هو أحد الشباب الذين لا يعدمون الوسيلة في ابتغاء العيش، فكيفما دار الزمان دار معه، وكيفما تحولت الوجهات تجده أمامها، سلاحه هو هوايته التي رافقته منذ أيام الطفولة وهي العبث بالأجهزة الكهربائية والإلكترونية.

مدونة وطن "eSyria" وبتاريخ 8 آذار 2014 التقت "سامر أيوب جرجس" في محل عمله الذي لا يتجاوز الأمتار ليحدثنا عن مشواره المهني، فقال: «أنا من مواليد 1973 وجدت نفسي هكذا أي إنني لم أخطط لشيء في حياتي، كل ما أعرفه أن حب الإلكترونيات تملكني منذ الصغر، وراح يكبر معي، فأنا لم أتعلم أن أصلح الأدوات الإلكترونية من أحد ولم أراقب أحداً أيضاً، كل ما في الأمر أنني ما إن أجد قطعة إلكترونية غير صالحة أقوم بفكها والعبث بها، بقيت على هذا الحال عدة سنوات، حتى جاءت لحظة الحقيقة، فقد تمكنت من صناعة اختراع عصري من جهاز راديو معطل».

في الحقيقة هؤلاء الأشخاص الذين يصلحون الأجهزة المعطلة، هم أكثر الأشخاص الذين يدخلون البهجة إلى قلوب الناس، فقد تحولنا إلى هذه الاختراعات بعد أن بدأنا نعاني من مشكلة انقطاع الكهرباء، وانتشرت هذه التقنية فقد عوضتنا كثيراً عن فقدان حاجة أساسية من حاجيات الحياة، وفي الحقيقة إن هذه الخبرات بمقدورها فعل الكثير في حال توافرت البيئة الملائمة لعملهم

يتابع: «عندما بلغت الخامسة عشرة من عمري كان في منزلنا جهاز راديو معطل، قمت بفكه وإجراء بعض المحاولات عليه، وفي النهاية تمكنت من إصلاحه لكن بعد أن تغيرت هويته الأساسية، فبدل أن يكون جهاز استقبال أصبح جهازاً للبث وقد كنت أبث منه بعض الأغاني لمسافة تقارب 500 متر، بعد هذه الاختراع التحقت بالثانوية الصناعية في مدينة "الحسكة"، وكلي أملٌ في أن أدخل قسم الإلكترون وأتابع ما أحلم به، وهو تعلم أدق التفاصيل عن هذا العلم الرهيب، لكن المفاجأة كانت كبيرة، عندما أخبرني القائمون على المدرسة بعد افتتاح هذا القسم من الدراسة حتى العام القادم، فالتحقت بقسم كهرباء السيارات وتعلمت فيه أساسيات العمل، وعلى أساس شهادتي توظفت كفني لصيانة كهرباء السيارات».

سامر جرجس

«في الفترة التالية بدأت صناعة مقويات البث الأرضي بعد أن أغرق السوق بالمستورد، فقمت بصناعة مقويات للإشارة تعمل على مبدأ تقوية الإشارة الضعيفة وتوفير صورة جيدة للمشاهد، ثم انتقلت إلى تركيب الستلايت (الصحون اللاقطة) فوق المنازل وبرمجتها، وكل ذلك كان بخبرات ذاتية، وأخيراً استقر بي العمل على صيانة روافع الجهد inverter، حيث اتجه أغلب سكان مدينة "الحسكة" إلى توفير الطاقة عبر البطاريات وروافع الجهد، هنا انتقلت إلى إصلاح هذه الأجهزة الكثيرة الأعطال ذات المنشأ المستورد، وهو بكل حال يعدّ باباً من أبواب الرزق الذي أعتاش منه، وأخيراً قمت بتصنيع هذه الأجهزة وأجهزة لشحن البطاريات بالطاقة، بضمانة الديمومة والفعالية».

من جهته قال "إسحاق جرجس": «أنا شقيق "سامر" الأصغر لجأت إلى العمل معه بعد أن خسرت عملي، وتعدّ طبيعة عملي هي مساعدة أولية فقط، فأنا أتسلم روافع الجهد أو القطع غير الصالحة من الزبائن، ثم أقوم بفتحها وتقديمها إلى أخي، وبعد أن يصلحها أقوم بتطبيقها وتسليمها إلى الزبائن، وفي الحقيقة عندما كنت أراقب أخي في الأيام الماضية، أثناء ما كانت الأمور لا تتعدى الاستكشاف، لم أكن أتوقع أن تصبح خدمات "سامر" على مستوى المدينة بل وعلى مستوى المحافظة».

مع الزبائن

بدوره قال "عامر العلي" أحد الزبائن: «في الحقيقة هؤلاء الأشخاص الذين يصلحون الأجهزة المعطلة، هم أكثر الأشخاص الذين يدخلون البهجة إلى قلوب الناس، فقد تحولنا إلى هذه الاختراعات بعد أن بدأنا نعاني من مشكلة انقطاع الكهرباء، وانتشرت هذه التقنية فقد عوضتنا كثيراً عن فقدان حاجة أساسية من حاجيات الحياة، وفي الحقيقة إن هذه الخبرات بمقدورها فعل الكثير في حال توافرت البيئة الملائمة لعملهم».