عيد "الفصح" مناسبة دينية امتزجت عبر العصور بعادات وطقوس اختلفت بحسب تاريخ كل بلد وعاداته، ولكن تبقى السمة الميزة لهذا العيد هي البيض الملون ، وتحرص سيدات "المالكية" على تلوين البيض وتزيينه.

ولإلقاء الضوء على طرق تلوين البيض ومغزى هذا الأمر كانت لنا هذه الجولة، وبدايتنا كانت مع السيد"سوزان عيسى "التي قالت: «التحضير للعيد يبدأ في الأسبوع الأخيرقبل العيد بتنظيف البيت بشكل كامل، ومن ثم تزيين البيت برموز العيد المختلفة، وخاصة "الصيصان" و"البيض" و"الأرانب" و"الأزهار" حيث تفرش المفارش الخاصة بالعيد على الأثاث والطاولات، وخاصة المفارش الصفراء التي طرزت برموز العيد، كما تشتري العائلات الحلويات الخاصة بالعيد، وقد تتعاون الأمهات على تحضيرها معا ضمن العائلة الواحدة وخاصة " الكليجة"».

هناك عادة محببة هي لعبة المفاقسة، أي ضرب البيضة بالبيضة من الأطراف المماثلة لنرى أي منها تنكسر أولاً، حيث تعتبر هذه اللعبة بمثابة التحدي الذي يحرص الجميع على ممارستها، وتجلب السرور والفرح وتتعالى أصوات التشجيع أثناء ممارستها

وتضيف "عيسى": «للبيض أهمية خاصة في هذا العيدإذلايمكن تصور عيد "الفصح"بدون البيض المزين، والذي يقدم لكل الزوار، وتتم عملية السلق يوم السبت السابق ليوم العيدويسمى "سبت النور"، حيث يتم تحضير البيض عن طريق السلق بالماء والملح لكي تصبح قشرته قاسية ومتينة، ولتمييزالبيض الصالح عن الفاسد قبل سلقه يتم وضع البيضة النيئة في الماء، وإذا ماسقطت إلى أسفل القدر تكون طازجة،أماإذا بقيت في الأعلى فهذا يعني أنهاصالحة للسلق، وينصح بأكل البيضة المسلوقة خلال يومين بعد سلقها، ولكن "بيض الفصح" قد يستمر لفترة أطول بكثير، ويقال أن له سر خاص كماأن "المح "في "بيض الفصح" يتميز بتواجد طبقة زرقاء حول "المح"، وطعمه ألذ بكثير من البيض العادي».

سلق البيض مع قشر البصل

ولمعرفة كيفية تلوين البيض سألناالسيدة "ليلى يوسف" التي قالت: «يتم تلوين البيض بطرق متعددة تتنوع مابين التلوين بالألوان "الاصطناعية" أو"الغذائية"، أوعن طريق إلباس البيض غلاف ملون "بلاستيكي"، أماالطريقة الأكثراستخداماً فهي استعمال قشور"البصل" وغليها مع البيض للحصول على بيض "بصلي" اللون، وقد تلجا بعضهن إلى وضع ورقة "بقدونس" ولفها بقماش شفاف وتسلقه مع ورق "البصل"، فيكون لون البيضة "أحمر بصلياً " ومرسوماً عليها ورقة "بقدونس" ».

