القيم والمعاني السامية التي سطّرها خلال سنوات عمره باقية وخالدة في الأذهان، كتب عنه الشعراء في قصائدهم، ويحفظ له أبناء المنطقة عظيم أفعاله، خاصة عام 1917 "عام الجوع".

مدوّنة وطن "eSyria" بتاريخ 28 نيسان 2018، زارت قرية "صافيا" التي عاش فيها سنوات طويلة المرحوم "محمد سعيد الحسو" أحد وجهاء المنطقة، له الكثير من رسائل الخير والمحبة، تحدّث عنها حفيده "حسين الحسو"، ومما قاله: «بالنسبة لجدي "محمد" عاش جلّ سنوات عمره لخدمة أهالي منطقته، ساعد الكثيرين من أبناء المنطقة، الأكراد والسريان قبل العرب، نعيش حتى اليوم معهم أسرة واحدة، تجمعنا بهم الأفراح والزيارات اليومية، على الرغم من عشرات السنين التي تفصلنا عن علاقة جدنا بتلك الأسر، لكن أبناءهم اليوم يحافظون معنا على رابط الأخوة والصداقة والوفاء الذي تسبب به المرحوم "محمد الحسو". وُلد على حب الخير والسلام، لأنه ينتمي إلى أسرة تربت على ذلك، وفي عام 1902، تقلّد زعامة عشيرة "الراشد"، لم يكن يرضى أن يكون بينهم محتاج أو فقير، كان يزرع أراضيهم بمختلف المحاصيل الزراعية بجهده وأمواله، يمنحهم مؤن الصيف والشتاء، إضافة إلى ذلك، كان يبحث عن جميع الفقراء في المنطقة ليساعدهم ويقدم لهم ما يحتاجون إليه، خاصة أن سنوات كثيرة عاش فيها ضمن بيوت الشعر، حياة البدو الرحل، يتنقل من نقطة إلى أخرى، كان همّه دعم الفقير والمحتاج، إلى جانب ذلك، ساهم بحل العديد من النزاعات العشائرية والأسرية، لم يكن يسمح بوجود أي خلاف بين أفراد عشيرته، إضافة إلى مساهمته في حلّ مشكلات عديدة لأسر وعشائر أخرى، كانوا يطرقون بابه من أجل ذلك، وفي سبيل ذلك، اجتهد وتعذب وقطع المسافات، خسر الأموال لبتر الخلاف وإحلال الصلح، لكن سعادته كانت في إنجاز لغة المحبة والسلام، التي سطرها مراراً بين الأهالي، وعلى مساحات واسعة».

الموقف التاريخي له في زمن "السواع" لم يفارق اللسان وأحاديث الناس، إلى جانب مواقف السلم والسلام بين أبناء المجتمع المنوع، حتّى إن عشيرته حتى اليوم ينهجون نهجه، من مبدأ الوفاء لما بناه وأسسه، إلى جانب دعمه وتشجيعه للزراعة وحياة الفلاح بوجه عام، بالمجمل كان كبيراً في المجتمع، وتسلّح طوال حياته بسمة التواضع

يتابع "حسين الحسو" الحديث عن جوانب أخرى من مسيرة جدّه: «أثناء ظلم العثمانيين للأكراد والأرمن في "تركيا" وملاحقتهم، غامر بروحه، وجلب العشرات من تلك الطوائف إلى منزله، وقام بحمايتهم من الاضطهاد، أغلبهم كانوا صغاراً، والآن هم كبار ويتواصلون معنا يومياً، لأنهم يذكرون تلك الأيام الجميلة بينهم وبين جدّنا، ومن تلك الأسر آل "عبي" من الأكراد. أمّا الذكرى الباقية في أذهان الشعراء وعامة الناس، فهو عام 1917، الذي سمّي "عام الجوع"؛ فنتيجة الجفاف الكبير، أصاب الناس الفقر والجوع، فاستقبل جدي أكثر من 200 شخص من مناطق ومحافظات مختلفة في منزله، على مدار أربعة أشهر؛ قام بإطعامهم وتأمين كل ما يلزم لحياتهم اليومية، ولم يتركهم حتى جاء موسم الحصاد، وحلّ الخير مجدداً، ذلك الموقف النبيل عدّه الأهالي بطولياً، فتصدى بعض الشعراء لتدوينه بالشعر، من تلك الأبيات التي تحكي عن موقفه: "الصاع ما ينصاع اسم الكحيلة طلع.. واسم الشمالي ضاع.. محمد سعيد الحسو مرباع للسواع".

شعراء في جلسة تراثية يتحدثون عن مناقب المرحوم محمد

سمّي ذلك العام عام "السواع" (الجوع)، ولا بدّ من الإشارة إلى أنه كافح وناضل ضد المستعمر بسبل مختلفة، ونشير هنا إلى أنه كان داعماً للحركة التجارية، فقد كان يقوم بالتجارة بين "تركيا، والعراق"، واستثمر تجارته في خدمة الخير والمساعدة».

"صالح الحاج المحمود" من وجهاء عشيرة "العباسيين" الكردية، قال عن المرحوم "محمد الحسو": «الموقف التاريخي له في زمن "السواع" لم يفارق اللسان وأحاديث الناس، إلى جانب مواقف السلم والسلام بين أبناء المجتمع المنوع، حتّى إن عشيرته حتى اليوم ينهجون نهجه، من مبدأ الوفاء لما بناه وأسسه، إلى جانب دعمه وتشجيعه للزراعة وحياة الفلاح بوجه عام، بالمجمل كان كبيراً في المجتمع، وتسلّح طوال حياته بسمة التواضع».

يذكر أن المرحوم "محمد الحسو" ولد عام 1870، وتوفي عام 1933.