لم تنكسر لهموم الحياة ومتاعبها، ولم تضعف أمام التحديات الكثيرة، بل استطاعت السبعينية "غالية شيخموس علي" أن تكون قدوة ناجحة للنساء في العمل والنجاح، ولم تكتف بإعالة أسرتها، بل تساعد المحتاجين والفقراء.

تفاصيل العمل

اختارت "غالية" لنفسها عملاً ليس بالسهل، لم يسبق لأي امرأة أن عملت به في ريف "القامشلي"، فهي تعمل في تربية النحل، حيث أمضت سنوات من عمرها في هذه المهنة الصعبة، أحبتها وتعلقت بها، وخاصة أنّها أصبحت عوناً لها وللأسرة التي تعيلها، تقول غالية: «لديّ 19 خلية نحل، أقوم بتربيتها منذ 45 سنة، تعلمت كل تفاصيل العمل من خلال زوجي المرحوم، كنت وحتّى اللحظة المرأة الوحيدة من منطقتي من تختص بتربية النحل، بعد وفاة زوجي قبل 23 سنة، تطلب مني الأمر الاستمرار في هذه المهنة لأعيل أسرتي، لم يكن لديّ البديل، تعلمت كل تفاصيل العمل، فأنا أقوم بشكل يومي وأحياناً أكثر من مرة بتنظيف الخلايا وكل المساحة التي تحيط بالنحل، عندما أشعر بالقلق والانزعاج أحضر كرسياً وأجلس بجانبها أراقبها لساعات».

سمعت عن خصالها الحميدة من أشخاص كثر، زرتها في منزلها وعايشت عملها بعض الوقت، هي امرأة محبة، حرصها على خدمة الناس أكبر من تأمين العسل لها ولأسرتها، تقوم بجهد يومي كبير، للحفاظ على تربية النحل، لم تتأثر وتيأس من قلة الإنتاج وارتفاع أسعار الأدوية، مات الكثير من نحلها، وهي صامدة وصابرة

النحل أصناف

باتت المرأة السبعينية تملك ثقافة واسعة في تربية النحل، لديها خبرة في ما إذا كان النحل مريضاً أو متسمماً، حسب كلامها، فالخلية يصيبها المرض فوراً إذا وصلها رش المبيدات الزراعية، تذهب بها إلى الطبيب البيطري على وجه السرعة، وباتت تملك معرفة بأنواع الأدوية التي تحتاجها النحلة عند المرض.

تمضي وقتها بالجلوس جانب خلايا النحل

وتشير "غالية" إلى أن هناك نوعاً من النحل يسمى النوع العصبي، يمكن أن يلدغ الشخص، والنوع الآخر سلمي لا يلدغ أبداً، لكنها حتّى من النوع الأول تحمي نفسها، ولا تتعرض للأذى، مضيفة: «في الشهر السابع أو الثامن من كل عام أقوم بفتح الخلايا، إذا كانت سليمة ومنتجة بالشكل الطبيعي، يمكن أن تعطي كل خلية من 4 إلى 5 كغ من العسل، تكون عوناً لي ولأسرتي، وأحياناً سنة كاملة لا ينتج النحل إلا 10 كغ من العسل، مع ذلك حصة الفقراء والمحتاجين منها محفوظة، هناك من يزورني يطلب العسل للتداوي، لا يمكنني أن آخذ ثمنها، لأنني أشعر بالمرضى، كوني مريضة وأعرف وجع المريض، أمنيتي أن يأتي اليوم الذي أمنح كل العسل الذي أنتجه للمحتاجين مجاناً، ولكن المهنة تحتاج لمتطلبات، لا يمكنني شراء خلايا النحل التي تصنع من الخشب، لذلك أصنع الخلايا من الوحل والطين بالاعتماد على نفسي».

تجاوز عمر "غالية" السبعين عاماً، ولم تترك تربية النحل، بل تعلقت بالنحل لدرجة أنه عندما تغيب عنه بضع ساعات يضيق صدرها، على حد وصفها.

جل اهتمامها اليومي بالنحل

مثال يحتذى

نظافة واهتمام على مدار الساعة

فرضت "غالية" نفسها كأنموذج للمرأة المجتهدة على مستوى المنطقة، فهي تكد وتجتهد ليس من أجلها فقط، وإنما لعديد الأسر التي يحتاجونها سنوياً لأخذ العسل من منزلها، هذا الكلام قدمه الشاب "حسن حسين" من أهالي مدينة "القامشلي"، يعرف تلك السيدة عن قرب فقال عنها: «سمعت عن خصالها الحميدة من أشخاص كثر، زرتها في منزلها وعايشت عملها بعض الوقت، هي امرأة محبة، حرصها على خدمة الناس أكبر من تأمين العسل لها ولأسرتها، تقوم بجهد يومي كبير، للحفاظ على تربية النحل، لم تتأثر وتيأس من قلة الإنتاج وارتفاع أسعار الأدوية، مات الكثير من نحلها، وهي صامدة وصابرة».

"غالية" من مواليد قرية "هيمو" التابعة لريف "القامشلي" 1949.