المحتل الفرنسي بدرجة كبيرة، وذلك من أجل القضية والمبدأ التي نادى لتحقيقها؛ أي من أجل العام وليس لمصلحة شخصية، ولم يهنأ يوماً واحداً في حياته».

وللمرحوم "جكر خوين" رحلة أخرى يقول عنها السيد "حسن": «من الأدب والشعر انطلق ليؤدي رسالته ليكشف كل الحقائق التي رصدها في حياته، وذلك من خلال العمل التنظيمي له، فانضم إلى جمعية تثقيفية عام 1927، وكان من المساهمين والفاعلين في تطوير تلك الجمعية، وكان ينزع فتيل الخلاف بين أعضائها بشكل دائم، وساهم في تأسيس نادي باسم "الشباب الكرد" وذلك في "عامودا"، وبعد الظلم والقهر أغلقه المحتل الفرنسي، وانطلق مع عدد من الشخصيات المعروفة إلى تأسيس جمعية الحرية ومن شدة تألقه صار نائباً لرئيس اللجنة، وكان "جكر خوين" ينضم إلى أي لجنة مهما كان نوعها أو شكلها المهم عنده تحقيق العدالة والمساواة ونشر السلام، ويعمل ضمن الأطر الجماعية التي آمن بها، وكان عنصراً فعّالاً في كل اللجان التي عمل معها، وكان يقوم بتأريخ كل شيء بالشعر الذي أبدع فيه».

وأضاف: «في منتصف الخمسينيات ذهب إلى "العراق" وعمل في القسم الكردي ضمن إذاعة "بغداد"،إضافة إلى ذلك كان مدرساً للغة الكرديّة في جامعة "بغداد"، وبعد عدة سنوات عاد إلى "الجزيرة" السورية، لم يكن يهتم بكل الأجواء الصعبة والشاقة حوله بل كان يتابع رحلته ومشواره الأدبي والاجتماعي والإنساني في كل المحافل، فتنقل إلى "لبنان" التقى كل المنظمات والجهات ناقلاً رسالته، ومع نهاية الخمسينيات توجه إلى "السويد" لذات الغرض، ومن خلال "السويد" تنقل على أكثر من بلد أوروبي مشاركاً في المناظرات والمحاضرات والأنشطة يقدم عن رسالته، علماً أنه طالب بحقوق الفتاة والمرأة والفقراء والضعفاء، ولذلك كان مضطهداً وغير مرغوب».

صديقه السيد "أنيس مديواية" تحدث عنه قائلاً: «من رحم المعاناة والألم تألق في ميادين الأدب وتحديداً كتابة الشعر، وكان ملازماً لكل الفعاليات الأدبية التي كانت تقام في "القامشلي" فكان عاشقاً للأدب بدرجة كبيرة، ولذلك أبدع وتألق في كتابة الشعر، والقصة الشعرية، كان صادقاً في ما سعى إليه ومن أجل المصلحة العامة، فنستطيع القول إن سنوات عمره كلها كانت شقاء وغربة واغتراب، وقد رحل عن الدنيا عام 1981، ولكنه خلف إرثاً مهماً وكتب عنه كثيراً بل كتبت عنه مؤلفات كاملة».