مدينةٌ كبيرةٌ يحيط بها نهر "دجلة"؛ لذلك سميّت جزيرة، فيها سوق عتيق، ومسجد مبني من الحجارة محكم البناء، وسورها مبني من الحجارة أيضاً. ويوم نزل بها "ابن بطوطة" رأى "جبل الجودي" الذي استوت عليه "سفينة نوح".

مدونة وطن "eSyria" وبتاريخ 6 آب 2017، التقت الكاتب والباحث "إبراهيم عواد خلف" ليحدثنا عن تاريخ الجزيرة، فقال: «هي بلدة الآن، وبعد الاحتلال التركي وقعت فيما سمي محافظة "شرناق" التركية، ويحيط بها نهر "دجلة" من الجنوب والشمال والشرق، ولهذا أطلق عليها اسم جزيرة. أما أغلب سكانها، فهم من العرب والآشوريين والسريان والكرد، أطلق عليها الأتراك اسم "جزرة"، أما السريان، فسموها "جزرتا"، ومفردها جزر؛ أي المقطوع؛ لكونها منطقة بعيدة ونائية عن مدن الجوار.

هناك رواية أخرى حول بنائها، وهي أن منشئها "الحسن بن عمر بن الخطاب التغلبي"، وكان معاصراً لولايتي "الأمين والمأمون" ولدي "هارون الرشيد"، فبناؤها يكون في دولة أحدهما. ولما توفي المذكور تولاّها بعده أخوه "أحمد بن عمر بن الخطاب"، ولم يزل عليها إلى أن توفي في أيام "المأمون". والآثار الموجودة إلى يومنا هذا تدل على أن الجزيرة كانت تحوي العديد من مدارس العلم، مثل المدرسة الحمراء والمدرسة العبدلية، ومدرسة السليمانية، والمدرسة الرضوية، عدا الحلقات العلمية التي كانت تتوفر في المساجد. وتبقى جزيرة "ابن عمر" السورية منبعاً حضارياً وثقافياً مهماً يساهم في رفد الثقافة السورية والعربية والعالم ككل بمنتج ثقافي متميز يدعو إلى الفخر

أما سبب تسميتها جزيرة "ابن عمر"، فقد قيل إن من بناها رجل من الموصل اسمه "عبد العزيز بن عمر"، ويطلق عليها في الوقت الحالي "جزيرة بوطان" أو "بوتان". ولهذه البلدة مكانة تاريخية إبان العصر العباسي، لكونها بوابة تربط بلاد وادي الرافدين بمنطقة "أرمينيا"، وكانت جزءاً من مملكة "كومة" الواقعة إلى الشمال من مملكة "آشور" في العصر الحديدي المبكر، كما كانت مكان عبور "الإسكندر المقدوني" باتجاه نهر دجلة سنة 331 قبل الميلاد. وفي الموروث الإسلامي، يذكر أن جزيرة "ابن عمر" أسسها نبي الله "نوح" على سفح جبل "الجودي"، في ذات الموقع الذي استقرت سفينته بعد الطوفان، وفيها يوجد قبره، وقد ذكر أن الخليفة "عمر بن الخطاب" قد حول بقايا السفينة إلى مسجد.

الجزيرة عبر غوغل إيرث

كما كانت الجزيرة مقرّاً لأساقفة السريان في القرن الرابع الميلادي، وفي القرن التاسع عشر كانت مقرّاً للأساقفة الكلدان، وقد قلّ عدد أتباع الطائفة السريانية نتيجة مذابح الأرمن 1915م. أما أشهر معالمها، فهو الجامع الكبير، وضريح النبي "نوح"، والمدرسة الحمراء».

ويضيف "إبراهيم خلف": «وصفها "ياقوت الحموي" بـ: (بلدة فوق "الموصل" بينهما أيام وليال، ولها رستاق مخصب واسع الخيزران يحيط بها دجلة إلا من ناحية واحدة شبه الهلال)، كما يقول عنها المؤرخون إنها مركز تجاري مهم، وملتقى التبادل التجاري، زد على ذلك أن نهر دجلة يمر فيها حاملاً الخيرات على متن "الكلاك" قادماً من الشمال متوجهة مع تيار الماء إلى "الموصل" و"تكريت" ثم "بغداد"، وبسبب تربتها الخصبة، ومياهها الغزيرة هي غنية بالمنتوجات الزراعية والحيوانية، كما كانت محط أنظار التجار الأوروبيين بسبب نوعية خشب البلوط الذي كان يكثر فيها، الذي ينقلونه إلى أوروبا لصناعة أفضل أنواع البيانو.

بعض الآثار الباقية إلى الآن

عرفت جزيرة "ابن عمر" نهضة فكرية وعلمية، ونبغ فيها رجال أعلام مشاهير من المؤرخين والفقهاء والمفسّرين والأدباء والشعراء، انتشروا في أرجاء الدولة الإسلامية، وفي طليعتهم "بنو الأثير" صاحب كتاب (الكامل في التاريخ) وإخوته والفيزيائي الشهير "إسماعيل بن الرزاز الجزري" وعالم الحديث والقراءات "أبو الخير شمس الدين بن يوسف الجزري" والفقيه "طاهر إبراهيم بن محمد بن مهران الجزري" والفقيه والمدرّس "أبو القاسم عمر بن محمد بن عكرمة بن البزري الجزري" والشاعر الكبير "حسين بن أحمد بن حسين الجزري"، وفي العصر الحديث العالم والفقيه والأديب الشهيد "محمد سعيد رمضان البوطي"؛ لذلك سميت جزيرة ابن عمر مهد المبدعين».

أما الباحث "أيهم إسماعيل حمدوش"، فيقول: «هناك رواية أخرى حول بنائها، وهي أن منشئها "الحسن بن عمر بن الخطاب التغلبي"، وكان معاصراً لولايتي "الأمين والمأمون" ولدي "هارون الرشيد"، فبناؤها يكون في دولة أحدهما. ولما توفي المذكور تولاّها بعده أخوه "أحمد بن عمر بن الخطاب"، ولم يزل عليها إلى أن توفي في أيام "المأمون". والآثار الموجودة إلى يومنا هذا تدل على أن الجزيرة كانت تحوي العديد من مدارس العلم، مثل المدرسة الحمراء والمدرسة العبدلية، ومدرسة السليمانية، والمدرسة الرضوية، عدا الحلقات العلمية التي كانت تتوفر في المساجد. وتبقى جزيرة "ابن عمر" السورية منبعاً حضارياً وثقافياً مهماً يساهم في رفد الثقافة السورية والعربية والعالم ككل بمنتج ثقافي متميز يدعو إلى الفخر».