القراءة هاجسها الذي رافقتها منذ الصغر، والشعر طفلها المدلل الذي فضّلته عن سائر الأجناس الأدبية، الذي عبرت من خلاله عن مكنوناتها وهواجسها، ونقلت رسالة المحبة والتفاؤل والجمال؛ إنها الأديبة "ميادة سليمان".

مدونة وطن "eSyria" تواصلت مع الأديبة "ميادة مهنا سليمان" بتاريخ 27 كانون الأول 2017، وعن مسيرتها الأدبية حدثتنا بالقول: «الكتابة رافقتني منذ الطفولة، فكنت أكتب الخواطر والقصص والشعر؛ ففي الصف الرابع الابتدائي كنت متميزة في كتابة مواضيع التعبير الأدبي، وشاركت بمسابقات رواد الطلائع بمجال التعبير الأدبي، وفي المرحلة الإعدادية ازداد حبي للغة العربية، ولا سيما أنني كنت أحظى بالتشجيع والثناء من قبل المدرّسين، وكان ذلك دافعاً كبيراً بالنسبة لي لدراسة الأدب العربي الذي أغنى مفرداتي اللغوية وطورها، وأضاف إلى كتاباتي الكثير من الصور الشعرية المكثفة بمعانيها، فاللغة بحر، ويجب أن أستزيد منها كلما سنحت لي فرصة التأمل في معاجمها وقواميسها، أضف إلى أن لوالدي الدور الأكبر في تطوير موهبتي الأدبية؛ فقد كان يزودني دائماً بالكتب والدواوين الشعرية المتنوعة، ككتب "الجاحظ"، و"تولستوي"، و"غوركي"، و"جبران خليل جبران"، و"حنا مينا"، و"نجيب محفوظ"، و"إحسان عبد القدوس"، وكنت أدوّن على دفتر صغير بعض الجمل التي كانت تعجبني، وكنت أستفيد منها في مواضيع التعبير الأدبي، فقد كان أيضاً للقراءة الدور الكبير في تعلقي بالشعر وإتقاني له في عمر مبكر، وخصوصاً أنني كنت أستثمر كل أوقات فراغي بالقراءة وكتابة الخواطر والقصص.

من خلال متابعتي لكتابات الشاعرة "ميادة سليمان" منذ ثلاثة أعوام، وجدتها تمتلك ناصية الحروف، حيث نجد من خلال كتاباتها أن الحروف والكلمات تطيعها بأسلوب سلس وممتع، بالأحرى نجد أن نتاجها الأدبي من السهل الممتنع، من خلال طرحها للموضوعات المختلفة والصور الشاعرية المتفردة بأسلوبها، إضافة إلى امتلاكها إحساساً مرهفاً تستطيع نقل القارئ من خلاله بسهولة من حالة الى حالة أخرى

فأصبح الشعر عالمي الخصب، وحديقتي التي أتنزّه فيها من دون كلل أو ملل؛ فهو تلك الحالة الجميلة التي أعبر فيها عن مكنونات نفسي، فمن خلاله سافرت وقابلت أشخاصاً أحبهم عبر خيالي الشّعري. أما القصيدة، فهي الهاجس الجميل الذي يسرقني من كل شيء».

ديوانها "تباً للقرنفل الأحمر"

وعن الأنواع الأدبية التي كتبتها، قالت: «تنوعت كتاباتي ما بين الومضات بكل أنواعها القصصية والشعرية، والقصص القصيرة، وبعض الأجناس الأدبية الجديدة (الهايكو، والهايبون، والمجزوءة)، كما أنني كتبت قصائد الشعر بأنواعها التي احتلت مكاناً مهماً في كتاباتي لكونها أقرب إليّ، وكتبت الخاطرة الأدبية، وبرأيي يجب عدم الخلط بينها وبين قصيدة النثر، فهناك شعرة بينهما لا يراها إلا ذو بصيرة أدبية قوية ومتميزة، ويا للأسف، مازال بعضهم عاجزين عن التمييز بينهما، أضف إلى أنني لم أكتب الرواية والمسرحية، لكنني أطمح إلى تحقيق ذلك يوماً ما، فالإبداع جملة فلسفية تقاناتها تقارب الجمل الشعرية وإيحاءاتها تماثل الروح والأفكار التي تدور بمخيلتي للتعبير عن مكنوناتي وهواجسي، فالشاعر يصبح مبدعاً حين يستطيع أن يعبر بحروفه ببراعة عن كل الأشياء التي يراها من حوله ويلامس قلوب الآخرين بأشعاره، فعن طريق الشعر نعبر عن مواجعنا سواء أكانت على الصعيد الشخصي، أم العام، كالوطن والحرب والتشرد واللجوء والفقر والبطالة. ومن خلال كتاباتي أحاول أن أنشر جوّ السعادة والفرح في قلوب من حولي، وخصوصاً في أيامنا هذه؛ فقد تعب الناس من ظروف الحياة وضغوط العمل والحروب وما جرّته من مآسٍ وويلات، فالجمال ضروري في الأدب؛ فهو مصدر المتعة بالنسبة للمتلقي، ولا يهمني شكل القصيدة بقدر ما يهمني مضمون كلماتها والإحساس الذي كتبت فيها، وبرأيي لا بد للشاعر أن يواكب الحداثة بمفرداته فنحن نعيش عصر السرعة والحداثة؛ لهذا فالقصيدة الحديثة خير معبر عن ذلك؛ إذ ليس من المنطقي أن نلبس ثوب عصرٍ لم نعشه؛ لذلك أفضّل الشعر الحديث، وأحاول من خلال كتاباتي تبسيط لغتي الشعورية، فلا أحب الغموض والتكلف والإغراق في الرمزية».

