بعد الانتهاء من بحثها العلمي الخاص بترشيد استهلاك المياه نالت "أفين محمد زكي" الميدالية الفضية أثناء مشاركتها في معرض "الباسل" للإبداع الذي أُقيم مؤخراً في "دمشق"؛ مؤكدةً بذلك كفاءة المرأة السورية في مزاحمة الرجل حتى في المجال العلمي.

أما ماهية هذا البحث فهي كما تحدثت "أفين" بالقول: «يتلخص المشروع بتقسيم خطوط شبكة المياه المنفذة ضمن مساحةٍ جغرافية إلى أجزاء لتسهيل التحكم بها بهدف قطعها عن المتطفلين الذين يقومون باستجرارها والاستفادة منها بطرقٍ غير قانونية، حيث يتم بناء ريكارات صغيرة تتوضع على الخطوط الرئيسية الموزّعة من الخزان؛ وتوجد ضمن هذه الريكارات سكورات للتحكم بفتح بعض تلك الخطوط وإغلاق بعضها الآخر؛ وبالمقابل يتم توزيع المياه على خطوط الشبكة وفق ساعات معينة».

على الرغم من أن هذا البحث لا يمت بأي صلة لاختصاصي؛ إلا أن مساعدتي اختصرت في إيصال الفكرة لكلية الهندسة بجامعة "الفرات" بعدما وجدت فيها حلاً لمشكلةٍ باتت منتشرة في كل مكان وهي هدر المياه؛ فهو بحثٌ جديرٌ بالاهتمام

وبحسب المخطط التفصيلي المُصغّر الذي أنجزته "زكي" فإن التجربة العملية لهذا البحث ستكون على حد قولها كالتالي: «إذا كان هناك خزان مياه يُغذي تجمعاً سكانياً معيناً (قرية أو مدينة) ويتفرع منه ثلاثة خطوطٍ رئيسية ويتفرع من كل خط رئيسي خطان آخران، فإنه في هذه الحالة يوضع ريكار على كل خط رئيسي (أي ثلاثة ريكارات) ويتم تغذية تلك الخطوط بالمياه وفق تقسيمٍ زمني متساوٍ خلال /24/ ساعة أي حصة كل خط هي /8/ ساعات خلال اليوم الواحد؛ ثم نأتي لتقسيم حصة الخطين الفرعيين المنحدرين من كل خط رئيسي؛ بمعنى أن حصة كل خط فرعي ستكون /4/ ساعات من حصة الرافد الرئيسي».

مُخطّط مُصغّر للدراسة

هنا تشير "زكي" إلى أن الغاية من هذه الفكرة هي: «ترشيد استهلاك المياه والحد من هدرها بطريقةٍ فنية وتخفيف ظاهرة السرقات التي تحصل في معظم التجمعات السكانية بعد أن فشلت كل المحاولات في قمعها بطريقةٍ قانونية من قبل بعض النفوس الضعيفة، لذلك فإن لم نستطع القضاء على هذه المشكلة بشكلٍ تام؛ فبالتأكيد سيكون بمقدورنا توفير كميات هائلة من المياه نتيجة قطع الطريق على هؤلاء الناس بتقليل ساعات ضخها من /24/ ساعة إلى /4/ ساعات، والهدف الآخر من هذه الدراسة هو تسهيل إجراء عمليات الصيانة الدورية وقطع المياه عن الجزء المعطوب فقط في حال وجود عطل بالشبكة بدلاً من قطعه عن كامل الخطوط الرئيسية والفرعية».

وتضيف: «كان هناك تعاونٌ ومساعدة مستمرة لأشخاص لهم الفضل في ولادة مثل هذا البحث أمثال المهندس "دلخش عبد الله" والمهندسة "هيفاء دباغ" ولا أنسى دور المهندس "فايز منصور" في تدقيق هذا البحث كذلك المهندس "عماد الحسيني" وقد ترجمتُ البحث للغة الإنكليزية في سبيل المشاركة وتمثيل "سورية" في مؤتمر المياه العالمي الذي سينعقد في "مرسيليا" بتاريخ 22/3/2012م كذلك المشاركة في مؤتمر المياه بـ"سنغافورة" بتاريخ 2/7/2012م».

"أفين محمد زكي"

وتختم حديثها بالقول: «لاقى هذا المشروع الترحيب من جانب السيد المحافظ الذي وافق مبدئياً على تطبيقه على أرض الواقع بعد التدقيق العلمي ودراسة الجدوى الاقتصادية منه؛ حيث وجّه كتاباً لكلية الهندسة قسم الهيدروليك بجامعة "الفرات" وكتاباً آخر لمعهد المراقبين الفنيين بـ"الحسكة" من أجل التدقيق العلمي، ثم التصديق من قبل نقابة المهندسين والتي بدورها أرسلت المشروع إلى وزارة الإدارة المحلية التي رحبت أيضاً بالفكرة وهي الآن تدرس الميزانية المحتملة لتنفيذه وتطبيقه في إحدى قرى محافظة "الحسكة" لتكون تجربة مُعمّمة على كامل المحافظة في حال نجاحها».

تقول المهندسة "هيفاء دباغ" عضو المكتب التنفيذي لقطاع الإسكان والصناعة المعدنية بمحافظة "الحسكة": «إن هذا البحث الذي أنجزته "أفين" يساعد كثيراً في تقليل هدر المياه وستكون نتائجه أكثر إيجابية في حال تطبيقه ضمن القرى والبلديات الصغيرة لسهولة التحكم؛ والسيد المحافظ راسلَ عدة جهات ويتابع الموضوع بنفسه للنظر في إمكانية تنفيذه على أرض الواقع، فهي فكرة جديدة تستحق التقدير».

الهيكل العام للمشروع بشكلٍ مُصغّر

كما يقول المهندس "دلخش عبد الله" مدير إدارة النفايات الصلبة بـ"الحسكة": «على الرغم من أن هذا البحث لا يمت بأي صلة لاختصاصي؛ إلا أن مساعدتي اختصرت في إيصال الفكرة لكلية الهندسة بجامعة "الفرات" بعدما وجدت فيها حلاً لمشكلةٍ باتت منتشرة في كل مكان وهي هدر المياه؛ فهو بحثٌ جديرٌ بالاهتمام».

الأستاذ "عيدو بهنان" مدير معهد المراقبين الفنيين بـ"الحسكة" يقول: «نحن في المعهد نشجع وندعم جميع الطلبة الذين لديهم أفكار بناءة ونحاول قدر المستطاع تسهيل مهامهم سواء بتقديم أبحاثهم للمحافظة أو الوزارة؛ و"أفين" واحدة من الطالبات المتخرجات من معهدنا تعاملنا مع فكرتها بكل جدية وكنا متابعين للموضوع منذ البداية وقدّمنا بحثها للجهات الرسمية لإمكانية تطبيق مشروعها على أرض الواقع».

أما المهندس "فايز منصور" فيقول: «بعد مراجعتي وتدقيقي للبحث الذي أنجزته "أفين" وجدت أنه أول عملٍ على مستوى المحافظة يعالج مشكلةً مهمة، لذلك كان لا بد من أخذ المعطيات من الواقع للتوصل إلى نتائجٍ إيجابية ثم تعميم التجربة على أكبر عددٍ ممكن من المناطق التي تعاني من ظاهرة هدر المياه».

تجدر الإشارة إلى أن "أفين محمد زكي" من مواليد قرية "التلين" التابعة لمنطقة "المالكية" بمحافظة "الحسكة"، تحمل شهادة من معهد المراقبين الفنيين وهي موظفة في مجلس مدينة "القامشلي".