في الأزمات والحروب تطفو على السطح كثير من المبادرات، منها ما يهدف إلى تقديم المعونات المباشرة، ومنها ما يعمل على إعداد الأشخاص وتعليمهم مهنة ما؛ ليكسبوا منها لقمة العيش؛ وهذا ما أثبت جدارته في "القامشلي".

مدوّنة وطن "eSyria" وبتاريخ 7 آذار 2015، التقت السيدة "فاطمة الحلو" لتحدثنا عن تجربتها في هذا السياق، فهي من مدينة "حلب" وتعمل في إحدى مؤسسات المبادرات، تقول: «منذ عدة سنوات ومع بداية الأزمة التي نعيش، قادني القدر إلى مدينة "القامشلي"، وبحكم إشرافي وإعانتي لأسرة كاملة؛ كان لزاماً عليّ العمل في مكان ما يناسب وضعي، وبعد البحث والاستقصاء وجدنا مشغلاً للخياطة خاصاً بكسب النساء الوافدات تحديداً، والأهم أن المشغل يعلّم الخياطة لمن يجهل المهنة، ومع التعليم هناك تعويض مالي، وبعد التعليم هناك تعويض مالي أكبر، عندما تدخل إنتاجاتنا السوق.

في أوقات كهذه يغدو الخطر محدقاً بالجميع، وإن لم يتواجد مبادرون مهتمون بالحفاظ على مصالح الناس فإن الوضع يكون أسوأ بكثير. هذه المبادرات التي نقوم بها تعمل على زيادة التآخي بين مكونات المجتمع، إضافة إلى دورها في إعالة الأسر والأطفال، والفضل يعود إلى كل صاحب يد بيضاء، كرَّس جهده ووقته لمساعدتنا

بعد أربعة أشهر أنجزت مرحلة التعليم وبدأت العمل في الخياطة والتطريز والحبكة، ولجميع الأصناف والأنواع، ولذلك أنا والعشرات مثلي نعد المشغل حالة فريدة وتجربة مهمة بالدرجة الأولى لأنها تستهدف النساء، وأغلبنا نعيل الأسر، إضافة إلى بيع نتاجنا في السوق، فإن المشغل يقيم لنا معارض عديدة لعرض ملابسنا بين الحين والآخر كنوع من أنواع التشجيع والمنافسة».

أحيقار عيسى

وكان للشاب "أحيقار عيسى" حديث عن تفاعله مع مجتمعه بمبادرات وضعها ضمن نهج وخطة يجدها في غاية الأهمية، فقال عن ذلك: «خلال الفترة الحالية تواصلت مع عدد من الشباب وقررنا تأسيس مجموعة عمل بعنوان "سورية الأم"، تكون المؤسسة لجميع مكونات المجتمع من دون تفريق، ونولي اهتماماً خاصاً بأهلنا المهجرين من محافظات أخرى، والإنجازات التي تحققت من خلال هذه المؤسسة غاية في الأهمية، فقد أغنت العاملين عن ذل السؤال واستجداء المساعدة، ومكنتهم من العمل وكسب لقمة العيش بتعبهم وعرق جبينهم.

كما تقوم هذه المؤسسة بحملات يوميّة للإغاثة والنظافة والخدمات بكافة أنواعها.

وللأسر الفقيرة حصة ومكانة كبيرة عندنا واهتمام وعناية خاصة، ولأهمية وفاعلية المغتربين تواصلت مع عدد كبير، وشجعتهم على التفاعل، والكثيرون منهم يقدمون الكثير والكثير مادياً ومعنوياً في سبيل وطنهم وتخفيف المعاناة عن الناس، أمّا من يهجّر من بيته ومنطقته فعلى الفور نتقدم إليه ونؤمن كل احتياجاته، ولدي أكثر من منزل خاص هو مخصص ومجهز للوافدين من دون مقابل ويقدم لهم كل ما يلزم، ونساعدهم كثيراً في تأمين بعض المواد التي تكون مستعصية أحياناً على الحصول كالمحروقات والغاز والخبز».

ويضيف "عيسى" حول موضوع الحفاظ على الشباب: «في أوقات كهذه يغدو الخطر محدقاً بالجميع، وإن لم يتواجد مبادرون مهتمون بالحفاظ على مصالح الناس فإن الوضع يكون أسوأ بكثير.

هذه المبادرات التي نقوم بها تعمل على زيادة التآخي بين مكونات المجتمع، إضافة إلى دورها في إعالة الأسر والأطفال، والفضل يعود إلى كل صاحب يد بيضاء، كرَّس جهده ووقته لمساعدتنا».

للسيد "علي صالح محمود" حديث عن مبادرات ومشاريع وجدت في منطقته، فقال عن ذلك: «المجتمع وأهله بأمس الحاجة إلى تلك العناوين التي نفذت وتنفذ غيرها ضمن المنطقة، فعندما يخصص مشغل كامل للتعليم والتعويض المالي لكل امرأة وافدة فهو عين الصواب، وكذلك الحفاظ على الشباب بكسبهم في ميادين العمل المتنوع لمنعهم من الضياع والتشتت، أمّا من تصدى لأمور إنسانية واجتماعية وخدمية أخرى من قبل أبناء المجتمع فهو الذي حافظ على رونق وأناقة المجتمع حتى يومنا هذا».