تبنى "آرام ديكران" وصية والده ليخدم الموسيقا الكردية، وحقق في مجمل أغانيه الجمال والإنسانية والتعايش ومحبة الشعوب، لتكون هذه الأشياء رسالته في الحياة، بعيداً عن كسب المال والشهرة.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 15 حزيران 2018، "سلام مراد" الإعلامي والمهتم بشؤون الموسيقا في مكتبه بمبنى "اتحاد الكتاب العرب"، حيث قال: «مثّل الموسيقي الراحل "آرام ديكران" جسراً روحياً للمحبة والتواصل بين الكُرد والأرمن، لأنه أرمني من ناحية الولادة والأصل، وتربى في بيئة كردية، فحمل معه ثقافتين متآخيتين، وقد سلك درب الأحزان والآلام والأفراح والأتراح لكلا الشعبين، سائراً على طريق من سبقه، مثل "غربيت خاجو"، وغيره من الفنانين والمغنين الذين كونوا أسراباً من الطيور والبلابل المغردة في سماء الأغنية الكردية والأرمنية على حد سواء، كما تميز "آرام" بعزفه على آلة فريدة وهي آلة "الجمبش" التي تجمع بين القديم والجديد، التراث والمعاصرة، لأنها آلة وسيطة بين "الطنبورة والعود"، وتتميز بصوتها المختلف عن باقي الآلات التي تعدّ من عائلة "الطنمبورة"».

يتميز الفنان "آرام ديكران" بأغانيه الفنية السلسة، فهو يستخدم جملاً موسيقية بسيطة، لكن في الوقت نفسه تملك جمالية إبداعية ملأى بالحيوية قريبة من القلب وتسكنه من دون أي ثقل

وقال أيضاً: «إضافة إلى هذه الميزات يمثّل "ديكران" مدرسة في الغناء والموسيقا، متفرداً بأسلوبه وعزفه وغنائه، ووسع الرقعة الجغرافية واللغوية والإنسانية من ناحية الانتشار والغناء، هو ابن الجبال، أبيض نقي مثل ثلج الجبال، يذوب مع الغناء والعشق لكي يبقى ماشياً ومسترسلاً إلى حيث الهضاب والسهول والوديان، صوته رخيم، عذب، جميل، حفر اسمه بحروف من ذهب في سماء الموسيقا والغناء الكردي، فأصبح مدرسة ورمزاً غنائياً وروحياً، سافر وهاجر إلى أماكن ودول كثيرة، لكنه تعلق بالشرق والموسيقا الشرقية التي تأخذه إلى مسقط الرأس، ومكان الولادة والنشأة والصبا، والطبيعة والجمال».

ديكران بإحدى حفلاته

وأضاف: «عبر "آرام ديكران" عن شخصيته ومكنوناته بأغانيه وموسيقاه التي انتشرت وتناقلتها وسائل الاتصال والتواصل، أحبه الناس، ورددوا أغانيه من جيل إلى جيل، حتى يومنا هذا، هذه الأغاني التي تصف الحب والجمال والسلام عبر مسيرته الفنية التي امتدت إلى أكثر من خمسة عقود».

"جمو سعيد"، الملحن وعازف على آلة "الطنمبورة"، قال: «يتميز الفنان "آرام ديكران" بأغانيه الفنية السلسة، فهو يستخدم جملاً موسيقية بسيطة، لكن في الوقت نفسه تملك جمالية إبداعية ملأى بالحيوية قريبة من القلب وتسكنه من دون أي ثقل».

سلام مراد

أضاف: «نأتي إلى كلمات أغانيه؛ فنجدها بالأسلوب نفسه، غنية بمضمونها وببساطة شعبية، من دون أن يبتعد عن أدب اللغة الكردية، بل في صميمها ولفظه ونطقه لهذه الكلمات واضح جداً، وهذا من أسرار نجاح الأغنية. فقد استطاع أن يحقق كل مقومات الأغنية الناجحة التي يمكن وصفها بالسهل الممتنع، إلى درجة تشعر بأنك تسمع أغاني فولكلورية جديدة لا تموت».

"عادل محي الدين" صانع آلات وقريب من "ديكران"، يقول: «عرفته وهو في الثلاثين من عمره، أحضر حفلاته، ونتشارك الجلسات، قريب من القلب، يتعامل مع من حوله بسلاسة، وبكل صدق وأمانة، عازف ماهر على آلة "الجمبش"، وعدَّل على آلته ليعطي جملاً لحنية بأسلوب أدق».

جمو سعيد

الجدير بالذكر، أن "آرام ديكران" ولد عام 1934 في مدينة "القامشلي، الحسكة" من أم أرمينية نجت من المجازر التي قام بها العثمانيون، غنى باللغة الكردية، له منها ما يقارب ثلاثمئة أغنية من ألحانه وكلمات أبرز الشعراء، مثل: "جكر خوين، سيداي تيريش"، وغيرهما، كما غنى بالأرمنية والعربية، أقام العديد من الحفلات في أغلب الدول العالمية، توفي بالعاصمة اليونانية "أثينا" في الثامن من آب 2009، تاركاً خلفه مكتبة غنائية ثرية.