لم تندثر الدبكة التي عمرها بعمر منطقة "الجزيرة السورية"، وكانت تترافق مع المناسبات الشعبية، حيث خصص الأهالي لأيام الحصاد وجني الخيرات، حلقات الرقص والغناء، واستمرت إلى يومنا هذا، مطلقين عليها اسم: "رقصة خاصادي".

مدوّنة وطن "eSyria" بتاريخ 31 تموز 2018، التقت عدداً من مهتمي الفن والرقص في منطقة "القامشلي" للتعرف إلى إحدى أهم الرقصات التاريخية والتراثية، ورقصة "خاصادي" خاصة، حيث تحدّثت مدرّبة الدبكات التراثية "رمثا شمعون"، قائلة: «الرقص من تراث وفلكلور الآشوريين في المنطقة، وهذه الدبكة ولدت أيام المواسم الزراعية وجني المحاصيل؛ فهي ترمز إلى الفرح والسعادة بالخيرات التي تمّ جنيها بعد موسم طويل من الجد والتعب في الأرض، لذلك كان الرقص والغناء في الأرض على أنغام العمل والحصاد. في الماضي البعيد، كان الأهالي يرقصون على صوت "الدف" و"الزرنة"، وهما من الأدوات الموسيقية القديمة جداً، لذلك هناك من يحرص على بقاء تلك الأدوات الموسيقية حتّى الآن. أما بالنسبة لحركات الرقصة، فهي قريبة من بعض الرقصات التراثية الأخرى، كرقصة "الباكية"، وهي عبارة عن ثلاث خطوات إلى الأمام مع ميل القدم إلى الأمام والخلف، بمعدل ست مرات، بعد ذلك، يكون ميل الجسم بشكل دائري نحو اليمين، والاعتدال بعدها، ثمّ يقوم الجميع بالتصفيق ثلاث مرات، وتكون جميع الحركات بأسلوب سلس ومتوازن، وحركات واحدة بلحظة واحدة، لتكون الصورة جميلة للمشاهد. إضافة إلى ذلك، هناك من يبدع في الحركات، بأن يضفي عليها حماسةً واندفاعاً، خاصة فئة الشباب، تحديداً من يكون في مقدمة الراقصين».

شاهدت حلقات جميلة من تلك الرقصة في الأرض الزراعية، شباب وبنات كانوا يؤودنها، فقط لأنها إرث جميل من ماضينا، علماً أن الشباب كانوا يعملون في الأرض ومرهقين، لكن البسمة لم تكن تفارقهم عندما رقصوها، وهم في ذروة الجد والتعب، لكن جني الخيرات كان يشجعهم على ذلك، وفي أيامنا هذه يقدمها شباب اليوم، وأنا أستذكر شباب الأمس البعيد بفرح وسعادة

وتضيف الفنانة "رمثا شمعون" عن رقصة "الحصاد" بالقول: «نحرص كثيراً من خلال الفرق الفنية والشباب الذين ندربهم على الرقصات، للحفاظ عليها، وعلى جميع رقصاتنا التراثية، لذلك حافظت على وجودها، حتّى إن أغلب الحفلات تكون على أنغام "الدف" و"الزرنة" أيضاً، ليكون التراث بكامله حاضراً مع "الخاصادي"، وباتت الرقصة تقدم على خشبة المسرح، وفي الساحات الخضراء، والحفلات والمناسبات مهما كان نوعها، فالشباب اعتادوها، والحضور يستمتع بها وبكل ما تحمله من ماضٍ جميل وممتع. ولا بدّ من التنبيه إلى أن الرقصة تؤدى باللباس الفلكلوري في جميع الأوقات».

دبكة الحصاد في كل المناسبات

الفنان "نصر خلدون" من الفنانين الشعبيين في منطقة "القامشلي"، تحدّث عن الأغاني الخاصة "بالخاصادي" بالقول: «هناك الكثيرون من الفنانين قاموا بتأليف العديد من الأغاني الشعبية الملائمة للرقصة المذكورة، باللغات العربية والسريانية والكردية، وكل أطياف وألوان المنطقة يشاركون بعضهم بعضاً الفرح والسرور، بجميع طقوسهم الفنية وكل دبكاتهم، لذلك كلهم يحرصون على تعليم هذه الرقصة، حتى يشاركونها في الأعراس. أمّا الأهم، فهو تشابك أيادي الكبار والصغار، النساء والشباب، في الرقصة التي تعيش بيننا بكل جمال وحب وفخر بماضينا الحافل بالمتعة والبهجة».

"علياء سيد نصر" من أهالي "ريف القامشلي"، ولها من العمر أكثر من 80 عاماً، تحفظ قصصاً عن الرقصة لماضيها البعيد، وسعيدة لأن الرقصة باقية بهمة أبنائها وشباب منطقتها، وتضيف: «شاهدت حلقات جميلة من تلك الرقصة في الأرض الزراعية، شباب وبنات كانوا يؤودنها، فقط لأنها إرث جميل من ماضينا، علماً أن الشباب كانوا يعملون في الأرض ومرهقين، لكن البسمة لم تكن تفارقهم عندما رقصوها، وهم في ذروة الجد والتعب، لكن جني الخيرات كان يشجعهم على ذلك، وفي أيامنا هذه يقدمها شباب اليوم، وأنا أستذكر شباب الأمس البعيد بفرح وسعادة».

رمثا شمعون