وتتعدد الروايات والتفسيرات عن مغزى تلوين البيض في هذا العيد، والتي يوجزها السيد"جهاد توما" بقوله: « يُقال إن البيض يرمز إلى "الثالوث الأقدس",حيث تقول القصة أن "مريم المجدلية" حينما سافرت إلى "روما" لتشتكي "بيلاطس البنطي "أمام "القيصر"، لأنه حكم حكماً ظالماً على "يسوع" البريء، أخذت معها بيضة لتوضح "للقيصر" أن "يسوع المسيح"هو اله ذو ثلاثة "اقانيم " الأب والابن و الروح القدس، والقائم من بين الأموات فاستعانت بالبيضة، حيث قشرت البيضة "القشرة" ثم فصلت "البياض" عن "الصفار"، وسألت "القيصر " لوجمعنا الثلاث مكونات معاً لحصلنا على ما يشبه "الروح القدس"، وتقول روايات أخرى أن البيض هو أحد الرموزالأساسية، كونه يبشر بالحياة الجديدة التي تمثل قيامة "السيد المسيح" من القبر، فالبيضة تمثل القبر،وكسرها يمثل القيامة، بالإضافة إلى إن المسيحيين "يرفعون" منذ "أحد المرفع" كل المشتقات الحيوانية من المنزل إلا السمك، لأن "السيد المسيح" باركه، لذلك عندما ينتهي زمن الصوم يتناولون يوم العيد البيض أولاً ومن ثم اللحم،كما يتم تقديمه للزوار والجيران وخاصة للأطفال».

تلوين البيض

ويضيف "توما":«هناك عادة محببة هي لعبة المفاقسة، أي ضرب البيضة بالبيضة من الأطراف المماثلة لنرى أي منها تنكسر أولاً، حيث تعتبر هذه اللعبة بمثابة التحدي الذي يحرص الجميع على ممارستها، وتجلب السرور والفرح وتتعالى أصوات التشجيع أثناء ممارستها ».

الشماس " أسامة الشابور" يوضح لنامزيداً من المعلومات الخاصة بهذا العيد: «لايخلو بيت من سلة البيض من كل الأحجام والألوان والأشكال، فمنه المسلوق والملون، ومنه المصنوع من "الكرتون"، وعيد "الفصح" كغيره من الأعياد المسيحية، تترافق معه احتفالات وتقاليد باتت جزءا لا يتجزأ من طقوسه، والتي أساسها الصلاة في"الكنيسة"، بالرغم من أن"الفصح" تم اعتباره كعيد رسمي لدى "الكنيسة "في القرن الثاني الميلادي ولكن تقاليده قديمه قدم نشأته، على الرغم من تبدّلها أو تطورها ما بين الأمس وبين اليوم، ويُفترض أن يصوم المسيحيون أربعين يوماً قبل "عيد الفصح" من"أثنين الرماد" وحتى يوم العيد، وبعض المسيحيين لا يلتزمون بالصوم لأنه ليس إجباريا بل اختياري، و"الكنيسة" لا تلزم أبناءها به بل تتمنى عليهم العمل به، وعلى كل مؤمن إن يأخذ المسألة شخصية، لأن يسوع ضحى من أجل كل فرد منا"، ومن لا يلتزم الصوم يصوم في الأسبوع الأخير».

البيض بعد الانتهاء من تلوينه

ويوضح"الشابور": «تاريخياً أصل كلمة "فصح" هي "فيساخ" وهي كلمة "عبرية"، والفصح هو عيد مشترك في التسمية فقط بين "المسيحيين" و"اليهود "، إنما يختلف معناه وجوهره في كل من الديانتين، ففي الوقت الذي يعتقد "اليهود" إن "الفصح" هو ذكرى انتقالهم من العبودية إلى الحرية بعد خروجهم من "مصر الفرعونية"، فأنه بالنسبة إلى "المسيحيين"الانتقال من الموت إلى الحياة، ومن العبودية والخطيئة إلى الحرية والتحرر، ويسمى "عيد الفصح" أيضا "العيد الكبير"و"عيد القيامة" لأنه عيد قيامة "السيد المسيح" من الموت، وأكثر من ذلك فقد أقامنا معه وغفر لنا خطايانا، وقد كانت العادة إن يُحتفل بعيد "الفصح" في أيام مختلفة من الأسبوع، إلى إن التأم مجمع "نيقيا" برعاية "الإمبراطور قسطنطين" في العام 325 م، وقرر أن يكون يوم "الفصح"على انه يوم الأحد بعد "الانقلاب الربيعي" الواقع في 21 آذارأو بعده، لهذا السبب تتراوح فترة الاحتفال بالفصح بين 22 آذار و25 نيسان».