بات عمرها مئات السنين، ولاتزال تحافظ على وجودها بين الأهالي، ولا يكاد يخلو منزل في منطقة الجزيرة من وجود "فروة" وخاصة في فصل الشتاء.
موقع eHasakeh زار بعض أهالي مدينة "القامشلي" وريفها للحديث عن "الفروة" وأهميتها وكانت البداية مع السيّد "صالح الحاج محمود" حيث تحدّث قائلاً: «عمري الآن ما يقارب الستين عاماً، ومنذ ولادتنا وجدناها عند الآباء والأجداد، كانت تلازم جميع الرجال قبل عشرات السنين، ولذلك اعتبرناها تراثاً ونحن نتقيد به، على الرغم من فائدتها الكبيرة في فصل الشتاء، فهي تعطي دفئاً جيداً للجسم، وتغطي كامل الجسم، وهناك من يُفضّل أن يُغطّى بها عند المساء وأثناء النوم فهناك متعة للنوم معها».
أصبح لي ما يقارب عاماً في المحل أعمل في صنعة الآباء والأجداد، حباً ورغبة في تعلّمها وإتقانها، والحفاظ على الموروث الراقي، ومع ذلك أنا مستمر في دراستي
أمّا أحد كبار السن في ريف "القامشلي" السيّد "محمد الخليل" فقد قال: «وصل عمري إلى التسعين عاماً، ولدي "فروة" عمرها تقريباً عشرات السنين، وقبل ذلك شاهدتها مع والدي وجدي، وكانوا يحملونها على أجسادهم مدة 24 ساعة متواصلة، في فصل الشتاء، ونحن نتابع مسيرتهم، وكل ما قدمه القدماء نجد فيه المتعة والفائدة، على الرغم من تواجد كل أدوات الراحة والتدفئة في وقتنا الحالي، ولكننا ومع ذلك نرتديها، وأكثر تواجداً لها في الريف بنسبة كبيرة جداً، ومن لا يرتديها يحافظ عليها في الدار، وهي لا تحتاج لتعقيدات كبيرة، وضمن فترة وأخرى نغيّر قماشها فقط، ونحافظ على صوفها».
وكان للشاب "أحمد العلي" حديث عن "الفروة" عندما قال: «نعيش في القرية، ونخرج لرعي الأغنام أحياناً ويتطلب الخروج في أوقات مبكرة والعودة متأخراً، ولذلك تكون ساعات البرودة، وأهم أداة من أدواتنا "الفروة" التي تقينا من البرد مهما كان قارساً، علماً أن كبار السن يلازمونها دائماً في سفرهم ومشاويرهم وأفراحهم وأتراحهم، ونحن فئة الشباب نرغبها مهما كان النوع، ولكننا نفضل اللون الأسود، أمّا كبار السن فلا يهم اللون أيضاً، فقد يكون اسود أو أحمر وربما كحلياً، حسب القماش».
وكان للموقع زيارة لأحد أقدم صانعي "الفراء" بمدينة "القامشلي" السيّد "ريزان إسماعيل" وذلك بتاريخ 26/12/2011 وقد بدأ حديثه قائلاً: «الأسرة مؤلفة من سبعة إخوة وأبناء وكلنا نعمل في هذه الصنعة، تصنيع "الفروات"، وأخذنا المهنة من والدنا الذي بدأ بها منذ عام 1949، هذه المهنة محببة للنفس بدرجة كبيرة لأنها تؤمن حاجة الإنسان، وهو فلكلور وتراث جزراوي، في القديم ومنذ عشرات السنين كانت الفروة صنعاً محلياً بحتاً، فكان يؤخذ الصوف من الدابة بعد تنظيفها وقصها وتنشيفها عن اللحم والجلد، ويبقى فترة ثم يكون جاهزاً للارتداء، وكان الراعي بالتحديد يلبس هذا النوع، فيعطي حرارة كبيرة، أمّا شيخ العشيرة فكان يضيف للصوف قطعة قماش ويخيطها جيداً ومن ثم يرتديها، ومواكبة للتطورات التي تحصل في كافة المجالات فقد بدأت في السنوات الماضية صنع "الفروة" الصناعية أو "الحورانية" وهي نوع من أنواع الأقمشة الجيدة، وحافظ الصوف على وجوده».
وتابع السيّد "ريزان إسماعيل" حديثه عندما قال: «"فروة" الراعي يفضل أن تكون صوفاً لأنها ثقيلة وتعطي الدفء المطلوب، أما الطبيعية فتكون خفيفة، ولا تستغرق إلا ثلاث ساعات وتكون جاهزة، أمّا الصوف فتحتاج للمراحل التي ذكرناها سابقاً، وهو ما يعني أنها تستغرق عدّة أيام للتنشيف، وعلى الرغم من مرور سنوات عديدة على وجود هذه القطعة بين الأهالي، إلا أنهم حافظوا على وجودها وتوارثتها الأجيال جيلاً بعد جيل حتّى تاريخه، علماً أن البعض يرتديها من اجل التراث فقط».
الشاب "أحمد إسماعيل" يعمل مع والده في المحل وعن ذلك تحدّث قائلاً: «أصبح لي ما يقارب عاماً في المحل أعمل في صنعة الآباء والأجداد، حباً ورغبة في تعلّمها وإتقانها، والحفاظ على الموروث الراقي، ومع ذلك أنا مستمر في دراستي».