وتابعت: «النقد نشاط عقلي له علاقة بالفكر والذوق، فإذا اتبعنا العقل والمنطق نكون موضوعيين، بينما إذا أتبعنا الذوق نكون تأثيريين، فالناقد الحقيقي هو من يحاول أن يخلق توازناً بين الجوانب (الذاتية والموضوعية) من خلال كتاباته، أضف إلى أن الكتابة فعل قناعة وتأمل، وهي اختارتني لأكون كاتبة وجعلتني في حالة عجيبة أحبها وأستمتع بها إلى أن أتم النص الأدبي، لهذا فالكتابة هنا حالة عفوية، بينما نجد أن الكتابة القصدية تتطلب إعمال الفكر وتحريك ملكة النقد لدى الكاتب، فالعلاقة حميمية بين قصدية الكتابة وعفويتها؛ فلا يمكن لعفوية الكتابة أن لا تمتلئ بالمقاصد، ولا يمكن لقصدية الكتابة أن تخلو من عفوية الحب الذي يبتكره الكاتب في كتاباته، وخصوصاً أن الفكر عبارة عن مجموعة ثقافات مرت بحياة الإنسان يختزلها ويهضمها، ثم تظهر في اتجاهه النقدي بعد تمثلها، فلا بد للشاعر أن يكون مثقفاً وملماً بكل جديد، ومطلعاً على الموروث الثقافي والتعليمي والاجتماعي، فالدراسة والثقافة تساهمان في تحسين وتجميل الذائقة الأدبية عند الأديب، لكن وجود الموهبة شرط أساسي لتميز الأديب وتألقه، أضف إلى أن للملتقيات الأدبية دوراً في التعريف بنتاج الكاتب وتنشيط الحركة الثقافية، لكن -يا للأسف- هذا غير كافٍ، فنحن بحاجة إلى مهرجانات كبيرة للنهوض بالأدب والشعر».

شهادة تكريم لحصولها على المركز الأول

وعن كتاباتها، قالت: «تم اختياري من قبل الكاتب المصري "حسن الفياض" لأكون بين نخبة من نقاد الوطن العربي، فقدمت 12 دراسة نقدية لـ12 ومضة أدبية لعدة كتاب عرب، ونشرت جميعها في الاتحاد الدولي للأدباء والشعراء العرب، وكتبت نحو 300 قصيدة، و100 قصة، وحصلت على قرابة 600 شهادة تكريم نلتها بسبب فوزي بمسابقات أدبية متنوعة، ونشر لي في العديد من المجلات والصحف العربية بأكثر من دولة عربية، ومن إصداراتي ديواني: "تباً للقرنفل الأحمر"».

عنها قال الأديب "هايل اشريفة" الملقب بـ"شاعر الياسمين": «من خلال متابعتي لكتابات الشاعرة "ميادة سليمان" منذ ثلاثة أعوام، وجدتها تمتلك ناصية الحروف، حيث نجد من خلال كتاباتها أن الحروف والكلمات تطيعها بأسلوب سلس وممتع، بالأحرى نجد أن نتاجها الأدبي من السهل الممتنع، من خلال طرحها للموضوعات المختلفة والصور الشاعرية المتفردة بأسلوبها، إضافة إلى امتلاكها إحساساً مرهفاً تستطيع نقل القارئ من خلاله بسهولة من حالة الى حالة أخرى».

من الشهادات التي حصلت عليها

الناقد الأدبي "عماد نوير" حدثنا عنها قائلاً: «تميزت الأديبة "ميادة سليمان" بأسلوبها المتميز والصبغة الفنية الناصعة في طرحها للحكاية بطريقة مستساغة وغير مملة وسهلة الفهم والاستيعاب؛ وهو ما جعل قصتها "حسرة" تتصف بحبكة ممتازة وتماسك جميل ورقيق وتسلسل حدثي موفق، إضافة إلى الفكرة السليمة والواضحة والمقبولة التي يقابلها هدف ومغزى ساميان يحكيان عن حالة مجتمعية بصيغة أدبية على شكل قصة، على الرغم من أن الفكرة قد تطرقت إليها العديد من الأقلام الأدبية، إلا أنها استطاعت أن تحجز لنفسها مكاناً يودي بالنصوص السابقة إلى وادي النسيان واحتلال النص الجديد لمخيلة القارئ».

يذكر أن الشاعرة "ميادة مهنا سليمان" من مواليد "حمص"، وخريجة أدب عربي، قضت أغلب حياتها في مدينة "القامشلي" بـ "الحسكة"