ولد في تلك المدينة الصغيرة المفعمة بالجمال من نبض عائلة مثقفة متيقناً أن الاجتهاد سيوصله إلى هدفه ليسير على درب اللانهاية واضعاً لحياته أجمل عنوان، ومسايراً ركب التقدم العلمي ليرتقي بذلك أعلى الشهادات.

"داود عزت بك" ابن مدينة "رأس العين" أحب العلم وتخطى كل الصعاب ليكون مفتخراً بأنه أول من مُنح شهادة الدكتوراه في الهندسة "الجيولوجية" اختصاص "مكانيك التربة" من مدينة "اسطنبول" "التركّية".

إنسان خلوق وطموح يتمتع بصفات النبل والكرم وصدق في العمل لدرجة التفاني، ونفتخر بأنه ابن هذه المدينة المعطاء ومكسب وثروة لها وللمحافظة كلها، أتمنى له الخير والمزيد من التقدم والوصول لأعلى المستويات

موقع eHasakeh التقى الدكتور المهندس "داود عزت" الذي حدثنا عن مسيرته قائلاً: «أنا من مواليد "رأس العين" 1961 درست فيها الابتدائية والإعدادية أما الثانوية فنلتها من ثانوية "السعادة" في "دمشق" عام 1981 بعدها سافرت إلى "تركيا" وأكملت دراستي الجامعية فرع الهندسة "الجيولوجية" وبعد تخرجي وبحكم معدلي الجيد قررت أن أكمل "الماجستير" وكنت من بين الطلاب القلائل الذين نجحوا في الماجستير وكان ذلك عام 1990 وبقيت بطلب من إدارة الجامعة لأّدرس في إحدى الجامعات في "اسطنبول".

الدكتور المهندس داود عزت بك

وبقيت حتى عام 1992 لأعود وبسبب حنيني وشوقي إلى مدينتي "رأس العين" وقمت بفتح مكتب لدراسة "التربة" فيها حتى عام 1998 عندما قررت أن أكمل الدكتوراه وبالفعل اتصلت بجامعتي في "تركيا" وتم قبولي حتى حصلت على الشهادة في عام 2003 رغم أني في هذه الفترة كنت أتابع عمل مكتبي في "رأس العين" لنهاية عام 2005 عندما انتقلت إلى محافظة "الرقة" وقمت بفتح مكتب هناك وشراء أجهزة مخبريه حديثة لأعمل فيه حتى الآن».

وعن أهم الأبحاث والإنجازات التي قام بها في حياته أضاف قائلاً: «قمت بالعديد من الأبحاث والدراسات فمنها المذكرة التي أعددتها عام 1998 عن السقاية عن طريق الآبار بعد صدور مرسوم السقاية بالتنقيط حيث اكتشفت أن مياه آبار "رأس العين" صالحة للسقاية ووصلت مذكرتي إلى السيد الرئيس "بشار الأسد" وعند قدومه عام 1998 إلى مدينة "رأس العين" وإطلاعه على الأراضي الزراعية قبل بمنح فرصة للمزارعين في إعادة السقاية العادية.

الصدفيات التي عثر عليها يعود تاريخها 65 مليون سنة

ومن أعمالي قيامي بالإشراف على حفر 27 بئراً ارتوازياً في مدينتَي "رأس العين" و"الدرباسية"، كما كلفت عام 2002 بدراسة حول استكشاف وجود ما إن كان هناك مخاطر على سد "الخابور" في "الحسكة"، وقمت بدراسة الحفر والتكهفات في المياه الجوفية التي حصلت نتيجة الانخسافات عام 2006 في "رأس العين".

أما أهم انجازاتي في "الرقة" تكلل نجاحي عندما كنت أقوم بتحليل التربة وصلاحيتها للبناء لصالح إحدى الجمعيات في جنوب "الرقة" بـ10 كيلومتر وبعد حفر الصخور والتنقيب اكتشفت نوع من المستحدثات القديمة وبعد تحليلها تبين أنها نوع من "الصدفيات" واسمها "cucullea" التي تعود إلى الحقبة الزمنية "سينيزويك" حيث تم تقدير عمرها حوالي 65 مليون عام وذلك ضمن الصخور الكلسية "الحوارية"، وكانت هذه من أهم إنجازاتي».

الدكتور داود عزت سليم بك

وعن أهم الناس المقربين الذين أثروا في حياة "داود عزت بك" قال: «أنا لا أنسى فضل والدتي عليّ وهي التي وقفت معي بكل خطوة بعد وفاة والدي وشجعتني على الدراسة رغم أنها كانت "أمية" وأعتبر دائماً أن رضاها السبب الرئيسي في نجاحي، وهناك شخص آخر اعتنى بي وهو الأب الروحي لي "شمس الدين كامل" الذي منحني حنان الأب ولم يحرمني من شيء بتاتاً، كما يعود الفضل الأكبر إلى زوجتي التي سارت معي خطوة بخطوة وتحملت العناء الكثير بحكم عملي خارج المنطقة».

وللدكتور "داود" أهداف وأحلام مستقبلية حدثنا عنها قائلاً: «أتمنى أن أستلم مكاناً جيداً ضمن اختصاصي لأعمل على إغناء المكتبة الأثرية السورية والحفاظ على تراثها واكتشاف المزيد من المكتشفات لأن بلادنا ملأى بالثروات ولكننا نتجاهلها ونقوم بالبناء فوقها وهذا خطر يجب تداركه، لذا أنا أضع جهدي وأجهزتي في خدمة أبحاثي وعملي لأصنع شيئاً لهذا البلد المعطاء وأعيد الحياة لمدينتي "رأس العين" التي فيها كل ذكرياتي وأهلي وأصدقائي».

"أيمن تمرخان" رئيس وحدة المياه في "رأس العين" قال عن الدكتور "داود": «إنسان خلوق وطموح يتمتع بصفات النبل والكرم وصدق في العمل لدرجة التفاني، ونفتخر بأنه ابن هذه المدينة المعطاء ومكسب وثروة لها وللمحافظة كلها، أتمنى له الخير والمزيد من التقدم والوصول لأعلى المستويات».

المحامي "عامر عبو" قال عن الدكتور "داود": «هو أخ وصديق درب بالنسبة لي ودائماً كان يبهرنا بأعماله فهو إنسان ناجح وطموح في حياته العملية وجدي ومتفان في عمله لأبعد الحدود، لديه ثقافة عالية ومحبوب من قبل كل الناس أتوقع له مستقبلاً مشرقاً ومثابرة وإفادة لخدمة هذا البلد».

وللتذكير فإن الدكتور "داود عزت بك" مختص في "ميكانيك التربة" وهي من العلوم الحقيقية التي تدرس وتحلل التربة بحيث تعطي قيماً ونتائج تأسيسية للأبنية بحيث لا تواجه مخاطر مستقبلية، إضافة إلى أن دراسة التربة ميكانيكياً توفر على المواطن أثناء البناء من 20-30 بالمئة من كلفة البناء، وهو الآن يعمل في مختبره الخاص في "الرقة" ويتعاون مع نقابة المهندسين وهو أول من أدخل دراسة مكانيك التربة إليها عام 2005.