أكثر من نصف عمره منحه للعزف على آلة الكمنجة التراثية التي ملكت فؤاده وأخذت كلّ وقته، فرافقته في المناسبات والحفلات والأعياد، وعدّها رفيقة العمر حتى فارق الحياة.

مدوّنةُ وطن "eSyria" بتاريخ 3 أيلول 2020 وقفت عند مسيرة الفنان الراحل "فريش يوسف" أحد أقدم وأبرز العازفين على آلة الكمنجة في مناطق "الجزيرة" السورية، من خلال صديقه وعاشق تلك الآلة "عادل محمد أمين" الذي قال: «كان عاشقاً للفنّ منذ الصغر، وللتراث الكردي خاصة، يلازم الحفلات والمناسبات الفنيّة بشكل دائم، وعندما بلغ عمره 12 عاماً وجد نفسه مضطراً لمساعدة أهله في تأمين المعيشة، فقرر التوجه نحو شخص اسمه "مجيد" في قرية "نعمتلي" القريبة من قريته، ليعزف معه ضمن فرقته الفنيّة على آلة الطبل لأنّه صغير ولا يمكنه العزف إلا عليها، فانطلق معه مباشرة في الحفلات والأعراس، وكان صاحب إرادة كبيرة رغم صغر سنه، تجرّأ سراً وحمل آلات أخرى من الفرقة وعزف عليها كآلتي الكمنجة والبزق لأنّ كادر الفرقة الفنية لم يمنحوه الثقة لحمل تلك الآلات، بعد مرور وقت قصير تفاجؤوا بقدرته على العزف على أغلب آلات الفرقة، فقد تعلّم عليها ذاتياً، استمر معها مدّة خمس سنوات، كسب خلالها خبرة جيدة فقرر التخلي عن الفرقة».

التقيت به أكثر من مرّة، أغلبها بالمناسبات الفنيّة، يعد أكثر من عزف وحافظ على آلة الكمنجة، كان الأكثر مهارة على مستوى منطقتنا، نادراً ما نجد عازف هذه الآلة يغني، لكنه امتاز بهذه الميزة، وعندما فارق الحياة قبل أيام بدا واضحاً مدى تأثّر الأهالي، فقد فرض نفسه عليهم ودخل قلبهم، أحبهم وأحبوه

يضيف: «عندما أصبح عمره 18 عاماً توجه إلى صديق له يعمل بمهنة النجارة في بلدة "تل معروف" يطلب منه صناعة آلة الكمنجة، وقدم له الخشب ومستلزمات صناعتها، وباشر فوراً لإحياء الحفلات والأعراس والمناسبات وأعياد "النوروز"، يعزف على تلك الآلة بمهارة عالية وهو يغني أيضاً، وكان يعزف على آلات (الطمنبور، الجمبش، الطبل، البزق، الدف)، وله عدد من الأغاني من تأليفه.

الكمنجة التي عشقها الراحل فريش

لم يترك آلته المفضلة يوماً واحداً حتى وفاته، وتجوّل بها في مختلف القرى والبلدات والمناطق، يعزف في المضافات والمنازل وفي السهول والوديان حتّى لو كان وحيداً».

وختم بالقول: «كان محبوباً لدى أبناء المنطقة، لبراعته في أسلوبه الفني، اجتهد وتعب وتحمل مصاعب كثيرة في سبيل نقل وصون التراث، ولم يتردد في تعليم الشباب العزف على تلك الآلة، وأغانيه كانت مطلباً للأهالي في الحفلات الفنية، ورغم قلّة الاهتمام بآلة الكمنجة بعد ظهور الآلات الموسيقية الحديثة، إلا أنه لم يتوقف عنها ويهجرها».

الفنان "ماجد زبير" بيّن رأيه في الراحل الفنان "يوسف" قائلاً: «التقيت به أكثر من مرّة، أغلبها بالمناسبات الفنيّة، يعد أكثر من عزف وحافظ على آلة الكمنجة، كان الأكثر مهارة على مستوى منطقتنا، نادراً ما نجد عازف هذه الآلة يغني، لكنه امتاز بهذه الميزة، وعندما فارق الحياة قبل أيام بدا واضحاً مدى تأثّر الأهالي، فقد فرض نفسه عليهم ودخل قلبهم، أحبهم وأحبوه».

يذكر أن الراحل "فريش يوسف" من مواليد 1957 قرية "خربة الديب" التابعة لمنطقة "القامشلي"، توفي فيها شهر تموز عام 2020.