انطلق مع ريشته في مرحلة مبكرة من عمره، تعلم المهنة من دون معلّم، وقدّم لوحات مميزة خلال دراسته الثانوية أهّلته ليكون رساماً متميزاً، سطّر خلال مشواره الفني محطات فنية جميلة.

مدوّنة وطن "eSyria" بتاريخ 2 نيسان 2018، زارت الرسام "وليد مراد" في منزله بمدينة "القامشلي" ليسرد عن رحلته الفنية الحافلة بالعناوين المهمة، فقال: «كنتُ طفلاً أرافق والدتي إلى جميع المنازل التي تزورها، وما لفت نظري حينئذٍ الستائر التي كانت تعلق على النوافذ، من حيث الرسوم التي كانت مطبوعة عليها، وعند عودتي إلى المنزل، كنت أحمل قلم الرصاص، وأبداً رسم تلك الأشكال التي ظلّت في ذاكرتي، هذه الانطلاقة وأنا تلميذ في الصف الخامس، وبات عملاً يومياً لي، حتّى إنني كنت أجلب صوراً من الأفلام الكرتونية، مثل: "سندباد، عدنان وليلى"، وغيرهما، لأرسمها وأذهب بها إلى المدرسة، حيث كانت معلمة التربية الفنية تعبّر عن إعجابها الشديد بالرسومات، وتشجعني على الاستمرار؛ لذلك كان قراري أن أمتهن الرسم بأسلوب احترافي. ووصلت إلى المرحلة الإعدادية، فدخلت بعض لوحاتي في معارض المدرسة وباقي مدارس المدينة، فزاد تعلقي وثقتي، لكن الوالد لم تكن لديه القدرة على تأمين مستلزمات الرسم، فاضطررت للعمل في فصل الصيف، ومتابعة تحصيلي الدراسي أثناء الدوام، وتوجهت إلى العمل في "دمشق" وأنا تلميذ في المرحلة الإعدادية، مارست أعمالاً صعبة لتأمين مستلزماتي».

يملك ثقافة كبيرة في الرسم، مبدع في كل ما يرسمه، تعلمت منه الكثير، وساهم بتعليم عدد من الشباب مهنة الرسم، تخصص بالفلكلور الخاص بمنطقته، وهذا بحد ذاته تفوق. وإبداعه في رسم لوحات الاستشراق دليل واضح على التميز، هذا إلى جانب قدرته على الرسم بكل الطرائق والأساليب، وهذه نادرة لدى الفنانين

في مرحلة مبكّرة من عمره ظهر إبداعه الفني للعلن، وعن ذلك تابع: «كنتُ طالباً في الثاني الثانوي عندما مارست عمل "العتالة" بحمل أكياس الحبوب، فطلب أحد المسؤولين في صوامع الحبوب رسم شخصية بمقاسات كبيرة، فتم نصحه بي، فتم تحقيق ذلك بجدارة، حسب ما قاله بعد إنجاز اللوحة، وقدم مبلغ800 ليرة سورية كهدية، وخلال شهر أنجزت له خمس لوحات لصور شخصية بمقاسات كبيرة، حينئذٍ باتت لدي القدرة على شراء جميع ما يلزم من مواد وأدوات للرسم، فتفرغت للدراسة. وأثناء خدمة العلم، تم تفريغي لقسم الرسم، حيث قمت برسم لوحات تتجاوز أعدادها المئات، وخاصة على الجدران، ولا تزال بعض الرسومات على جدران "دمشق" كما في منطقة "السيدة زينب" حاضرة إلى الآن. وبعد التخرج في معهد إعداد المعلمين، كانت لي مبادرة بافتتاح أول معرض فني في ريف "القامشلي"، حيث عبر الجميع عن نجاح الفكرة، وإبراز صور ولوحات رائعة، خاصة أنها للتراث والطبيعة».

لوحة تراثية

وعن الألوان التي يستخدمها وقصته مع التراث، يضيف: «أستخدم جميع الألوان في لوحاتي، لكنني متمسك بالألوان الزيتية، لأنها أقرب إلى الحقيقة وأكثر تعبيراً، هذا إلى جانب استخدامي للسكين في بعض اللوحات كما في رسم الحارات الشامية، هذا النوع صعب للغاية، لكنه يظهر بجمالية كبيرة. انتقلت من رسم الشخصيات إلى رسم لوحات الاستشراق، وأول لوحة لي معها استغرقت 15 يوماً، لما فيها من تعقيدات، وكثرة الشخصيات التي تتطلبها الصورة، لكنني تميزت فيها أيضاً، ولوحاتي وصلت إلى مختلف الدول العربية والأوروبية، منها: "أميركا، فرنسا، بريطانيا، ألمانيا، تركيا، العراق"، ومختلف دول الخليج العربي.

عام 2000، توجهت إلى "دمشق" لمتابعة مهنة الرسم هناك لمدة 11 عاماً، وأثناء وجودي فيها افتتحت عدة معارض، أحدها في "خان أسعد باشا" بالاشتراك مع رسامين من مختلف المحافظات، ومعرض آخر في "المركز الثقافي الروسي"، وحتى بعد عودتي إلى "القامشلي" استمريت بإرسال اللوحات إلى "دمشق". وفي مدينتي افتتحت معرضاً أيضاً عام 2014، وقبل عامين توجهت إلى الرسم على الجدران بلوحات معبرة وجميلة تخص التراث والفلكلور، وبدأت بجدار الصوامع 21 متراً، ثم جدار الصالة الرياضية 18 متراً، وقبل أيام أنجزت أكبر لوحة جدارية على مستوى المحافظة، وكانت على جدار محطة القطار، طولها 53 متراً، هذه اللوحة كانت بمساعدة الرسام "سامر كالو". وفي لوحاتي أستخدم كل الأقلام سواء الرصاص أو الفحم والمائي والزيتي، إضافة إلى رسم لوحات على البللور، وأخرى على الرمل، وهي معقدة وصعبة للغاية، وخلال مسيرتي الفنية أملك آلاف اللوحات المنوعة، أكثرها الفلكلورية والتراثية التي تتحدث عن "الجزيرة السورية" والحارات الشامية».

أكبر لوحة جدارية في القامشلي

الرسام الشاب "فاروق علي" من أبناء مدينة "القامشلي"، تحدّث عن زميل المهنة، فقال: «يملك ثقافة كبيرة في الرسم، مبدع في كل ما يرسمه، تعلمت منه الكثير، وساهم بتعليم عدد من الشباب مهنة الرسم، تخصص بالفلكلور الخاص بمنطقته، وهذا بحد ذاته تفوق. وإبداعه في رسم لوحات الاستشراق دليل واضح على التميز، هذا إلى جانب قدرته على الرسم بكل الطرائق والأساليب، وهذه نادرة لدى الفنانين».

يذكر أن "وليد مراد" من مواليد مدينة "القامشلي"، عام 1970.