قدّم صورة قريته ومنطقته المميزة عبر وسائل عدّة، منها الحفظ والتدوين، إلى جانب تقديمها كمثل حي عن آثارها وناسها من خلال عمله في مجال التربية في بلاد كثيرة، فخلق صداقات عديدة جعلت منه مصدر ثقة لحل العديد من المشكلات الاجتماعية أينما حلّ.

مدوّنة وطن "eSyria" وبتاريخ 16 تشرين الثاني 2017، تواصلت مع الباحث "عمر إسماعيل" في مكان إقامته الحالية بـ"ألمانيا" لتسليط الضوء على مسيرته الخاصة بالتوثيق للمنطقة الأثرية التي ولد فيها، فقال: «نشأت وترعرعت في قريتي الصغيرة "عين ديوار"، تعلمت في مدرستها الريفية البسيطة، وانطلقت عبرها إلى الدراسة الجامعية، بعد أن برزت في جميع المراحل كطالب مجد ومعد لأنشطة وبرامج مختلفة. عملت في حقل التربية والتعليم منذ تخرجي في جامعة "دمشق" كلية الآداب، قسم الجغرافية.

أثناء وجودي في "ألمانيا" عملت مع مجموعة من المحبين والمتطوعين للعمل على حل القضايا والمشكلات بين الأسر السورية من أبناء منطقتي، أحياناً كثيرة نعلم الشرطة الألمانية بحل للخلاف الحاصل بين أسرة سورية، من دون تدخلها، إضافة إلى دعم المواهب الغنائية، وتكوين فرقة غنائية كردية من الشباب

ساعدني تخصصي على موضوع التوثيق، وعملت في "سورية واليمن والإمارات"؛ وهذا زادني معرفة لاحتكاكي بكفاءات تعليمية من مختلف البلاد العربية والأجنبية، وحققت حلمي الطفولي في تلك الدول، لنقل الصورة الجميلة عن قريتي لكونها تراثية وسياحية، معتمداً على أبناء القرية من المسنين والمثقفين؛ ففي المرحلة المبكرة من عمري، كنت أجلس مع المسنين والكبار وأدوّن عن المنطقة، وكل ذلك سردته ونقلته إلى الدول التي زرتها، إضافة إلى ذلك كانت لي أدوار أخرى في "اليمن" و"الإمارات"، كالإشراف على حل مشكلات الطلاب؛ لما وجدوه عندي من خبرة وثقافة، ولجأت إلى التوثيق الحضاري بأسلوب مهني؛ لأنه إرث وحضارة لا يجوز أن يطويه النسيان.

جانب من الطبيعة الجميلة لـ "عين ديوار"

اعتمدت على جيل المسنين من القرية والمثقفين، أمثال: الشاعر الراحل "أحمد الشيخ صالح"، و"محمدي سمايلو"، و"محمد صالح محمد سليم"، و"بهزاد أحمد برهو"، ورئيس البلدية "حسين أحمد حاجي"».

ويتابع عن رحلته: «بحثت في المكتبات كثيراً، وبعض المواقع الإلكترونية الخاصة بالتاريخ، وثّقت كل ما يتعلق بالقرية بدءاً من اسمها، ومروراً بـ (الأرومات) العائلية للقرية، ثمّ العادات والتقاليد السائدة في الأفراح والأحزان والمناسبات، كما وثقت بعض الأمور الأخرى، مثل: كيفية قضاء ليالي الشتاء الطويلة، وأسماء الألعاب التي كانت تمارس في الماضي، وتناولت من القرية رجالاً ونساء كان لهم أو لهنّ الباع الطويل في الخدمات أو الأعمال الخيرية أو الطبية العلاجية، إضافة إلى المثقفين والكتّاب والشعراء، وآثار القرية وأوابدها الكثيرة، والتراث الفلكلوري من غناء ورقص وأمثال وزجل، وأغاني الحصاد الخاصة بالبيادر، وبعض الأغاني الخاصة بالأعمال الريفية، إضافة إلى ذلك كانت لي مبادرات طيبة مع الأهل والمنطقة المحيطة تمثلت بالمساهمة في حل المشكلات والخلافات والمصالحات، وقد كلفت شخصياً في العمل على حل خلاف قديم في إحدى القرى، حيث كانت المشكلة قد وصلت إلى مراحل تنذر بالخطر، فكوّنتُ فريق عمل، وعملنا عدة أشهر حتى تم حل الخلاف وصفت القلوب.

حتّى في مراحل التدريس، كنت طرفاً في حل الخلافات والمنازعات بين الطلبة والتواصل مع أولياء الأمور، وفي "الإمارات" كلفت عدة سنوات بالقيام بعملية التبني؛ وهي اختيار مجموعة من الطلبة المقصرين دراسياً والتباحث معهم لمعرفة أسباب التقصير».

ثم يختتم: «أثناء وجودي في "ألمانيا" عملت مع مجموعة من المحبين والمتطوعين للعمل على حل القضايا والمشكلات بين الأسر السورية من أبناء منطقتي، أحياناً كثيرة نعلم الشرطة الألمانية بحل للخلاف الحاصل بين أسرة سورية، من دون تدخلها، إضافة إلى دعم المواهب الغنائية، وتكوين فرقة غنائية كردية من الشباب».

"محمد سليم صالح" من أهالي منطقة "المالكية"، يتحدث عن ابن منطقته قائلاً: «ما قدمه للمنطقة الأثرية يستحق التقدير والثناء، بجهد ذاتي كبير، ونقل الصورة الجميلة إلى دول ومناطق شتى، حتّى اليوم يوثق بأساليب مختلفة ما وصل إليه من معلومات تاريخية؛ فقد خصص صفحات وسائل التواصل من أجل أعماله التوثيقية، وهي بادرة قيّمة جداً، ليعرّف الشباب إلى تاريخ منطقتهم وحضارتهم. أمّا أعماله الاجتماعية في "ألمانيا"، فهي أيضاً حديث الناس».

يذكر أن "عمر إسماعيل" من مواليد قرية "عين ديوار" في منطقة "المالكية"، عام 1956.