لم تكن سوى تلّة أثرية في خمسينات القرن الماضي، للتحول بعدها إلى كنسية تحمل اسم السيدة "العذراء". تتعدد الروايات والحكايات عن نشأتها وأهميتها الدينية والروحية.
الكنيسة المبنية على اسم السيدة "العذراء" كانت حتى أوائل الخمسينيات من هذا القرن عبارة عن تلّة من التراب حسب الروايات التاريخيّة، وبحسب "خليل سيد علي" وهو أحد المهتمين في البحث والتاريخ في ريف "المالكية" فإن: «الروايات القديمة تتحدث عن وجود أنوار متلألئة كانت تنتقل ليلاً على كامل المساحة، خاصةً في ليالي الآحاد والأعياد، تكررتْ الرؤى والأحلام للأهالي التي تدعو بألّا تنقل الأحجار والتراب، سرد أهل الرؤى والأحلام وبعض المؤمنين ذلك للمطران مار "اسطاثيوس قرياقس"، الذي أشرف بنفسه على ترحيل الأنقاض، حتى بان أساس الكنيسة، حافظ عليها عند تجديد البناء وترك البلاط الحجري القديم يُزين قاعدة الكنيسة محافظاً على قيمتها الأثرية القديمة، لم يُعثر خلال أعمال الحفر وإزالة الأنقاض على رقيم حجري أو كتابة على أحجارها، لذلك لا يمكن تحديد تاريخ إنشائها إنما يُعتقد بأنها أنشئتْ في زمن قريب من الزمن الذي بُنيت فيه كنيسة "العذراء" في "المالكية" لتشابه الأحجار البازلتية السوداء والمداميك الكبيرة في المداخل ومستوى انخفاض القاعدة».
تفدُ إلى الكنيسة حشود كبيرة من الزائرين من سائر أنحاء الجزيرة السورية، وفاءً للنذور ولحضور الاحتفال بالذبيحة الإلهية الذي يقيمه نيافة مطران الأبرشية مار "اسطاثيوس متى روهم" حيث يترأس الاحتفالات الدينية الكبيرة التي تقام بهذه المناسبة، ويطلق على هذه الاحتفالات (الشيهر)، وهي كلمة سريانية تعني سهر الزائرين طيلة الليل وهم يرتلون مدائح العذراء، ويطلبون شفاعتها
كنيسة "برابيتا أو برابيسا" تعد مَعْلَماً يحظى باهتمام جميع أبناء المنطقة، لمكانتها الدينية وكثرة زوارها، تقع إلى الجنوب الغربي من قرية "عين ديوار" على مسافة حوالي 8 كيلومترات من مركز منطقة "المالكية" وتحيط بها مجموعة قرى.
يوضح "خليل" بعض التفاصيل العمرانية المتعلقة بالكنيسة فيقول: «هذه التفاصيل وغيرها موثقة في كتب تاريخية، خاصة تفاصيل البناء، حيث يبلغ طوله 11 م وعرضه 10 م، وتبلغ أبعاد هيكله القديم 3 × 10 م، يتضمن مذبحاً صغيراً، أقيم البناء بكامله فوق أنقاض الأساس القديم، عُثر بين الأنقاض على جرن للمعمودية تصدّعت بعض جوانبه، فرُمِّم ووضع قيد الاستعمال، كما عُثر على قارئ حجري منحوت يدعى بالسريانية "كودو" الكاف تُلفظ كالجيم المصرية، للتمييز لهما من بعضهما أطلق على كنيسة "بره بيتا" (الدير الخارجي) لتبقى كنيسة "المالكية" (الدير الخارجي)، انتهى تجديد بناء الكنيسة في عام 1958 ورُسِم لها أول كاهن وهو المرحوم القس "برصوم القس يوسف"، وبعد وفاته رُسِمَ لها، القس "برصوم القس يوسف المدّوي"».
الشاب "طوني لحدو" يتخذ من الكنيسة وجهة له في كثير من المناسبات، أبرزها العيد السنوي لهذه "الكنيسة"، وهو عيد "العذراء" لبركة السنبل، ويصادف 15 من شهر أيار، وعنها يقول "طوني": «تفدُ إلى الكنيسة حشود كبيرة من الزائرين من سائر أنحاء الجزيرة السورية، وفاءً للنذور ولحضور الاحتفال بالذبيحة الإلهية الذي يقيمه نيافة مطران الأبرشية مار "اسطاثيوس متى روهم" حيث يترأس الاحتفالات الدينية الكبيرة التي تقام بهذه المناسبة، ويطلق على هذه الاحتفالات (الشيهر)، وهي كلمة سريانية تعني سهر الزائرين طيلة الليل وهم يرتلون مدائح العذراء، ويطلبون شفاعتها».
ظهرت من الكنيسة عديد الكرامات منها الأعجوبة التي نشرتها المجلة البطريركية في "دمشق" بعددها الثالث عام 1962، تحت عنوان: " (أعجوبة إلهية في كنيسة العذراء لقرية "بره بيتا المالكية")، تضيف المجلة عن الأعجوبة: حضرت إلى كنيسة "العذراء" العجائبية في قرية "بره بيتا" امرأة مريضة منذ أربع سنوات عجز الأطباء عن شفائها تدعى "خانمة" زوجة "حنا ملكي شوني" من أهالي المنطقة، البالغة من العمر الأربعين عاماً، افترشت الأرض متضرعة إلى الله بصوت فيه نبرة الموت، كانت شاحبة الوجه مغرورقة العين هزيلة الجسم، صباح اليوم التالي (الأحد)، خلال إقامة القداس الإلهي تعلقتْ أنفاسها وتوقفت دقات قلبها ونبضها وفارقت الحياة وخاب كل رجاء، أخبر زوجها بالمصيبة ومضى على موتها زهاء أربع ساعات، باشر الكاهن بإقامة مراسم الدفن فإذا بها وعلى حين غرة تجحظ بعينيها فاغرة فاها كمشدوه ناهض من سُبات عميق على ضجة صاخبة مفزعة، فأخذ العجب من قلوب الحاضرين كل مأخذ وتعالت أصوات المحتشدين بتسبيح الله وتمجيد اسمه القدوس، الحياة عادت إليها بعد فراقها، وقد برأت من أسقامها، وقف نيافة الحبر الجليل مار "اسطاثيوس قرياقس" مطران الجزيرة والفرات على حقيقة هذه الحادثة بعد اطلاعه على القرار الذي رفعه إلى نيافته كاهن الكنيسة المذكور أعلاه صادقاً على صحة حدوثه، كل هذا قدّمه الباحث في التاريخ "جوزيف أنطي" وعدّها من مصادر موثوقة.
أجريت اللقاءات بتاريخ 3 شباط 2021.