عدد من الآلات الميكانيكية والزراعية كانت المنطقة بأمسّ الحاجة إليها، صنّعتها أيادي أبناء الجزيرة، من "لطفي غزال" مصنّع قطع الغيار إلى "يوسف كوجوبجي" مصنّع الإطارات، من مبدأ الاعتماد على الذات والحاجة أم الاختراع.

مدوّنة وطن "eSyria" وبتاريخ 8 آب 2014، فتحت صفحة من صفحات الماضي البعيد لمنطقة "القامشلي"، وذلك من خلال تصنيع أبنائها ورجالاتها لعدد من الآلات الميكانيكية والزراعية التي خدّمت المنطقة، وبداية تحدّث عن ذلك الإنجاز المزارع "حسين المحمود" من أبناء قرية "قلعة الهادي الغربية"، حيث قال: «قبل عشرات السنين ونحن نعمل في مجال الزراعة، وكان نجاح العمل يتطلب تأمين أدوات ومستلزمات من المنطقة الصناعية للعمل الزراعي، سواء من خلال الآلات أو بعض القطع الخاصة بتلك الآلات، والسعادة كانت كبيرة لأننا لم نكن نعاني من السفر للمحافظات الأخرى في سبيل ذلك بل أبناء المنطقة تصدوا للمهمة وقدموا الكثير والكثير، ولذلك أسماؤهم وأفعالهم خالدة ما دامت الزراعة حاضرة في ربوعنا».

الأسماء التي ذكرت في مادتكم حول مؤسسي المنطقة الصناعية نعتبرهم العمود الفقري لها، ومنهم أخذنا الكثير واليوم نطبق نهجهم وننشر طريقتهم في التعامل مع الآلات الصناعية والزراعية، ولذلك كانت وستبقى آلات زراعتنا ومنطقتنا الصناعية بخير

أمّا الباحث التاريخي "جوزيف أنطي" فله الدور في نبش الماضي وتخليد تلك الأسماء، يقول عنها: «تلك الأسماء سطّرت بعرق جبينها وقوّة عقلها نهضة صناعيّة كبيرة، فالمعلم "لطفي غزال" برع في تصنيع قطع الغيار والخراطة ولا سيما المسننات وأوجد لجميع الآلات الزراعيّة قطع الغيار التي تحتاجها دون اللجوء إلى الاستيراد، أمّا "مانوئيل دير خوربينيان" فكان من أشهر وألمع الحدادين في المنطقة وقدّم الكثير في خدمة العمل الزراعي، والمصمم "كيفورك كبابجيان" قام بتصنيع الديسكات والبذارات الخاصة برش الحبوب الزراعية في الأرض، وكذلك صنع "التريلات" التي تعلق مع الجرار الزراعي، و"أحمد الداغستاني" كان مشهوراً بمهنة الخراطة وتسوية المسننات وتصنيع بعض القطع الخاصة بالآلات الزراعية، وساهم "كريم هاكو" وابنه "صليبا" في إصلاح المكنات الزراعيّة».

السيد أنيس مديوايه

السيّد "أنيس مديوايه" أحد المعمرين في المدينة ومن كتّاب التاريخ، أضاف عن بعض الأسماء التي بصمت وأبدعت في مجال الصناعة والآلات الزراعية عندما قال: «كلما توغلنا في مهنة الميكانيك وتوابعها من خراطة وتسوية وحدادة نجد أنّ أسماء رائعة تألقت ونفذت بصدق وإخلاص ما احتاجته هذه المهنة، وحتّى اليوم أبناء مدينة "القامشلي" وجميع المناطق التابعة لها وخاصة الزراعيّة يذكرونهم ويتذكرونهم، فعائلة "جرموكلي" ساهمت كثيراً في المجال الميكانيكي وكانت تقوم بإصلاح أعطال ميكانيكية في غاية الدقة والحساسيّة، أمّا المعلم "آكوب ميساكيان" فكان يتصدى لجميع الآلات ليكتشف الخلل فيها، وخاصة الآلات الزراعية، لم تكن تمر عليه آلة إلا ويقوم بإنجازها، والمشهور في ذلك أيضاً "أديب نعوم"، وبالنسبة لمهنة الخراطة و"الطورنو" فهناك أسماء لامعة جداً في ذلك المجال، وهم: "فكري كورجي، باصيل بالجي، فهمي أنيس، جان كورجي"، والسيد "يوسف كوجوبجي" الذي كان يقوم بتصنيع الإطارات».

ويضيف السيد "أنيس" بالقول: «هذا العمل الآنف ذكره كان في بدايات تأسيس مدينة "القامشلي"، وكان موقعهم جميعاً في سوق الخضرة الحالي عند الجامع الكبير، ومن خلالهم وبجهودهم كانت القفزة الصناعيّة والحضارية بتأسيس المنطقة الصناعيّة التي تعد ثروة عظيمة في المنطقة، وهي التي باتت من أهم المناطق الصناعية، وبفضل الأسماء التي ذكرناها لأن خبرتهم وثقافتهم انتشرت وتوارثتها الأجيال، حقيقة ولادة تلك الخبرات برزت بقوة في الثلاثينيات والأربعينيات والخمسينيات، وحتى الوقت الحاضر نجني وتجني المنطقة الصناعية من ماضينا الجميل في الصناعة».

آلة لخدمة الزراعة صنعت بالقامشلي

الشاب "دلشاد عمر" من كوادر المنطقة الصناعية حالياً قال عن تجربة الجيل الماضي للحركة الصناعية: «الأسماء التي ذكرت في مادتكم حول مؤسسي المنطقة الصناعية نعتبرهم العمود الفقري لها، ومنهم أخذنا الكثير واليوم نطبق نهجهم وننشر طريقتهم في التعامل مع الآلات الصناعية والزراعية، ولذلك كانت وستبقى آلات زراعتنا ومنطقتنا الصناعية بخير».