"السدو" حرفة نسائية وفن من الفنون التراثية، تختص بها المجتمعات البدوية والريفية لتأمين احتياجاتها ومتطلباتها، لكنها اندثرت وباتت من المنسيات، ولم يبق منها إلا الذكريات وأحاديث معاصريها. وهي تتألف من عدّة مراحل وتفاصيل حسب الباحث الشعبي "علي السبّاح"، تمتزج وتتعانق الألوان في صناعتها.

ومن النساء اللواتي امتهن تلك المهنة الحاجة "عمشة سيد خليف" من أهالي بلدة "القحطانيّة"، والتي قالت في حديثها مع مدوّنة وطن "eSyria" عن طريقة إنجازها: «كل المواد الأولية الداخلة في صناعة "السدو" كانت من بيئتنا الريفيّة، وهي صوف الأنعام، بداية نقوم بغزل الصوف وتحويله إلى خيوط، البعض كان يكتفي بلونه الأصلي، وآخرون يأخذونه إلى المدن لصبغه بألوان مختلفة، ولأنّ العمل يتطلب جهداً ومثابرة على مدار أيّام، كان التعاون شعارنا سواء من نساء البيت الواحد، أو من خلال الاستعانة بنساء القرية، وهذه من السمات المهمة في ريفنا، الجميع يتعاونون مع الجميع دون مقابل.

استخدمت المرأة الألوان في هذا الفن، والألوان الغالبة في المنسوجات الأحمر وأطيافه المناسبة لطبيعة الصحراء، واللون النيلي أو الأزرق، الذي يعبر عن طبيعة الصحراء في فصل الشتاء (برودة وعتمة)، وحرصت الصانعات على استخدام المثلثات بأشكال مختلفة، والمربع والمستطيل والمعين، تقسم المربع إلى مستطيل، وكل مستطيل إلى مثلثات، تمزج الخطوط الطولية والعرضية ليشبه الغصن النباتي

أدوات حياكة "السدو" بسيطة، تُثبت بدايته على قطعة عود تُثبّت في الأرض، مع وجود حامل في الوسط يرفع "السدو" عن الأرض للتحكم به، تقوم المرأة بعدها بمده على شكل خيوط حسب عرض القطعة التي تريد أن تنسجها وأغلبهن يعتمدن قياس نصف متر، ويستخدمن المنساج، وهو قطعة من الخشب تستخدم لرفع الخيوط لتتمكن النساء من تمرير اللحمة ودكّ الخيوط وزيادة تماسكها وإحكامها».

أنواع من فن السدو

"السدو" أسدى مدّه، يُقال السدى واللحمة، والسدى هي الخيوط الطولانية، أما اللحمة فهي الخيوط العرضانية، هذا التعريف قدمه الباحث "أحمد الحسين" الذي أوضح بأن المرأة كانت تصنع "الجاجيم" (قطعة منسوجة ملونة بألوان مزخرفة وجميلة)، و"الجاجيم" عادة يتخذ كغطاء عازل في بيوت الشعر لفصل مكان الرجال عن النساء، ومما صنعته المرأة أيضاً "الشف"؛ بساط يستخدم كغطاء أو كحافظة لمتاع البيت، وهناك "العدل" أو "الفردة"؛ وعاء على شكل كيس قمح بأشكال مختلفة وملونة، و"الخُرج" المزخرف أيضاً؛ قطعة من الأثاث لحمل الأغراض، مفتوح من الجانبين على شكل صندوق مطوي على ظهر الخيل تنقل عليه الأغراض، وكل ما سبق هو قطع من فن "السدو".

وتابع "الحسين": «استخدمت المرأة الألوان في هذا الفن، والألوان الغالبة في المنسوجات الأحمر وأطيافه المناسبة لطبيعة الصحراء، واللون النيلي أو الأزرق، الذي يعبر عن طبيعة الصحراء في فصل الشتاء (برودة وعتمة)، وحرصت الصانعات على استخدام المثلثات بأشكال مختلفة، والمربع والمستطيل والمعين، تقسم المربع إلى مستطيل، وكل مستطيل إلى مثلثات، تمزج الخطوط الطولية والعرضية ليشبه الغصن النباتي».

الباحث أحمد الحسين

هذه الحرفة اليدوية التراثيّة يجهل تفاصيلها وقصتها الكثير من أبناء الجزيرة السورية، منهم الشاب "عدنان حسين" الذي قال بأن ما سبق معلومات جديدة حصل عليها من خلال عرض عدد من منتوجات فن "السدو" ضمن معرض فني تراثي في ثقافي "الحسكة" عبر جمعية "صفصاف الخابور"، وبالفعل هذه إشارة أخرى إلى أنّ جداتنا ونساء الماضي كنّا مبدعات ومتفوقات على أنفسهن بالعطاء والسخاء».